لقد خرجت جموع لا يستهان بها من بنات وأبناء شعبنا الى الشوارع ضد نظام الموءتمر ألوطنى الذى يمثل أقبح أشكال الظلم والديكتاتورية والفساد. وكما هو متوقع لم يتردد أمن وعصابات الموءتمر فى التعامل الوحشي والضرب بالرصاص الحى غير مبالين بالقتل فى سبيل اطالة عمر نظامهم المنهك والذى انهك البلاد وقسمها وجعلها فى اخر القائمة على كافة المستويات الا الفساد والبؤس والفقر. ولقد ارتفعت أصوات بعض المخذلين الذين يشفقون على ارواح المتظاهرين ويخافون من انفراط عقد الأمن ونشوب الحرب الأهلية فى الخرطوم. وطبعا لا احد يستهين بارواح المتظاهرين من بنات وأبناء شعبنا الا عصابة الموءتمر ألوطنى. ولا احد لا يبالى بوضع بلادنا الذى تدنى ويتدنى مع شروق شمس كل يوم الا عصابة الموءتمر ألوطنى. ولكن دعونا نتفحص حجة عدم الخروج وننظر فى الخيارات المتاحة. لدينا ثلاثة خيارات لا رابع لهما فى نظرنا وهى: 1- ان لا نفعل أية شيى ويستمر هذا النظام كما هو حتى نحافظ على ارواح بنات وأبناء شعبنا ونحافظ على الأمن ونتجنب الحرب الأهلية. وهى لعمرى حجة واهية لا تمتلك قدمين للوقوف عليهما. فاستمرار هذا النظام هو اكبر خطر على حياة وأمن واستقرار بلادنا. هذا نظام ديكتاتوري انقلب على الديمقراطية بحجة اعادة الامن وبسط الاستقرار السياسى. ولعل الرجوع الى الخطاب الاول الذى القاه العميد عمر حسن احمد البشير ، المشير الان ، يوضح معنى إنقاذ الإنقاذ لبلادنا. يقول العميد البشير فى خطابه الشهير وهو يبرر انقلابه على الديمقراطية كيف ان القوات المسلحة كانت " تترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى أوجه الحياة وقد كان من أبرز صوره فشل الأحزاب السياسية في قيادة الأمه لتحقيق أدنى تطلعاتها في الأرض والعيش الكريم والاستقرار السياسي حيث عبرت على البلاد عدة حكومات خلال فترة وجيزة وما يكاد وزراء الحكومة يؤدون القسم حتى تهتز وتسقط من شدة ضعفها وهكذا تعرضت البلاد لمسلسل من الهزات السياسية زلزل الاستقرار وضيع هيبة الحكم والقانون والنظام." ولعل نظرة سريعة الى التدهور الذى احدثه نظام الموءتمر ألوطنى منذ قدومه فى يونيو 89 ووضعنا اليوم توضح ما حصدته بلادنا من نظام الإنقاذ. فلم يتحقق أية استقرار، فلقد تم فصل جنوب البلاد وجعل الانفصال خيارا أفضل لابناء جنوب السودان. النظام لا زال يحارب على مدى ربع قرن ولم يحقق استقرارا بل حقق وضعا ملتهبا يهدد بانفصال اجزاء اخرى من بلادنا. وان كان النظام قد ركز على عجز أحزابنا وقادتها وخاصة السيد الصادق المهدى فى قيادة الأمة لتحقيق أدنى تطلعاتها فى العيش الكريم، فقد دفع شعبنا ثمنا باهظا لبسط استقرار زائف بداء ببيوت الاشباح وحظر التجول ومذبحة الخدمة المدنية لبسط الاستقرار لعصابات الموءتمر ألوطنى لتنهب وتسرق وتفقر البلاد والعباد. ان العميد المشير الذى جاء لبسط الاستقرار انتهى مطالبا من المحكمة الجنائية الدولية للإبادة الجماعية التى ارتكبها فى حق شعبنا. ان الحديث عن فساد وفشل حكم الإنقاذ حديث مكرر لم ينكره حتى بعض قادتهم كالمرحوم يسين عمر الامام. ان عدم فعل شيى هو خيار ضار ومرفوض ولا يقبله العقل وضرره على بلادنا واضح لكل ذى عقل. 2- فعل القليل الذى يرغم النظام على الإصلاح وإشراك احزاب المعارضة فى الحكم حتى نخطو نحو الديمقراطية سلميا. هذا الخيار راق ويروق لمن يحلمون بإقامة دولة إسلامية ولا يريدون التفريط فى ما حققته الإنقاذ من اسلمة أوجه