في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات..) لسنا بالطبع في موضع الذي يمكن أن يدمغ إنسانا بكبرى الموبقات وهي الشرك بالله ولو جاهر بذلك ..إذ قد يكون مجنونا مرفوع عنه القلم .. فالإيمان بوحدانية الخالق هو نور في قلب صاحبه وعدمه ظلمة لا يراهما إلا علام الغيوب وحده لا شريك له . لكن لو تناولنا بقية الموبقات الست المهلكات .. فأيها لم يرتكبه أهل الإنقاذ خلال فترة حكمهم التى بدأت مندفعة بسحر البيان والوعود والشعارات التي كذبتها التجربة الواقعية .. فارتكبوا من شناعة الفعل ما يفوق تلك الموبقات بشاعة وعدم إنسانية من تعذيب الناس بمراويد الكي في الكرامة و إنتهاك الرجولة و هتك عفاف الأنوثة وقطع الأرزاق الذي دونه في الإثم كما يقول الشائع بين الناس قطع الأعناق الذي مارسوه أيضا بدم أبرد من ثلوج الإسكيمو ! ألم يأكلوا مال اليتيم بالباطل ويقتسموه على موائد الفساد ؟ ومن اليتيم غيرهذا المواطن الذي حباه الله إرثاً من الثروات فبددوها في سفه الحروب و الإستمتاع بعرض الدنيا والتدبير الخاطي في إدارة شئؤن الحكم والوطن بتقديم الذي أقل أهمية والمتمثل في الصرف البذخي على المباني و المراسم وإهمال الأهم الذي يرتبط بالمعاني و تخضير المواسم ! وهاهم الآن يرتكبون موبقة أكل الربا الذي حرمه الله .. بعد أن دارت بهم بوصلة تمنيات البدايات الكاذبة مائة وثمانين درجة وعادوا الى نقطة هي اسوا مما كان عليه الوضع العام قبل بدايتهم من سوء الحال ومنقلب المآل .. وكم سحروا البسطاء وقتها و على مدى زمانهم الخائب بشعارات إقامة الشرع ..وقد إرتكنوا الى مبررات واهية لتمرير القروض الربوية بمنطقٍ لا يجيزه شرع ولا يُقنع مؤمنا بمخالفة ما أنزل الله و بشر به نبيه في ذلك الصدد المرتبط بنماء معيشة من يتبعه و محاقها عند من يحيد عنه ولو قيد أنملة ! ولعل موبقة التولي .. هي الآبرز في سلوكهم كلما ابتعد أحدهم خوفا أو ابعد قسراً ..فيقف الخارجون منهم عند بوابات الهروب من خيمتهم المحترقة يتبادلون كرات النار تلاوماً وتنكراً عن مسئؤلياتهم وذنبوهم وجرائمهم الموثقة بالصورة والصوت و الأدلة والبراهين في زمان التقانة الذي يسجل ويحفظ لعدالة التاريخ .. و ما حديث شيخهم الراحل الترابي لقناة الجزيرة الذي علمهم الدسائس والمكر وهو الآن بين يدي المليك المقتدر إلا ابلغ صورة عن ذلك التولي وهو يرمي بكامل التبعات على نائبه علي عثمان في أمانة الحركة الإسلامية محملا إياه كل الآوزار والرزايا .. بينما الآخير هو الآخر في غمرة توليه حينما اقتربت ساعة الحساب الدنيوي هاهو يحاول سكب المزيد من الزيت على حريق الخيمة منصِّبا نفسه ناصحا و متنصلا عن كل ما ارتكب من أثام لن تمحو أثار دمائها و قبح صورتها المرسومة وسطور سِفرها الأسود على جدران تاريخهم القذر كل لحسات الألسن التي تحاول بدلق ريق الإفك أن تطمس تلك المعالم المحفورة عليه ! أما حساب الاخرة فهو من شان العلي القدير ..وهو العليم بما فعلوا وما الت اليه أحوال هذا الوطن وشعبه المغلوب على أمرة بمنطق القوة الجبانة لا بقوة المنطق والعقل ..و ما إرتكبته اياديهم الملطخة بدماء ابريائه و تشهد عليهم ظهور المحصنات وقد قذفوهن بسياط الظلم دون توفر اركان الشرع فيما جلدن بسببه فحكمّوا قوانين عقلياتهم المتخلفة عن العصر و الخربة بخوفهم و جعلوها فوق حدود الله التي رسم لها خطوط إثباتها العصية على من يريد التجني وليس على من يروم تطبيق العدالة صادقاً ! ولكن الله قادرٌ على أن ينتقم ممن تلاعبوا بشرعه وعذبوا خلائقه بسرقة دينه الذي أنزله على نبيه رحمة للعباد لا ليذلهم به كلُ من نصّب نفسه وليا عليهم دون وجه حق . [email protected]