مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخرطوم الثانوية الحكومية (4)
نشر في الراكوبة يوم 29 - 08 - 2016

فى صباح اليوم التالى لآمسية اذاعة كشوفات تنقلات كبار المعلمين جاء الاستاذ عبدالقادرتلودى) يصحبه الاستاذ ابراهيم شبيكه الذى شمل كشف التنقلات اسمه مترقيا ومنتقلا من رئيس قسم التربية الريفية فى معهد التربية ببخت الرضا الى الخرطوم الثانوية نائبا للناظر. شهدت الاستاذ ابراهيم شبيكه لآول مرّة فى المعهدالعريق ابّان ايام احتفالية وزارة المعارف بيوبيل المعهد الفضى فى اكتوبر المنصرم.. ذاع صيته بين العاملين فى المعهد .. وتميزت شخصيته بين رفاقه المعلمين وبين العاملين معه فى قسم التربية الريفية بين حقول المعهد الممتدة ومزارعه وهو يصول ويجول متنقلا بينهم نهارا ومواقع العمل اويسعدهم باحاديثه الشائقة التى لا تمل مساء فى منتدى المعهد الفريد..تخرّج ابراهيم فى قسم العلوم بالمدارس العاليه فى بداية الاربعينات . وهو سليل اسرة اشتهرت بالعلم والفضل والسعى للارتقاء بسلوك بنى الانسان تعليما وهداية وارشادا.. هو ابن معلم الاجيال ..الشيخ محمد شبيكه مؤسس مدارس النهضة بامدرمان وابن عم البروفسيرمكى شبيكه وشقيق للاستاذين الطيب والطاهر مثلما كان مولانا رئيس القضاء صلاح الدين شبيكه اصغر اشقائهم.كان واحدا من تلاميذ الاستاذ تلودى ايام عمله مدرّسا فى المدارس الوسطى. ابراهيم شبيكه رجل ولا كالرجال.. ابن بلد اصيل.. كريم مضياف ..لم تكن داره العامرة فى بخت الرضا ابّان اعياد المعهد وطوال العام لا تخلو من زرافات الزائرين المدعووين اليها فى نهاراو ظهيرة او مساء وهو الدائم الخروج عن نفسه الواهبها للآخرين..منذ ان وطئت اقدام الرجلين الخرطوم الثانويه اوليانى ثقة كاملة لا تحدها حدود. ربما لآنى كنت اخرمن كان جالسا على كرسى الناظركاستاذ (نبطشى) مطلعا على الكثيرمما كان يتصل بالمدرسه خلال ذلك الشهرالاخيرمن العطلة الصيفيه فضلا عن تسلمهما مقود العملية التعليمية فى المدرسة من يدى فى شهر يونيو 1960 ولشهرين متتابعين الى نهلية شهرسبتمير من ذات السنه ..طبعا توقف مسار النبطشيه عند وصولهما المدرسة "افأن حضر الماء بطل التيمم"..عندما آلت ادارة كل شؤون المدرسة اليهما تلقائيا.. (واصبح شخصى الضعيف عمدة (اسما) بلا اطيان). فى اجتماع هيئة التدريس الاول اعدادا لبداية العام الدراسى تم تكليف الاستاذ على توفيق وشخصى الضعيف بالعمل على اعداد جدول الحصص المدرسى الذى تم انجازه بعد فترة لم تدم طويلا بعد ان وافانا رؤساء الشعب بمقترحات كل شعبة عن نكليف افرادها بتريس المادة فى اى من الفصول. وبدأ العام الدراسى يسيرفى اندغام وتناغم من يومه الاول.. ولكن فوجئت فى منتصف شهر اكتوبر بورود اسمى على كشف تنقلات للمعلمين صدر على حين غرّة و تمت اذاعته حتى دون تنويه ادارة الاخبار فى الاذاعة عنه كما جرت العادة .جاء قرار نقلى الى مدرسة عطبره الثانوية مفاجئا حتى للاستاذ تلودى الذى لم يقتنع بما ابلغه به نائب مساعد مديرالمعارف لشؤون الموظفين عن حاجة مدرسة عطبره الى معلّم للتاريخ ويمكن الاستعانة به فى شعبة اللغة الانجليزيه فضلا عن ان ترشيحى للترقى الى الدرجة الوظيفية الاعلى يحتم انتقالى من الخرطوم الثانوية (او كما قال) ولكن الاستاذ تلودى لم يألو جهدا وظل فى سعى دؤوب للابقاء على شخصى الضعيف بين هيئة التدريس فى الخرطوم الثانوية ولو على الاقل الى نهاية ذلك العام الدراسى ..