ورد في صحف الأمس أن رئيس الجمهورية سيعلن تحول السودان من العملة الورقية إلى العملة الالكترونية في الأول من سبتمبر 2016م أي الأسبوع القادم .. وفي تفاصيل الخبر نجد أن اتفاقاً قد تم بين بنك السودان المركزي وشركات الاتصالات يقضي باستخدام الهواتف الجوالة كمحفظة نقدية بدلاً من الأموال الورقية .. لا أدري هل ستكون العملة الالكترونية البديلة المقترحة مثل العملة العالمية المعروفة بالبتكوين (Bitcoin) المتداولة على نطاق ضيق جداً في العالم والتي لم تنل بعد ثقة الناس وينظر إليها بريبة شديدة حتى في أمريكا وأوروبا ؟؟ أم أنها ستكون عبارة عن رصيد مالي يبتقل من هاتف إلى هاتف آخر لتغطية عمليات البيع والشراء اليومية بين الناس؟ يعني مثلا إذا اشتريت سكر وزيت وصابون من البقالة ب 360 ج تحول لصاحب البقالة المبلغ المطلوب في تلفونه؟؟ أم أن العملية ستكون من خلال تطبيق معين يتم تحميله على الهاتف مثل تطبيق PayPlus؟ ما هي ضمانات نجاح هذه الفكرة وهي لم تجرب في السودان ولا في أي دولة أخرى بشكل كافٍ ؟ وهل هذا يعني إجبار جميع المواطنين على امتلاك هواتف ذكية حتى تستطيع تحتميل هذا التطبيق ؟؟ وهل البنية التحتية (شبكة الانترنت) في السودان مؤهلة للقيام بهكذا مشروع وإنهاء التعاملات المالية بالسرعة المطلوبة؟؟ أم أن المواطنين سيطفون أمام المخابز والبقالات لأن الشبكة طاشة ؟ لماذا لا نحل مشكلة بطء الانترنت أولاً وبعدها يكون لأي مواطن حساب بنكي ورصيد يسحب منه .. ثم يكون لأي مواطن هاتف ذكي ووووو.. ثم ما هو الهدف الذي يسعى إليه البنك المركزي - ومن ورائه الحكومة طبعاً - بالإستغناء عن العملة الورقية ؟؟ هل ستحل هذه الفكرة مشكلة التضخم الاقتصادي وتدهور قيمة الجنيه السوداني في سوق العملات؟ أم أن الهدف هو معرفة ما يمتلكه كل مواطن من أموال ومدخرات وبالتالي فرض ضرائب عليه بحسب ما يمتلكه ؟ أم أن الحكومة تنوي أن تخصم من كل عملية تحويل رصيد نسبة معينة تدخل إلى خزينتها كضريبة؟ على سبيل المثال عندما تشتري بضاعة بمبلغ 250 جنيه ستفاجأ بأنه قد خصم من رصيدك 255 جنيه مثلاً ؟؟وكيف سيكون التعامل مع سيد اللبن والمخبز وبتاع الورنيش والبناء والسباك وووووو؟؟ ثم ماذا تفعل إذا سرق منك هاتفك ؟؟ تبفى ميتة وخراب بيوت ؟؟ فيما مضى كان بعض اللصوص (الطيبين) عندما يسرقون هاتفك يتركون لك الشريحة في مكان بارز .. هل ستنقلب الحكاية بعد الآن فيأخذون الشريحة ويتركون لك الهاتف؟ هل سيكون من الحكمة إذن أن يمتلك كل مواطن شريحتين .. واحدة يتركها في مكان أمين بالبيت ويضع فيها مرتبه ومدخراته وملايينه ، بينما تكون الشريحة الثانية في جيبه لزوم المصاريف اليومية من خضار ورغيف ومواصلات وخلافه .. هل نتوقع كذلك أن يكون لدى كل كمساري في حافلة أو بص أو بائع في بقالة ثلاث شرائح، واحدة سوداني والثانية زين والثالثة أم تي إن ، وذلك حتى يستطيع التعامل مع جميع المواطنين. وهل سيتم تحويل المرتب الشهري لموظفي الدولة كله إلى رصيد ينزل إلى هواتفهم وبالتالي لن يكونوا بحاجة إلى الوقوف أمام شباك الصراف نهاية كل شهر ؟ هل هذا يعني أن تقوم بتحويل كل مدخراتك السابقة - إذا كنت من أصحاب المدخرات - إلى رصيد قبل أن تتحول إلى مجرد ورق ملون لا قيمة له في يدك عندما يصدر القرار بعد أشهر بإلإلغاء الكامل للعملة الورقية واعتبارها عملة غير مبرئة للذمة؟ وأخيراً .. هل يثق الشعب السوداني الفضل في النظام المصرفي ؟؟ أم أنهم سيلجأون إلى شراء العملات الصعبة من دولار وريال ويورو وبذلك تطير هذه العملات إلى السما السابعة ونكون بالتالي قد قضينا على العملة الوطنية قضاء مبرماً ؟! [email protected]