وقع ذلك الإنقلاب في 13 ديسمبر 1960 بهدف الإطاحة بحكم الإمبراطور هيلاسلاسي الذي كان يومها في زيارة رسمية إلى البرازيل . قائد الإنقلاب هو (قيرمامي نيواي) وشقيقه الأكبر بريقادير جنرال (منقستو نيواي) الذي كان قائدا لحرس الحماية الإمبراطوري . نجح الإنقلابيون في الإستيلاء على عدد من الوزارات وأحتجزوا العديد من الشخصيات الهامة وسيطروا على معظم العاصمة أديس أبابا . أعلن الإنقلابيون خلع نظام هيلاسلاسي وأعلنوا عهدا جديدا تحت حكومة جديدة أكثر تقدمية يقودها (أسفاو ووسي) ولي العهد والإبن الأكبر لهيلاسلاسي ، مع ذكر العديد من المشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي واجهتها إثيوبيا. بالرغم من مظاهرة الدعم التي قادها طلبة جامعة هيلاسلاسي ، إلا أن الوحدات العسكرية الأخرى ظلت على ولائها للإمبراطور وسحقت الإنقلاب. بحلول يوم 17 ديسمبر إستعاد الموالون للإمبراطور السيطرة على أديس أبابا فيما لاقى بعض الإنقلابيون حتفهم أو فرّ بعضهم إلى خارج العاصمة. إعتبرت هذه المحاولة التهديد الأكثر خطورة على حكم هيلاسلاسي منذ عام 1941 حتى خلعه في عام 1974. تفاصيل الإنقلاب : لقد فهم على نحو واسع أن (قيرمامي نيواي) هو المحرض على الإنقلاب الذي كان تقدميا وحاكما ناشطا ، غير أنه أصيب بالإحباط نظرا لإخفاقه في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين الذي يعيشون في الأقاليم الطرفية التي كان يحكمها فحينما حاول تشجيع مواطنو الأورومو في (ويلامو) على تشييد الطرق ، الجسور والمدارس ، أثار ذلك غضب ملاك الأراضي المحليين وبعدها جرى إعادة تكليفه حاكما على (جيجيقا) حيث واجهه الفقر المؤلم وتخلف الإقليم مع وجود علامات واضحة على الإهمال الرسمي. يقول باهرو زيودي في كتابه (التاريخ – ص 213) : أن العوائق التي واجهته في تلك المراكز النائية أقنعته بالحاجة إلى التغيير ولهذه الغاية بدأ في العمل مع أخيه منقستو)وأستطاع قيرمامي أن يقنع منقستو بجدوى إنقلاب عسكري. كان منقستو متحمسا لنجاح الإنقلاب ، ليس فقط لأنه يرأس حرس الحماية الإمبراطوري التي يتبع إفرادها أوامره دون إستفسار ، بل لأنه كذلك يحتفظ بعلاقات داخل القوات المسحة الأثيوبية . عليه جرى تجنيد أكثر شخصيتين مهمتين لتشكيل مجلس الثورة : كولونيل (وارقينا قاباياهو) قائد جهاز الأمن ومفوض الشرطة بريقادير (تسيقي ديبو) . بدأت المجموعة تخطط لتحركها ولكن وفقا ل (باول هينزي) فإنه ونظرا لتخوف المجموعة من تسرب خططها أندفعت مباشرة نحو التنفيذ دون التخطيط الكافي حال مغادرة الإمبراطور البلاد في زيارة رسمية إلى البرازيل. بحسب مذكرات جون سبنسر فإن (مكنن هابتي – وولد) كان مرتابا بشكل كبير في تحركات الكولونيل (وارقينا) قبل عامين من محاولة الإنقلاب وتجددت هذه الهواجس مرة أخرى عند (مكنن) قبل خمسة أشهر من محاولة الإنقلاب. في يوم الثلاثاء 3 ديسمبر عمد الإنقلابيون