ولكن مساعيه لم تكلل بالنجاح لأصرارمن كان بيده الامر على تنفيذى النقل والآربما فقدت فرصة الترقى.. مثلما تبين له لاحقا ان ما سيق له من مبررات لم يكن الآحجة للوفاء بوعد لمن كان يعمل فى قسم شؤون الموظفين برئاسة الوزارة وتمكن من بفضل طموحه و مثابرته من الحصول على درجة جامعية عبر دراسة مسائية فى جامعة القاهرة (فرع الخرطوم) وكان له ما اراد ورغبب ليعمل فى احدى مدارس الخرطوم بعد ان تم تحويله من درجة وظيفية من درجات الكادرالكتابى لى الدرجة) (Qاولى الدرجات الوظيفية فى كادرالجامعيين والتى كنت قد اخليتها بالترقى الى الدرجة الاعلى .الغريب انه فى نهاية العام الدراسى تم نقلى مرّة اخرى من عطبره الثانوية الى مدرسة ودمدنى الثانوية للبنات (الحديثة الانشاء) رئيسا لشعبة اللغة الانجليزيه ومساعد الناظر اداريا بناء على طلب الاستاذ احمد هاشم (نائب الناظر فى عطبره آنذاك وتم نقله ناظرا لمدرسة البنات فى ودمدنى)! ليحل مكانى فى عطبرة الثانوية ذات المعلّم الذى ن كان قد تم انتقاله من القسم الكتابى برئاسة الوزارة الى الخرطوم الثانوية ليحل مكانى فى شعبة التاريخ عند انتقالى الى عطبره بادىء الامر!..الاغرب من ذلك جاء تغييرنقلى مرّة اخرى من مدرسة ودمدنى للبنات الى مدرسة الخرطوم الثانوية للبنات (معلّما للغة الانجليزي') بعد تحويل اسمى من قائمة معلمى التاريخ الى قائمة معلمى اللغة الانجليزيه بناء على توصية كبير مفتشى اللغة الانجليزية المستر ستانلى هول. ليتم تعديل النقل مرّة اخر (نقلا مؤقتا) من الخرطوم بنات الى رمبيك التى قبل مغادرتى مدينة "واو- عاصمة مديرية بحر الغزال اليها" صدر قرار بانتقالى مرّة رابعة عائدا الى مدرسة ودمدنى الثانوية للبنات حيث بقيت فيها من نوفمبر1961 الى يناير1963 حينما تم ابتعاثى الى الولايات المتحده للحصول على درجة الماجستير فى التخطيط التربوى ( الغريب انه عند وصولى الى الجامعة تبين ان ذلك التخصص لم يكن له وجود فى تلك الجامعة) مما جعل الخيارامامى متاحا بين مواصلة الدراسة فى تلك الجامعة للحصول اِمّا على ماجستيرالادارة التربويه اوعلى ماجستير اللغة الانجليزيه الذى كان يحتم بقائى لمدة قد تفوق الاربع سنوات ! بينما لا تزيد مدة الحصول على ماجستيرالادارة التربية عن عامين اعتمادا على مواصلة الدراسة فى فصل صيف عام 1963 وافقت على مواصلة السعى للحصول على ماجستير الادارة التربوية كسبا للوقت.. (السودان ما كانش اى مبتعث يوافق على البقاء خارجه بعد انتهاء فترة بعثته اويحتمل اى سودانى البعاد عنه فى ذلك الزمان الزاهى الجميل قبل ان يأتى عليه زمان "اعادة صياغة انسانه" او يدخل فى متاهات "التوالى" واحابيل "التوجه الحضارى" او حكايات "ثقب الاوزون"! نهاية الكلام..كان شهر اكتوبر1960 آخرعهد لى بالخرطوم الثانوية الحكوميه (معلّما) الى ان عدت اليها "ناظرا" فى يوليو 1976 وقد اضحى منذ حين لفظ "القديمه" صفة لها وملازما لاسمها.
