سيد عيسى المحامي يكتب في رثاء محمد صالح زيادة فجيعتي في وفاة محمد صالح زيادة الذي كان ضمن ركاب الطائرة المصرية، ليست في صلة الرحم والدم التي تربطني به كإبن عم وأنا ليس لي أخ شقيق، وعقب خروجي من معتقلات الإنقاذ 1991، نصحني مقربون بضرورة مغادرة السودان، وقد كان محمد صالح أول من فكرت في التوجّه إليه، وبمساعدة من أصدقاء نجحت في الوصول إلى باريس في سبتمبر من ذلك العام، ونزلت ضيفاً عليه وأسرته بشقته بضواحي المدينة لمدة أربعة اشهر، وقد أتاحت لي تلك الفترة معرفته وكأنني ألتقيه لأول مرة، فقد لازمته كظله طوال مدة إقامتى معه في باريس، كنت اذهب معه الى مقر عمله بمنظمة اليونسكو، وتعرفت على مقدار محبته ومعزته في عيون أصدقائه الذين كانوا يلتفون حوله، الطيب مصطفى قاسم الجرافي و المرحوم كمال الجاك و المرحوم حسين الريح و احمد جمال و عبد الفتاح و صلاح عبد الرحمن الرفاعي وآخرين. لم يأخذ البُعد الجغرافي محمد صالح زيادة عن أهل قريته في جزيرة (بنّا) بريفي الغابة، فقد لاحظت أنه كان يعرف من أخبارهم وأحوالهم أكثر من معرفتي بهم وأنا في الخرطوم، وكانت يده ممدودة في مساعدة الضعفاء والفقراء وإغاثة المُحتاجين منهم. الذي يجلس إلى محمد صالح زيادة لا يغشاه شعور بأنه يجلس إلى رجل عالِم وصاحب ثقافة عالية ومركز قيادي في مؤسسة مثل اليونيسكو، فقد كان متواضِعاً مع الصغير والكبير، يحتفي بلقاء أي سوداني يلتقيه في فرنسا وكأنه من أهله، وكان يقوم بمساعدة الذين تدفع بهم الظروف للسفر والإقامة في تلك المناطق. كنت اتحدث مع الراحل محمد صالح زيادة قبل اسبوع من الحادث الاليم، و لا زال صدى كلماته يرن في اذني و صورته ماثلة امامي وهو يتحدث عن سفره للسودان لتلقي العزاء في والدته وبرنامجه في الأيام القليلة التي سيقضيها بين الاهل و هو لا يدري بأن القدر قد خبأ له مصيراً آخر. لقد تابعت وقفة أصدقائه في فرنسا مع أسرته، وقد هزّتني الكلمات التي كتبها في حقه صديقه الديبلوماسي والصحفي النابه الرشيد سعيد، وكذلك وقوف زوجته الأستاذة هالة بابكر النور مع أسرته، وبإسم أسرة الفقيد نتقدم لكل أصدقائه وأصدقاء أسرته في فرنسا بأسمى آيات الشكر والعرفان. ستظل ذكرى محمد صالح زيادة خالدة بيننا ما بقينا على قيد الحياة، ونسأل الله له الرحمة و المغفرة وان ينزله منزلة الصديقين و الشهداء و حسن أولئك رفيقاً، ولا حول ولا قوة الا بالله، وإنا لله و انا اليه راجعون. سيد عيسى السيد زيادة – مسقط، سلطنة عمان