إلى خداع العديد من الوزرء والشخصيات السياسية الهامة تحت ذريعة دعوتهم إلى قصر (جينيتا) لإجتماع طاريء حيث جرى إعتقالهم وأخذوا كرهائن. في ذلك الأثناء سيطر الكولونيل (وارقينا) على البنك المركزي ، محطة الإذاعة ، وزارة المالية وأحاطت قوة الحماية التابعة لمنقستو بعدد من القواعد داخل وخارج العاصمة. في الصباح التالي وبعد أن أمن أفراد المجموعة الإنقلابية السيطرة على أديس أبابا ، قرأ ولي العهد تحت الإكراه بيانا هاجم فيه التخلف الإقتصادي لإثيوبيا ، معلنا تشكيل حكومة جديدة تحت قيادته ووعد ببدء عهد جديد. تجاوبا مع ذلك تظاهر طلاب جامعة هيلاسلاسي دعما للحكومة الجديدة. توقع قادة الإنقلاب أن تقنع هذه المظاهرة الفروع الأخرى من الجيش بالإنضمام إليهم . في إنتظار التطورات أصدر منقستو برنامجا من (11) مرحلة لإصلاحات مقترحة وعينّ (رأس إيمرو هيلاسلاسي) رئيسا للوزراء وماجور جنرال (مولوقيتا بولي) ذو الشعبية في الجيش كقائد أركانحرب. في ذلك الأثناء كان الموالون للإمبراطور داخل الجيش قد توصلوا إلى إجماع على كيفية مواجهة هذا التهديد وأستفادوا من وقتهم بشكل جيد وأستطاعوا أن يؤمنوا دعم فرق الدبابات والقوات الجوية وتمركز كلاهما عند مدخل العاصمة وأستطاعوا نقل ألف جندي من الموالين في الاقاليم البعيدة وأصدروا منشورات بتوقيع أب الكنيسة الأثيوبية تجّرم فيها المتمردين واصفة أياهم بالمعادين للدين ودعت للولاء للإمبراطور . لقد كان لهذه المنشورات تأثير كبير على غير الملتزمين . في اليوم التالي وعند المساء إندلع القتال وتقهقر الإنقلابيون رويدا رويدا وبأعداد كبيرة. حينما أدرك كثير من حرس الحماية الإمبراطوري أنهم يقاتلون ضد الإمبراطور ، أصيبوا باليأس بعد أن أفهموا سابقا بأنهم يقاتلون من أجل الإمبراطور. حالما بدأ القتال منح سكان أديس أبابا الدعم للموالين للإمبراطور . قبل إخلائهم العاصمة أدار الإنقلابيون بقيادة (قيرمامي) وأخرين فوهات بنادقهم نحو الرهائن في قصر (جينيتا) وقتلوا خمسة عشر منهم وكان من بين القتلى رئيس الوزراء (ابيبي أريقاي) و (مكنن هابتي – وولد) وماجور جنرال (مولوقيتا). من جهة أخرى قتل الجنرال (تسيفي) في القتال وأقدم الكولونيل (وارقينا) على الإنتحار. أما منقستو وقيرمامي فقد تفاديا الأسر حتى يوم 24 ديسمبر 1960 حينما أحاط بهم الجيش بالقرب من (موجو). حينها وبدلا من أن يواجه الأسر أقدم (قيرمامي) على الإنتحار ، أما منقستو فقد إستسلم وأعدم شنقا بعد شهور قليلة. تقول الإحصائيات الرسمية أن (300) شخص على الأقل قد قتلوا في هذه المحاولة الإنقلابية معظمهم مدينون ، غير أن كريستوفر كالفام يرى في كتابه (الإنقلاب الأثيوبي) أن العدد الذي أورد قليل ، ذاكرا في حواشي الكتاب تقديرا لصحيفة (إيست أفريكان ستاندارد الكينية) التي قدرت عدد القتلى والجرحي بحوالي (2000). * المصدر : الموسوعة الإنكليزية. [email protected]