خلال تلك الشهور الثلاثه من (يوليو الى نهاية اكتوبر1960) التى قضيتها تحت قيادة "الاستاذ الشيخ"عبدالقادرتلودى و"تلميذه الفتى" ابراهيم شبيكه وبين رفاق كرام فى شعبتى اللغة الانجليزية والتاريخ حدث فى صفوفهما بعض احلال وابدال..الى شعبة اللغة الانجليزية جاء المستر بيترافرينقتون الذى كان من دعاة حركة "التسلح الخًلُقى" والمتحدث فى طلاقة وابانة باللغة العربية الفصحى والمستذكر لكثبر من اشعار ابى الطيب المتنبى .. كما انتقل اليها ايضا رفيق دراسة تقدّمته بثلاث سنوات فى حنتوب ..الاستاذ محمد ميرغنى خيرى مثلما جاء الاستاذ محمد عبد الرحمن حامد الشهير با
الفولى الى شعبة اللغة العربية والاستاذ عوض عبد الهادى الذى اخليت له مكانى فى شعبة التاريخ مثلما جاء الاستاذ" قِرقِس محارب رِزء" المصرى الجنسية الى شعبة العلوم والاستاذ عوض حمد كرار فى شعبة الفنون واخيرا وليس آخرا المستر خان الى شعبة الرياضيات.. بينما احتفظت شعبة الجغرافيا ب "ليو سمِثّ رئيسا لها وب "جلالها مصطفى الجاويش.دون "حذف او اضافة". وبفضل ما اتاحه لى الاستاذان محمد احمد عبد القادر واحمد حامد الفكى من ممارسة وهامش ادارى ظل يتسع من حين الى آخراكتسسابا للمزيد من الخبرات الادارية المكتبية فضلا عما كنت قد اكتسبته من تجربة سابقة عملا فى ديوان شؤون الموظفين وقسم الحسابات بوزارة المالية خلال ست من العطلات الدراسية الصيفية منذ عام 1952 الى عام 1957 التى كان من بينها اكتسابى مهارة الطباعة على الآلة الطابعة الانجليزيه مما جعلنى اقوم كل حين بطباعة ما يطلبه الاستاذان الجليلان طباعته من كل الخطابات ذات الصبغة السرية باللغة الانجليزيه.وهكذا كانت ارادة الله الغالبة ان اغادرالصرح العظيم الى عطبرة مكرها اخاكم لا بطل.. ورغم ما وجدته من ترحاب وفيرمن الاستاين عبدالقادرحسن (ناظر المدرسة) ونائبه احمد هاشم ومنظومة المعلمين الكرام البرره والمجتمع الرياضى فى المدينة ومنظومة حكام كرة القدم الذين بلغ بى من ترحابهم بشخصى ومؤازرتهم ان اولونى رئاسة لجنة الحكام وتمثيلهم فى المجلس االاعلى للاتحاد المحلى لكرة القدم,, ورغم هذا وذاك فان قلبى ظل معلقا بالخرطوم الثانوية التى كنت اتابع هاتفيا كل حين ما يجرى فيها تحت ادارة الاستاذين الجليلين فى مرونة وتعاون ووداد موروث وترابط اسرى فريد بين خلايا النسيج المدرسى ادارة و معلمين وعاملين وطلابا ظل يسود الصرح العظيم منذ اول ايامه الزاهيات.
لعل حديثى عن انتقال الخرطوم الثانوية الى صرح ذى اربعة انهر اعتبارا من العام الدراسى 1960-1961 وتولِّى الاستاذين تلودى وابراهيم شبيكه قيادة العمل التربوى كان فيه انقطاع بين ما كنت بدأته من تذكارسِيَر كرام المعلمين فى مختلف الاقسام عند سيرة معلمى اللغة العربية.. الذين تداخلت وتشابكت واتحدت ادوارهم فى توجيه ورعاية وتنشئة طلاب الصرح العظيم على المثل الرفيعة وكريم الاخلاق والفضائل قبل تدريسهم المواد الاكاديمية.التى كانت تهدف محتوياتها الى الارتقاء بحياتهم والانتقال بهم الى المعالى وسامق السلوكيات.. وفى ذلك تتضح معالم مؤثرات المعلمين ..كل المعلمين ..على حياة طلابهم عبر السنين والقرون مصداقا لقول التربوى الامريكى الشهير "هنرى آدامز" (1838-1915) It is impossible to ascertain when teachers' effect comes to an end. Teachers affect eternity, infinity and beyond. "تذهب آثار المعلمين فى ابعاد اللانهائية واغوارالابدية عبر ما يحدِثونه من تأثير على حياة طلابهم عبر الزمان .. ومن العسير تحديد متى يتوقف ذلك التاثبر"..