أبصم بالعشرة إن التسيب فى المرافق الحكومية ليست ظاهرة عابرة لدينا بقدر ما أصبح سمة ووصمة تلازمنا فى كل مصلحة هكذا تعلمت الادارات والمدراء والموظفين فى مدرسة حكومات الفوضى واللامبالاة . منذ زمن بعيد امتد مع فساد إدارات التدليس وإخفاء الواقع والتعتيم وتغطية الحقائق والنظر بعين المصلحة الذاتية فقط أولا وأخيرا هذا حالنا البائس ومانحن عليه اليوم ولاشك فى ذلك والله على ما أقول شهيد. السفر الى الوطن قصة لها الف مدخل وليست كل الطرق تؤدى الى روما فالسودان له طريق واحد هى المعاناة حتى لو أختلفت السبل اليه جوا اوبحرا فانت مرغم فى ذلك لابطل ... سافر بحرإن شئت لتصطدم بالباخرة المصرية الاصل سودانية الاستخدام فيتبادر الى ذهنك مباشرة لماذا لانملك قرارنا فى أن تكون هذه البواخر سودانية ألاصل والادارة ،هل نضب السودان من رؤوس الاموال . أم اصبحت التجارة تمارس خلال اللعب بالعملة واستيراد المخدرات بالجملة والإقطاعى ولاابالغ ياسادتى ان قلت لكم حين تدخل هذه البواخر تستشعر ضئالة الانسان السودانى وهوانه وبؤسه وانحدار قيمته ومن لايملك قوته لايملك قراره وليس من رأى كمن سمع فحدث ولاحرج. الإستهتاريصبح رفيقك الذى لايفارقك يبدأمعك وأنت تغادر ميناء جدة فى مدخل بوابة الباخرة الصرية لتبدأ قصتك مع الاستهجان والإستفزاز ساعات طويلة هناك يصبح قدرك المحتوم مع الهوان مفتوح على كل الاحتمالات قدر يلازمك حتى تعود ادراجك هذا اذا كتبت لك العودة. اذا حملتك الاقدار الى سواكن تغالبك الاشواق الى الوطن وانت تحط رحال ألإغتراب فى الميناء فلا تظن ولو لبرهة واهما إنك قد بلغت دار الاسترخاء فأنت على سفر مشواره وعر المسالك كثير المهالك لا ينتهى ولكن لكل مرحلة اصناف تتجدد مع الهموم. عدت فى اليوم التالى وذلك حسب تعليمات ادارة الجمارك لاستلام بعض العفش ولايتم الا بعد يوم جديد من وصولك الميناء السعيد يعنى (شوية بهدلة وكده) لزوم العودة لازم تدفع من دمك (لحدى ما عينك تطلع) وهى مجرد بداية للناس المغتربة (المرتاحة والمرطبة) والضرب على الميت حرام . وقبيل أن تشرق شمس اليوم التالى ترى جماعات من الشعب المعذب فى الارض ينتظرون أكمال الاجراءات السلحفائية وسط فوضى عارمة وكميات من العفش المتكدس كانك وسط مزبلة كريهة لامجال للنظام فيها ولاترتيب للاولويات ولاقيمة للانسان ولكن ينتظرك استهتار منقطع النظير تكون المحظوظ اذا حالفك القدر فى استخراج أغراضك سليمة غير منقوصة . حقيقة ضاقت بى تلك المناظر الشوهاء وذلك الاذلال الارعن فأخرجت الكاميرا وبدأت أصور تلك الفوضى المستفزة وقبل أن أكمل تصوير كل معالم الاستهتار والاهمال وقف شخص يلبيس ملابسا مدنية وقال لى : - يا أستاذ مطلوب حضورك للمكتب فورا - أى مكتب فى مشكلة ؟ - نعم سعادة المديرطالب حضورك ومعاك الكاميرا دخلت معه الى مكتب مدير صالة الجمارك فرأيته ينظر الى شذرا ليبادرنى بصوت غاضب - انت صحفى ظاهر عليك ليه بتصور الصالة ....فى حاجة ما عاجباك فى صالاتنا؟ - نعم هناك اجراءات عقيمة وصور غير مشرفة وتكدس كميات من العفش والنظام الادارى لايواكب الكميات فالصالة تختاج الى إعادة نظر ........ لم يمهلنى حتى اكمل وجهة نظرى قال - اولا أنت ما الجهة التى تحاسبنا ونحن بنعمل المستحيل نريح الناس لكن نوعيتكم دى هى البتجيب لينا الهوا - خايفين ليه مادمت واثق انك بتقدم ما تستطيع فلماذا تخشى الصور - ما دايرين كلام كتير يا استاذ لو سمحت سلمنا الكاميرا نمسح منها هذه الصور هو انتو دايرين تعلمونا شغلنا بعد جدل ومناقشة طويلة قام السيد العميد بمسح الصور ثم سلمنى الكاميرا ولاغرو فهو من النوعية التى تخاف من الصور التى تفضح القصور وتظهر المستور إنها الصور التى لاتشرفهم حسب رأيه رغم انها بعض الحقائق المجردة التى يخشون ظهورها .... فالله المستعان . [email protected]