كل المشاكل التي تعاني منها الخرطوم قابلة للحل بل و لها ألف حل سريع وفعال وجذري ومستقبلي وتتوفر له كل الإمكانات، ولكن المسئولين دائماً يأتون بحلولهم الخاصة وهي كلها (لولوة ) لدرجة أنها تجعل المشكلة تعيش أطول فترة ممكنة، وهكذا تتعامل الحكومة عموماً مع كل المشاكل سياسية كانت أم اجتماعية أم اقتصادية، كل المسئولين من أعلى قمة الدولة وحتى أسفلها يجعلون من أية مشكلة مسمار جحا، حتى أصبحت المشاكل هي العهدة الوحيدة القابلة للتسليم والتسلم علناً. العاصمة الخرطوم تميزت على عواصم العالم بكثرة النفايات حتى صنفت الأوسخ بين رصيفاتها، ظلت الحكومة تصرف عشرات الملايين من الدولارات على نظافتها ولكنها لا تزداد إلا اتساخاً، كل والٍ يأتي بحله الخاص وفي النهاية يذهب ويترك المشكلة أسوأ مما وجدها للذي بعده ليبدأ من الصفر وكيفما يشاء، المتعافي صرف 18 مليون دولار في مشروع النظافة ولأنه لم يكن أميناً بما فيه الكفاية إنتهى المشروع والمشكلة لم تنتهِ، فتسلمها الوالي السابق عبد الرحمن الخضر وصرف عليها مليارات ثم ذهب وتركها اسوأ مما كانت عليه للوالي الحالي عبد الرحيم محمد حسين، وعلى ما يبدو هو أيضاً سيسلمها لخلفه بعد مزيد من السوء إلى أن يكتب الله أمراً كان مفعولاً . قبل أسبوع في اجتماع جمع والي الخرطوم مع وزيري الصحة والمالية ورئيس المجلس الأعلى للبيئة والتنمية الحضرية والريفية، ومعتمدي المحليات بالولاية قرروا خلاله إجراء مراجعات شاملة لأوضاع النظافة وإصحاح البيئة، واعتماد نظام جمع النفايات في حاويات توضع وسط الأحياء والأسواق لصعوبة تنفيذ نظام الجمع من المنازل في الوقت الراهن، وطالبوا بتصنيع تلك الحاويات وإدخالها الخدمة فوراً، هذه القرارات لن تحل المشكلة أبداً إن لم تزدها . . الحاويات سبق وأن تم تجريبها في الأسواق الاسواق والأحياء ولكن لا أحد يهتم بها، فهي تبقى لشهور حتى تتحول إلى مكبات، فتم رفعها، الآن ما زالت موجودة في بعض الأماكن في الأسواق ولكنها لم تحل المشكلة بل زادتها، أما بالنسبة للمنازل فليس هناك أية صعوبة في جمع النفايات ولا أدري ما هو الصعب فيها فالمواطنون على استعداد أن يحملوها إلى ابواب المحليات فهل المحليات تستطيع التخلص منها؟ . أول أمس فقط والي الخرطوم قال بنفسه إن الولاية تلهث وراء المشكلات دون النظر إلى المستقبل، وهذا يؤكد أن المسئولين غير حريصين على إيجاد حلول دائمة ومستقبلية وليست لديهم رؤية للعمل، فهم من يصنعون المشاكل ويرعونها حتى تكبر فأصبحت مهمتهم إنتاج المشاكل والمحافظة عليها. السيد الوالي يقول هذا الكلام و الآن أمامه حلول جذرية ومستقبلية لمشكلة النفايات والمصارف والشوارع بل ولكل مشاكل الخرطوم ولكن رغم هذا سيمضي ويتركها كما وجدها. شدد اجتماع السادة المسئولين عن الصحة في الخرطوم، السيد الوالي والمعتمدون ووزير الصحة ووزير البيئة والمالية ورئيس المجلس الأعلى للبيئة على ضرورة تفعيل محاكم البيئة لمواجهة الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى تدهور صحة البيئة كالممارسات المتعلقة ببعثرة النفايات، إذاً ومن يحاسبكم وأنتم تبعثرون الخرطوم وقد حولتها سياساتكم الخاطئة إلى أوسخ عاصمة في العالم؟!. التيار