ومواصلة لتذكار سِيّر معلمى الخرطوم الثانوية اذكر من سِيَر الذين عملوا فى شعبة اللغة الانجليزية التى كان يترأسها المستر "ريتشارد أوتس" الذى قدم الى الخرطوم الثانوية فى عام 1954 من بعد عمل لم يدم طويلا فى وادى سيدنا وكانت زوجته تعمل رئيسة لشعبة اللغة الانجليزية فى مدرسة الخرطوم الثانوية للبنات سنين عددا وقد انهيا تعاقدهما للعمل فى السودان فى نهاية العام الدراسى 1968-1969. المستراوتس كان ثرثارا لا يتوقف عن الحديث خارج حجرات الدراسة ..لا يقل تحدثا داخل الفصول التى يقوم بتدريس طلابها - ما يتصل بالدرس وما يخرج عنه.الآ انه كان ضاحكا ممراحا فى حسن معشروعلاقات متوازنة مع رفاقه المعلمين من السودانيين والبريطانيين ما عدا فيما كان بينه وبين "ليو سميث: رئيس شعبة الجغرافيا من توتردائم و"تقبُّض" مستمر.. مستر سميث الذى كان يصغره سنّا .. لم يكن متوحدا حتى مع نفسه.هو المتنمرعلى الدوام .".الفوّار دائما" ثم يهبط وينحسر! ربما كان ذلك بسبب عدم رضائه اواحتجاجا يؤرّق نفسه من جرّاء ما فرضته عليه توازنات عدد الحصص لتدريس جزء من اللغة الانجليزية (المطالعه فقط دون تصحيح لمكتوب من طلاب فصلى السنة الثالثة شوقى وحافظ).. المستر اوتس بطبيعة الحال وبحكم سنّه وخبراته السابقة ومؤهلاته الاكاديمية هو من كان يتولى تدريس الانجليزية لطلاب فصلى السنة الرابعة (تجانى والشابّى) وفصل تانيه (المعرّى) . اما طلاب السنة الثالثة فى فصلى شوقى وحافظ وطلاب فصل السنة الثانية (الرازى) فقد سعدوا بتدريس الاستاذ الكبيرعلى صالح داؤوود الذى صال وجال بين اولئك الطلاب لغة انجليزية رصينة غاص فى اعماق ادبها وقواعدها مثلما فاض لغة عربية تحدثا وكتابة نثر وشعرا.. وهو من لُقِّب ب "شاعر النوبة والعروبه" اذ كان نوبى الجذور فى اقاصى شمال السودان.. ضاحك ممراح فى ذكاء وقّاد وسخرية لاذعة شانه شأن قومه الغر الميامين ذوى التعليقات الساخرة اللاذعة اللاسعه ,,كان على صالح من خريجى القسم الادبى فى المدارس العالية فى كلية غردون التذكارية من جيل العمالقة الأُلى من خريجيها.. لم يبق طويلا فى الخرطوم الثانويه اذ انتقل الى مدرسة جوبا التجارية نائبا للناظر وهومن كان الاستاذ محمد احمد عبدالقادر وظل يستعين به فى تصريف الكثير من الامور الاداريه ويستحفظه على المدرسة اذا ما اضطره ظرف للغياب عنها وكم سعى الاستاذ محمد احمد عبد القادر لدى الوزارة لترقيته او تسميته نائبا له فى الخرطوم الثانويه .. الاستاذ على صالح نال من احترام رفاقه المعلمين ومن اجلال واكبار طلابه ما فاق الوصف. وتواصلت علاقاته بهم جميعا بعد مغادرته او مغادرتهم المدرسة ..رأيت منه خطابا فاض شعرا قويما يهنىء فيه احد طلابه بزواج ابنه (ابن تلميذه) رحم الله الاستاذ الجليل فى اعلى عليين بين الشهداء والصديقين.... اما شخصى الضعيف فقد تقلّبت بين تدريس اللغة الانجليزية لطلاب السنة الاولى.. فى فصلى "رشيد وطبرى" الى جانب تدريس مادة التاريخ الاوروبى الحديث لطلاب الستة الثالثة "شوقى" وتاريخ الاسلام السياسى لطلاب السنة الثانية (المعرى) .. تعدل الحال جملة وتفصيلا فى العام الدراسى التالى حينما غادرالاستاذ على صالح الى مدرسة جوبا التجارية نائبا للناظر.. اذ آل تدريس طلآب فصلى السنة الثالثة شوقى وحافظ فى العام ادراسى 1959 الى الاستاذ الدرديرى عثمان – نائب الناظر- ولكن ودون الدخول فى تفصيلات لا تخدم غرضا وجدت نفسى فى ارجاء شعبة اللغة الانجليزية بالكامل خلال ذلك العام وما تبعته من اشهرقلائل من عام 1960 فى الخرطوم الثانوية الى ان غادرتها الى عطبره فى الحادى والثلاثين من اكتوبرمن ذلك العام.