الحياة فى بلادنا. ولعل التقييم الموضوعى لهذا الطرح يُبين مدى افلاسه وخطله ومجافاته لحقائق الأمور. اولا هذا النظام لا يقبل بالشراكة ولعل علاقته بالجنوبيين بعد اتفاقية نيفاشا خير نموذج لكيفية تعامله مع الشراكات. والنموذج الاخر هو علاقته بحزب الميرغني وما حرد مستشاريه من هذا الحزب لشعورهم بالتهميش الا خير دليل على عدم إيمانه بأية شراكة. ان تعاون أية حزب مع هذا النظام بوهم اصلاحه من الداخل هو قبلة الموت لهذا الحزب فى نظر الحادبات والحادبين على بناء وطن ديمقراطى. ان عين الغباء هو محاولة نفس الشيىء لربع قرن كامل وتوقع نتاءيج مختلفة. ان من الأفضل لكل حادب على سودان ديمقراطى ان يستبعد هذا الخيار تماما عن اجندته ان كان يحلم بدور فى بناء سودان ديمقراطى. ان الذين يحلمون بإقامة دولة إسلامية فى السودان يجب الا يغفلون حقيقة ان ربع قرن من حكم الإنقاذ قد أذهبت بريق هذا الخيار وان معارضيه اكثر بكثير من الذين يتحمسون له. ان اتهام دعاة دولة علمانية ديمقراطية تحترم حقوق الانسان والقانون بالشيوعية او الإلحاد لم يعد أمرا يخيف دعاة الدولة المدنية. ان الاجتهاد على ضوء مكتسبات البشرية من احترام لحقوق الانسان وفصل للسلطات وحرية الصحافة وسيادة القانون هو امر مشروع فى ظل سودان ما بعد الإنقاذ. 3-العمل الجاد والمنظم لاسقاط هذا النظام. ان هذا هو الخيار الأوحد الذى يجب ان نعمل جميعا من اجل تحقيقه. ان احزاب المعارضة عليها العمل على وضع برنامج مفصل لمرحلة مابعد الإنقاذ. لا نقول بان التفاصيل يجب ان تكون دقيقة ولافق بعيد ولكن يمكن الاكتفاء بخطة عامه بدون تفاصيل لمشروع بناء وطن ديمقراطى ثم خطة مفصلة جدا للمرحلة الاولى لحماية الديمقراطية، دور الجيش، تصفية نظام الإنقاذ وتحقيق العدالة، وإدارة أمور الدولة من اقتصاد وسياسة. لا اعنى بهذا ان ليس لاحزاب المعارضة برنامج موحد ولكن يجب فتح النقاش حول هذا البرنامج وإشراك اكبر قدر من منظمات المجتمع المدني والنشاط والسماع الجاد لمساهماتهم وخاصة التى تختلف مع طرح هذه الأحزاب. ان على احزاب المعارضة العمل الجاد وسط الجماهير والابتعاد عن العمل الفرقى والاستعاضة بالبيانات عن النزول الى الشارع ومع الجماهير. لقد كتب الكثير مت المثقفين والاعلاميين السودانيين مبادرات جديرة بالنظر اليها لبناء جبهة عريضة تشرك بنات وأبناء السودان من الجيل الجديد فى بناء وطنهم الذى يحلمون به. وانا هنا اذكر مساهمة الأخ خالد عويس المنشورة على صفحته بالفيس وعلى صحيفة الراكوبة بتاريخ 30 ابريل 2016 ان الدور الأساسى الذى يلعبه بنات وأبناء شعبنا بالداخل لا يعنى اغفال او تجاهل الدور الذى يمكن ان يلعبه السودانيون بالخارج. هذا الدور لا يقتصر على فضح النظام ولفت الرأي العام ومنظمات حقوق الانسان ولكن يجب ان يتجاوز ذلك الى الإسهام المالى والفكري. ان احزاب المعارضة يجب ان تُمارس الديمقراطية فى داخلها وان تأخذ هذا الامر ماخذ الجد. فالديمقراطية لا يدافع عنها ولا يحميها من لا يمارسها. ولعله بديهى ان تقول ان الجماهير لن تثق فى من لا يمارس الديمقراطية للعمل من اجلها. ان بنات وأبناء شعبنا ليس لديهم الرغبة فى التضحية بارواحهم لتنصيب طاغية اخر من الجيش او إقامة ديمقراطية هشة ينقلب عليها مغامر اخر. ان كانت هناك جملة واحدة لا زالت صحيحة فى ما قاله العميد البشير فى بيان انقلابه الاول فهى اضاعة الصادق المهدى لوقت البلاد فى الكلام. [email protected]