يختلف المراقبون لأسباب تخلف البلاد و قعودها! يزعم بعضهم غياب القيادة الملهمة و آخرون يقولون بأنها الأمية ، بينما ينادي آخرون بأن عدم إهتمامنا بالعلوم و التكنولوجيا لهي السبب الأساسي في تخلفنا، وهو شأن يتعلق بالسياسات العامة للدولة و بلادنا مُطالبة بأن تُخصص نسبة مقدرة للبحث العلمي و في حدود 2% إلي 4% ! وهنا تأتي الشفافية و غياب المعلومات الصحيحة – إن حقنا في الحصول علي المعلومات المختلفة لمهضوم ! و أعود إلي النموذج الذي أود أن يتم إتباعه لتمويل البحوث العلمية وهو مشابه لنموذج جائزة نوبل ! حيث يتم منح الجائزة لمن توصل إلي نتائج باهرة علي المستوي العالمي في مجالات العلوم.فقد إستمعتُ إلي برنامج يقدمه المهندس/بشري حبيب الله في الاذاعة القومية وقد إستضاف مجموعة بروفسير/الصادق عمارة وهي مجموعة صغيرة تعمل في البحوث العلمية لفترة طويلة ناهزت الخمسة عشر عاماً.وقد توصلت إلي نتائج ممتازة في محصولي الطماطم و البطيخ.ضمت المجموعة إبنته و مهندس زراعي آخر وهم في الحقول علي بعد 800 كم من الخرطوم و قرياً من حلفا القديمة ! بعد تجارب طويلة إمتدت لثمانية أعوام و إنتاج حوالي 200 نوع من البطيخ إنتخبوا 4 أنواع جيدة نتاج بحث مُضني بتهجينها مع نبات الحنظل ! يمتاز البطيخ المنتج بمقاومته لمرض تغضن الأوراق، مما يعني عدم إحتياجه إلي المبيدات الحشرية، وهو أمرٌ يتطلبه السوق الشره للمنتجات العضوية . عملت مجموعة بروفسير الصادق عمارة كذلك في محصول الطماطم و توصلت إلي نتائج جيدة. بلغت تكلفة هذه البحوث العلمية حوالي 2 مليار جنيه (بالجنيه القديم). لذلك أري أن تضع الدولة ممثلة في وزارة العلوم و التقانة سياسات للعلوم تشمل مثل هذه البحوث بالرعاية و الدعم ،بل إسترداد كل التكلفة تشجيعاً لهذه البحوث و لغيرهم من الباحثين الجادين.تمويل بأثر رجعي ! مما يضمن ذهاب الأموال العامة للتنمية الحقيقية والاضافة للجهود العالمية و وضع البلاد علي الخارطة البحثية ! مع مشاركة الدولة في العائدات من براءات الاختراع و غيرها بنسبة لا تزيد عن 8 % والسعي في تسجيل مثل هذه البراءات داخلياً و خارجياً. و تخصيص هذه النسبة لصندوق البحث العلمي في مالٍ دوار ليخدم بحوثاً أخري. علي أن تُشرف علي هذا الصندوق مجموعة متميزة لا تزيد عن العشرين فرداً لتغطية مجالات العلوم المختلفة. أيضاً تتضمن سياسات العلوم تمويل طائفة واسعة من الجهات و في كافة ضروب المعرفة و في كل القطاعات – العام و الخاص و حتي الأفراد و المجموعات – مثل مجموعة بروفسير/الصادق عمارة. من الضروري وضع مؤشرات جيدة لتمويل البحوث العلمية ، مثل عدد الباحثين ومشاركة أكثر من جهة في العمل و كذلك مشاركة جهات أو باحثين من خارج البلاد و مؤسسات إقليمية و دولية مع الأثر الاقتصادي و التنموي و الجغرافي و روح الابتكار و غير ذلك مما يمكن وضعه في شكل أرقام ليتم قياسه. مثل هذه السياسة ستشجع البحوث العلمية و تخدم أغراضاً أخري غير مرئية – مثل تعزيز الحس القومي. و أختم بأنني لم ألتقي ببروفسير/الصادق عمارة أو أياً من الباحثين الذين عملوا معه أو المهندس/بشري حبيب الله و أضيف بأن معرفة مثل هؤلاء مما يُشرف المرء. و دعوة للصحفيين و أهل الاعلام للتعرف عليهم و الترويج لنتائج أعمالهم الباهرة! [email protected]