لم تشهد شعبة التاريخ خلال العامين 1958 و1959 اى تغيير فقد ظلت تحت قيادة الاستاذ فوزى جمال الدين ..انقى من عرفنا بين المعلمين صدرا واطهرهم سرّا وسريرة فى حسن حديث وبشاشة وجه واحترام للآخرين. وهو من ظل يواصل تدريس التاريخ ويمد يد العون لشعبة اللغة الانجليزية وهو من ظل يشارك فى تدريس طلاب بعض فصول السنة الاولى اللغة الانجليزية مع التاريخ منذ ان جاء حنتوب فى اواخرعام 1952 مواصلا تدريس المادتين فى الخرطوم الثانوية التى جاءها فى عام 1957 خلفا للاستاذ محمد المامون الريح .. الى ان غادر المدرسة مترقيا ومتدرجا فى سلك اداراة المدارس فى شندى وفى غيرها الى ان تم اختياره لشغل وظيفة مساعد المحافظ للتعليم ( وهى الوظيفة التى تماثل منصب وزير التربية والتعليم الولائى فى هذا الزمان) عمل فى مدينة نيالآ عاصمة مديرية جنوب دارفورحيث ابلى الاستاذ فوزى فيها بلاء متميزا توسيعا لرقعة التعليم في الولاية وتطويرا له وارتقاءا به وبمستويات المعلمين تدريبا وسعيا لآبتعاثهم داخليا وخارجيا. فى الخرطوم الثانوية ظل الاستاذ فوزى يتولّى تدريس مادة التاريخ لطلاب السنة النهائية الجالسين لآمتحان الشهادة الثانوية يشاركه الاستاذ المصرى الجنسية –( الوحيد بين معلمى الخرطوم الثانوية من المصريين منذ انشائها الى حين انتقال الاستاذ جرجس محارب رزق الى شعبة العلوم فى يوليو1960)جلال مصطفى الجاويش تدريس مادة التاريخ لطلاب فصول السنة الاولى والثانيه جنبا الى جنب مع تدريس ذات الفصول مادة الجغرافيا. فاض الاستاذ جلال نبلا وكرما وبشاشة وخروجا عن نفسه ووهبها للآخرين. كان على الدوام يطلق الساخرمن التعليقات على المستر سميث – رئيس شعبة الجغرافيا ..المتنمر دائما المنفعل "على طول" حتى مع نفسه ومع سيارته التى كان يقودها بطريقة يجعل اطاراتها تحدث صريرا ينبىء عن قدومه الى المدرسة بالدقيقة والثانية مع بداية الحصص التى يقوم بتدريسها ورواحه عنها منظلقا لا يلوى على شىء. الآ ان العلاقات بين الاستاذ جلال والاستاذ فوزى كانت متميزة وطيبة. الاستاذ جلال كان يسمى نفسه "ذو الرئاستين " نسبة لتدريسه مادتين لكل شعبة منهما رئيس. كان ضاحكا ممراحا .. مكنا نرى منه ألآ كل الرضا والاستحسان لما كان بجده من تعاون وعلاقات طيبة دامت بينه وبين زملائه المعلمين طوال فترة بقائه فى الخرطوم الثانوية.. كان يبادل الناس جميعا احسانا باحسان. سيارته الفولكسواجن كانت ملكا مشاعا لكل راغب فى استخدامها ان لم يكن الاستاذ جلال فى حاجة لها اثناء النهار. وكانت داره العامرة فى حى الموظفين بالمقرن قبلة لرفاقه معلمى الخرطوم الثانوية وغيرهم من ابنا جلدته العاملين فى المدارس التابعة للبعثة المصرية وجامعة القاهرة فرع الخرطوم الذين سعدنا بالتعرف على عدد كبير منهم. الاستاذ جلال كان على صلة وثيقة بالشيخ كرف نراهما دائما منهمكين فى احاديث ضاحكة يتبادلان الكثير من القصص دون الافصاح عن مكنون نفسيهما فيما يتعلّق بتلك القصص . سعدت بلقاء الاستاذ جلال وهو مندفعا كالسهم منطلقا هاشّا باشّا من مكتب وكيل وزاره التربية والتعليم لمنطقة القاهرة الكبرى ما ان علم بوجودى عند مكتب الاستقبال وتواصلت عبارات الترحيب بشخصى تنداح ولا تتوقف وهو يقدمنى لكل من كان قد جمعهم فى مكتبه للقاء بى من قادة التعليم تحت رئاسته..كان لقاءا حارّابعد فراق بينى وبينه دام اكثر من ربع قرن من الزمان ظلت دموعه تترقرق فى عينيه طوال فترة لقائنا نسترجع الكثيرمن ذكريات ذلك الماضى الذى كانت ايامه بكل المقاييس جميلة وزاهية. ذلك كان فى احدى رحلاتى للقاهرة كوكيل اول لوزارة التربية والتعليم السودانية فى اطارتوطيد العلاقات التربوية والتعليمية فضلا عن تذليل العقبات المالية التى كانت تواجه اعارة المعلمين المصريين للعمل فى السودان ..لن انسى اصداره قرارا بموجبه اصبحت الاعارة للعمل فى السودان وكانها انتقال من محافظة الى محافظة داخل مصرولا تؤثر سلبا على فرص اعارة المعلمين المصريين الى دول الخليج بعد اكمال فترة اعارتهم فى السودان وعودتهم الى مصر قبل تقديم طلباتهم للاعارة مرّة اخرى الى الدول الخليجية التى كانت الرواتب فيها تفوق رواتب المعارين الى السودان اضعافا مضاعفة .
