دولة السودان كانت تعرف بانها دولة قارة حيث المساحة الشاسعة والمناخات الجغرافية المتنوعة من مناخ البحر المتوسط شمالا والمناخات الصحراوية وشبة الصحراوية حتى المناخات المدارية جنوبا – 200 مليون فدان صالحة للزراعة و9 انهر جارية وامطار تصل الي 800 ملم سنويا وثروات معدنية في ظاهر الارض وباطنها من ذهب و حديد الي كروم وغيرها اضافة الي 135 مليون راس من الثروة الحيوانية التي ترعي بمراعي طبيعية – ثم اكثر من 30 مليون نسمة من الموارد البشرية ذات التنوع الثقافي نتيجة التقاء العنصر العربي مع العنصر الافريقي وتمازجهم لإخراج الشخصية السودانية المتفردة – كل ذلك يعتمد على ارث تاريخي عريق يمتد الى الاف السنيين في عمق التاريخ الانساني – ادى ذلك الي ترشيح السودان من قبل العديد من المنظمات الاقليمية والدولية المعنية الى ان يكون سلة غذاء العالم . - سوء السياسات وسوء اداره الدولة منذ الاستقلال ادى الى عدم الاستفادة من هذه الامكانيات والموارد الكبيرة حتى وصلت الانقاذ الي السلطة والحكم المطلق لحزب واحد منذ 26 عاما متواصلة بدون انقطاع ، الي ادراج السودان ضمن اخر خمسة دول في العالم من حيث ضعف خدمات الصحة والتعليم والشفافية وحقوق الانسان وقد قاد سوء السياسات والتطرف الي اطول حرب اهلية بالقارة الافريقية وفي النهاية الي انفصال جنوب السودان والي اندلاع حروب في غرب البلاد وجنوب كردفان وتوترات في شرق السودان – كما ادي ضعف الدولة الي طمع الدول المجاورة لأراضي السودان فالان حلايب وشلاتين والفشقة وارقين وغيرها مناطق محتلة . - لحسن الحظ ان سلطة الانقاذ سعت فقط لتدمير ما هو قائم من مشاريع ومن بنيات تحتية والا كانت كل موارد السودان قد دخلت في جيوب قادة الحزب الحاكم وسماسرته كما دخلت ايرادات البترول والتي قدرت بأكثر من 100 مليار دولار فالأراضي الزراعية المستغلة حتى الان لا تتجاوز ال 20% من المساحات المتوفرة ولا زالت الثروات المعدنية والحيوانية دون استفلال يذكر وهذا من حسن الحظ – اذ لازال السودان يحتفظ بالكثير من الخيرات والامكانيات والموارد الطبيعية التي من الممكن في حال وجود حكومة رشيدة ان تقفز بالدولة في فترة وجيزة الي مصاف الدول المتقدمة . - كل مناطق السودان تزخر بالثروات والموارد الطبيعية (مناطق دارفور ، كردفان ، الشمالية ، الجزيرة الكبرى ، شرق السودان والعاصمة) مما يسهل من امكانية تطويرها وتنميتها باستغلال مواردها الذاتية وما يفيض عنها يحول للمركز مما يمكن من احداث التنمية المتوازنة واحداث الطفرة المطلوبة للدولة . – المنطقة النوبية هي جزء من المنطقة الشمالية والتي تمتد الي مساحة 500 كلم والتي تسعي الدولة لإغراقها بإنشاء سدى دال وكجبار من اجل توليد الكهرباء لا تتعدى 600 ميجاواط وتنمية المنطقة كما يدعون ودون التساؤل حول كيفية استخدام كلمتين متضادتين في جملة واحدة اذ لا يمكن ان تستخدم كلمة تنمية وكلمة اغراق للحديث عن منطقة واحدة فلا يمكن ان تغرق ارض لأجل تنميتها الا في مثال البصيرة ام حمد الشهير والذي يطلق على الرعونة في اتخاذ القرارات – الأرض النوبية تعادل اقل من 10% مما تبقى من مساحة السودان يمكن تنميتها وتطويرها باستغلال الموارد الموجودة بها الان و بقليل من الصرف عليها - نستعرض فيما يلي اهم تلك الامكانيات . +المنطقة النوبية توجد بها اكثر من 15 مليون فدان من اخصب اراضي العالم المسطحة والتي تصلح لإنتاج القمح والفول المصري والعدس والشمار وجميع انواع البقوليات وبإنتاجية عالية للفدان يساعد علي ذلك توفر المياه والطقس البارد شتاءا ومزارع له خبرة الاف السنين – كما يمكن زراعة الذرة في العروة الصيفية – هذه المحاصيل يمكن ان تكفى حاجة السودان من الحبوب الغذائية وعلي وجه الخصوص القمح والذى تدفع الحكومة له فاتورة سنوية حوالي 300 مليون دولار . +طقس المنطقة النوبية طقس مثالي لإنتاج كافة انواع الحمضيات البرتقال والجريب فروت واليوسفي والليمون وغيرها من الموالح – اضافة الي التخصص في زراعة اشجار النخيل وايضا يمكن ان يكفي حاجة السودان من الفواكه . + -تزخر بحيرة النوبة (السد العالي) بألاف الاطنان من مختلف انواع الاسماك ولضعف الاستغلال توحشت الاسماك وصارت بأحجام ضخمة – والجدير بالذكر انه كان يوجد مصنع للأسماك بوادي حلفا كان يقوم بتجهيز الاسماك وتوريدها للعاصمة الا ان المصنع توقف تماما بعد تسليمه لمنظمة الشهيد والتي قامت بتدميره مثلما حدث للعديد من مؤسسات الدولة . +المنطقة النوبية توجد بها سلسلة من الجبال والتي تزخر بالعديد من المعادن المؤكد منها الحديد والذهب والجير وبها مادة خام يمكن ان تزيد من انتاج السودان من الاسمنت والجير والجبس بحيث يمكنه من تصدير الفائض . +المنطقة النوبية تزخر بالعديد من الاثارات التي تعتز بها البشرية جمعاء وهى امتداد لاثارات المنطقة النوبية المصرية والتي تدر على الدولة المصرية اكثر من 15 مليار دولار سنويا وبقليل من الاهتمام والعناية بالاثارات يمكن للسودان ان يكون قبلة للسياحة ومصدر ضخم من العملات الصعبة - نحن الان في عصر تسعي فيه الدول التي لا تاريخ لها لصنع تاريخ جاذب لتفتخر به ولتجعله مفخرة لأجيالها القادمة اما نحن فقد ابتلينا بحكومة تسعي سعيا حثيثا لمحو أي اثر تاريخي للدولة . نلخص الامر في ان المنطقة النوبية يمكن لها ان تكفى السودان من القمح والبقوليات والفواكه ويمكن ان تنشا بها مصانع لتعليب الفاكهة وصناعة الاسمدة والاسمنت والجير والتعدين لتوفر المواد الخام – كما انها يمكن ان تكون منطقة جذب سياحي عالمي – كل هذه الانشطة الاقتصادية يمكن ان توفر للدولة العملات الصعبة وتفتح الاف من فرص العمل للشباب وتكون بداية الطريق نحو تحقيق اشواق المنظمات الاقليمية والدولية بان يكون السودان سله غذاء العالم فقط تحت ادارة حكومة رشيدة – فهل يمكن بعد ذلك الحديث عن الاغراق من اجل التنمية |؟! [email protected]