*المستر خان – معلّم الرياضيت– المعجب دواما باقوال الانجليزوافعالهم بصفة عامه وبشخصى الضعيف على وجه الخصوص.. جاء اعتبارا من بداية العام الدراسى من عام 1960– باكستانى الاصل .. بريطانى الهوى والجنسية – الى الخرطوم الثانوية يعلّم الرياضيات.. كان فى غاية الاناقة والنظاكه ..فى بداية الاربعينات من عمره..هادى المشية.. قليل الحديث.. خفيض الصوت.. كثير الاعجاب بكل ما يأتى من البريطانيين من قول وفعل.. كثير الزيارات لمكتب شعبة اللغة الانجليزيه والتحدث مع المستر اوتس الذى كان يستلذ احاديث المسترخان ولا يخفى اوتس ما كان يدور بينهما من احاديث تدخل فى اطارتبادل اخبارالمدرسة العامة والخاصّة معلمين وطلاب. عندما يدلف مسترخان الى مكتب الانجليزى ومن بعد تحيته لشخصى (ان كنت ساعتها داخل المكتب) لاحظت انه يلقى نظره احيانا تستمراكثر مما يفترض ان يستغرقه القاء نظرة عابره - ثوان معدوده - ولكنى احسست كانما الرجل كان يتفحّص امرا ما – تحت تربيزتى ..اما ان كنت قد التقيته خارج المكتب كنت احس انه يتمعن ملبسى وعلى الاخص ما كنت انتعله من احذية (هى فى الواقع كانت من اجمل ما تعرضه شركة "باتا" من الاحذية البريطانية الصنع والتى كنت اتحيّن تخفيض اسعارها من حين الى آخرللحصول عليها).. الى ان قام مستراوتس بكشف المستورعن نظرات مسترخان الذى كان يسعى الى توطيد علاقته بشخصى الضعيف ..ذلك بعد ان قمت باجراء تعديل طفيف على جدول حصصه بناء على طلبه ووجد صدى عظيما فى نفسه – الى ان صاريطلب موافقتى مسبقا على بقائه فى معيتى ظهيرة ايام "نوبتجيته" التى تحتم وجوده اثناء تناول طلاب الداخلية واحيانا الخارجيين وجبة الغداء (اذا كانت ساعات "العصرية" او المساء ستشهد نشاطا رياضيا اواجتماعيا يستوجب بقاء اعداد من الخارجيين والمعلمين)كنت اراه يفضل الاسترخاءعلى سريرثان تم استجلابه خصيصا لمن يفضلون البقاء فى المدرسة الى المساء من المعلمين ممن يسكنون فى مدينة امدرمان تحاشيا لمتاعب العودة الى ديارهم ثم الرجوع الى المدرسة مرّة اخرى (الشيخ كرف وفوزى جمال الدين كمثال .. اذ كانا يشاركان مستر خان الاسترخاء كلما دعا الداعى لبقائهما فى المدرسة مساء) وكثيرا ما كان مسترخان يروح فى سِنة من النوم بعد الغداء واسمعه يقول فى صوت خفيض بعد صحوته" British People used to have a nap after lunch; they must be "kurect امّا بعد تناول الطلاب وجبة العشاء وقبل ان يغدر المدرسة الى داره فانه كان يطلب منى ان اسايره على الاقدام وبرضو يؤكد ان الBritish People used to have a walk after dinner; they must be " kurect" مما كان يعيد الى ذاكرتى القول المأثور" تغدّا تمدا.. تعشّا تمشّا". وعند العودة بعد المسيرة معا التى كانت تمتد على شاطىء النيل الازرق الجميل الى ما بعد اسوار وزارة الصحة الغربية (ذهابا وايابا) ثم ينطلق مستر خان بسيارته عائدا الى منزله على شارع البلدية بالخرطوم.. المستر اوتس ابلغنى ذات مرّة كنت انتعل حذاءا ماركة ‘Ambassador' انجليزى الصنع ابتعته حديثا من "باتا".. بهرالحذاء اعين المسترخان والمستر اوتس الذى سألنى عنه . وتواصل الحديث عن الحذاء الى ان ابلغنى باعجاب مستر خان بشخصى الضعيف وبما كنت انتعله من الاحذية فضل (على حس قول مستر اوتس) ان المستر خان كان على قناعة ان من يسيرون على نهج الانجليزملبسا وسلوكا ومعرفة بلغتهم او تدريسا لها (مافى شك)هم فى نظره يعيشون حيات فى قمّة الحضارة والمدنية.. طبعا ظل اعجابه بشخصى يتزايد بعد اجرائى التعديل على جدول حصصه الذى سعيت بقدر الامكان الآ يتسع ولا يؤثّرعلى جداول المعلمين الآ القدر اليسير, نجحت فى حصر مداه على جدول شخصى وجدولى المستر اوتس والاستاذ على توفيق اللذين وافقا بلا حدود عليى ما قمت به ..وبلغ اعجابه بشخصى مداه وقمّته عندما شاهدنى (بعد مغادرته الغرفة) فى زى حكام كرة القدم الاسود واتولّى تحكيم مبارة فى كرة القدم (صادف قيامها يوم نوبتجيته) كان فريق الخرطوم الثانوية ينازل فريق جامعة الخرطوم ويُنزِل به هزيمة نكراء. فى دار المسترخان تعرّفت ذات مساء حينما دعانى فى معية المستر اوتس وزوجته والاستاذ على توفيق لحضور مناسبة اسريّة دعا لحضورها ايضا نفرا من اهله ومعارفه من الهنود والباكستانيين كان من بينهما معلّمتان لمادة العلوم كانتا تعملان فى مدرسة امدرمان الثانوية للبنات .ظل مستر خان ىرسل الوفير من الحديث مشيدا بشخصى الضعيف .. فوجئت بطلب من المعلمتين الشابتين مساعدتهما فى تعلّم اللغة العربية ومعرفة بعض مفرداتها تمكينا لهن على معرفة وفهم مايجرى فى المدرسة و ما يدور بين طالباتهن داخل الفصول خاصة اثناء تدريسهن بعض اقسام مادة الاحياء ذات الصلة بجسم الانسان من احاديث تثيرتضاحك الطالبات دون ان تدرك المعلمتان لذلك التضاحك والابتهاج بين الطالبات كنها ! ولكن ما ان اعددت العدة وتخيرت ما يعيننى على تحقيق مطلبهن جاء نبأ انتقالى الى عطبرة الثانوية لينهى صلتى بالمستر خان وبصِلة لم تبدأ بالمعلمتين.
شهدت شعبة العلوم الطبيعية عدة تغييرات بين اعضائها..اذ كان انتقال رئيسها الاستاذ الجيلى بابكر فى نهاية العام الدراسى فى ابريل 1959الى رئاسة الوزارة بعد عمله بيننا لمدة عام دراسى واحد ليتولى مهمة انشاء قِسم جديد تحت مظلّة مكتب"تفتيش" العلوم .. كان الهدف من انشائه ضبط ايقاع ما يتم استجلابه من المواد والمعدات ذات الصلة بتدريس العلوم فى المدارس الثانوية والتى كان يتم ارسالها من خلرج السودان الى المدارس مباشرة وقد تيين خطأ ما كان يجرى بين ما تطلبه كل مدرسة على حده من احتياجات تفوق حاجة المدرسة وبدلا من ترك الحبل على القارب لرؤساء الشعب يطلبون ما يشاؤون وتفاديا لما اتضح للاستاذ احمد سعد من اخطاء بعضهم عند تعبئتهم استمارات "الطلبيات" مما قد يفوق احتياجات المدرسة اقدارا واصنافا مما كان يُستجلب من تلك المواد والمعدات وما كان يفئض يظل يتكدّس فى مستوعات المعامل حتى يفقد صلااحيات استخدامه .. لجأ الاستاذ احمد سعد الى انشاء ذلك القسم وجاء بالاستاذ الجيلى بابكرالذى كان من اوائل خريجى قسم العلوم فى كلية غردون التذكارية..الاستاذ الجيلى على قدر من روح الدعابة بين رفاقه معلمى العلوم..بعد انتقاله تولّى الاستاذ محمد محجوب سليمان الشهير بأسم "شوره" رئاسة شعبة العلوم بعد ان ظل فى الخرطوم الثانوية ومن قبلها فى وادى سيدنا يدرّس الرياضيات جنبا الى جنب مع العلوم. يشاركه تدرس العلوم الاستاذ هاشم عبدالله الذى سردت قدرا من سيرته بين من ذكرت من نعلمى العلوم فى مدرسة وادى سيدنا حيث تولى رئاسة الشعبة فيها عام 1965 .. وجاء منتقلا من وادى سيدنا الى الخرطوم الثانوية فى عام 1958 الاستاذ حسن عبيد(الشايقى) الذى تخرّج فى كلية العلوم بجامعة الخرطوم فى عام 1957.. صال وجال الاستاذ حسن عبيد فى معامل العلوم فى وادى سيدنا وفى الخرطوم الثانوية مثلما كان يدا يمنى لاستاذه فى حنتوب - احمد سعد ابّان فترة توليه منصب كبير مفتشى العلوم واشرافه على جمعية العلوم بالخرطوم الثانوية سنين عددا اذ كان حسن عبيد ينوب عن الاستاذ احمد فى مواصلة الاشراف على اداء افراد الجمعية فى فترات غياب الاستاذ احمد سعد فى جولاته التفتيشية على المدارس خارج العاصمة. تميز الاستاذ حسن فى تدريس الكيمياء والاحياء مثلما كان دائما ما يحالفه التوفيق فى التكهن (Spotting) بما تحتويه اوراق امتحانات شهادة كمبريدج والشهادة السودانية لاحقا من اسئلة مادة العلوم.الاستاذ حسن عبيد كان دائب الحركة داخل المعامل وخارجها حتى صارمَعلَما من معالم الخرطوم الثانوية التى بقى فيها ثمانية عشر عاما متصلة ألآ من عام واحد قضاه مبتعثا فى بريطانيا.. بدأ مساره فى الخرطوم الثانوية من معلم مبتدىء يشق طريقهّ الى رئيس شعبه ونائبا لعدد ممن تولوا نِظّارتها عبر الزمان(كان من بينهم شخصى فى عام 1976) ومن تبعونى على قيادة العملية التربوية فيها الى ان تمت ترقيته وتم نقله الى موطنه فى مدينة "كريمه" ناظرا لمدرستها الثانويه..حيث انتقل الى رحاب ربّه بعد أشهرقلائل..عرفت الاستاذ حسن طالبا يتقدمنى بعام فى حنتوب..ضاحكا ممراحا بعكس ما صار اليه من صرامة وشِدّة فى تعامله مع الطلاب تصل حد القسوة عندما تولى منصب نائب الناظرفيها..اولما صار لهاناظرا بالانابه .. كان مهموما بامر الاستقرار الدراسى فى الخرطوم الثانوية تحسّبا لآنقياد طلابها وسيرهم فى ركاب طلاب الجامعة الذين طالما ظلوا يرفعون رايات مناهضة النظام المايوى طوال سنواته الستة عشر. رحم الله الاستاذ حسن عبيد فى الفردوس الاعلى اذ نعاه الناعى فى عام 1978 وهو يتولى نظارة مدرسة كريمه الثانوية للبنين. اما الاستاذ المصرى الجنسيه "قِرقِس محارب رِزْء" الصارم القسمات المتمسك بحرفية اللوائح والقوانين فقد كان نموذجا من المعلمين لم تشهده الخرطوم الثانوية فى تاريخها الطويل..وان تميز الاستاذ "قِرقِس" تدريسا الآ انه كان فى طبعه جفاء واى جفاء.. و احساس بالريبة وسوء الظن وفير. لا يُحيِّي فى صباح او مساء.. ولا يحب ان يُحَيّا.. زاهد فى رد تحية من يبدؤونه بها .. عرف عنه انه حينما حيّاه احد طلابه فى صباح باكرمن اول يوم لبداية الدراسة بعد عطلة صيفية وهو وحيدا داخل مكتب شعبة العلوم فكان ردّه على تلك التحية نظرة حاده حدج بها الطالب واتبعها بقوله " هل فى اى معرفه أبل كدا"! عند تولّيه فى عام من الاعوام الاشراف على ادارة الامتحانات المدرسية الداخلية اتى بما لم تشهده الخرطوم الثانوية او يكن معروفا بين معلميها من تعنّت وتشدد واشتطاط فى التعامل بينهم باصراره على ضرورة التزام المعلمين جميعا بمن فيهم رؤساء الشعب بتنفيذ نصوص القوانين ومطالبته لهم بتوقيع اسمائهم فردا فردا على كل ورقة تخرج من بين يديه الى اى منهم(بصرف النظرعما كانت تحتويه) حالما يقوم بمناولتهم اياها فى صلف وكبرياء وتعالى.. عذره فى ذلك " لآ.. بس انا عاوز اخلى نفسى من اى مسؤوليه" !
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.