تبدو بﻼد افريقيا في هذا العصر شبيه (بخﻼط) يعصر المجتمعات الإفريقية دون أن يعي البعض لماذا يحدث الموت، ولماذا يقتل الطفل بالتجويع او التشريد، او ما هي فوائد هذه الصراعات، هذا جانب؟ فما نريد البحث عنه هو جزور العنف في بﻼد افريقيا، ونتناول هنا بعض الدول الإفريقية متشابهة الصراع 1- السودان لم تشهد السودان منذ تكونها كدولة مستقلة حرب دينية إﻻ في عهد نظام الجبهة الإسﻼمية، التي صعدت الي الحكم بإنقﻼب عسكري، حول حياة الشعب السوداني الي كارثة كونية، عبر استخدام شعارات الأسلمة السياسية والعروبة. كذلك وتدريجيا بدء النزول بمشروعها الي أرض الواقع، فتم تفتيت كيان الجيش وتم تغيره الي جيش مؤدلج يرفع شعار ديني ضد اهل السودان، ثم تحول الجيش طبقا لمؤثرات كثيرة الي مليشيات وتم تجنيب شرفاء القوات المسلحة وانتشرت المليشيات تقتل وتغتصب وتنهب وتعذب دون رقيب لها، وتم افساد الخدمة المدنية وانهارت كل المؤسسات، وعمت الفوضى كل ربوع السودان، وتحولت السلطة الي شلليات تدير البﻼد بنهج النكات والتخبط العشوائي، وكانت دارفور شاهدة علي ذلك، وكذلك تركيع وتصليع الطلاب بجامعة الخرطوم والمدن والقرى يعبر عن هذا الحال الظلامي. فلقد حكم اﻻسﻼمين بﻼد السودان لربع قرن، واثبتوا عدوانيتهم لمجتمع السودان، وهذا امر مرير مر بنا وسوف ينتهي في القريب العاجل. 2- نجيريا شهدت نجيريا الدولة اﻵمنة والمستقرة احداث دامية تصدرتها حركة اﻻرهابين اﻻسﻼموين (بوكو حرام)، التي ترفع شعار محاربة التعليم غير الديني بحكم المفاهيم المتطرفة، قد يكون لذلك منطق سخيف لكن سرعان ما تحولة الحركة الي منظومة ارهابية تخطف الفتيات بقرض بيعهن سبايا او اغتصابهن، فتمت خﻼل السنوات السالفة عملية حصر اختطاف الفتيات، فوصل العدد الي ما يقارب ال (200 بنت)، وكذلك تم قتل عدد كبير من المواطنين، وهذا ينعكس سلبا علي دولة نجيريا التي كانت من اكثر الدول استقرارا في افريقيا، ولها اقتصاد جيد ومتطورة من حيث العلوم والمعارف فقد تضيع غدا اذا لم تتمكن من محاربة الجماعات الاسلاموية المتطرفة. 3- مالي تعتبر هذه الدولة ايضا احدى اهم معاقل اﻻرهابين اﻻسﻼمويين، حيث شهدت احداث رعب في العام السابق، عندما قام السلفيين بهدم آثارها التاريخية وحرق الكتب والمؤلفات الفكرية والأدبية وغيرها، واعﻼن تحريرها من ما قيل علي السنت قادة السلف (التقليد الغربي) وذهبوا اكثر فأكثر فقاموا بقتل وترويع الشعب هناك، واصبحوا محدد حقيقي لسﻼمة المواطن وأمنه واستقراره، وتبدوا اﻵن مستقرة بعض الشيئ، لكن علي حكومتها اﻹلتفات لمسألة تنامي هذه الخلايا، والنظر بجدية لخطورتها علي الدولة والمواطن، والعمل علي اجهاضها قبل استفحال امرها. 4- الصومال يبدوا أن الحديث عن هذه الدولة يبعث التعجب والحيرة، فﻼ اجد اي منطق لما يجري بها من قتال من قبل الشباب المجاهدين والحكومات المتتالية عليها، في ظل إنعدام كامل لمقومات الخياة وانهيار كامل للدولة سياسيا واقتصاديا، لذى اترك الحديث عنها لكم، فهي كارثة افريقيا الدائمة التي لم تجد الحل الناجع والشافي لما يدور هناك من المجتمع الإقليمي والدولي، وقد تؤدي الصراعات والمجاعات هناك لتﻼشي هذه البلدة من خارطة افريقيا، لتنامي الصراع الديني القديم المتجدد بلا حل. 5- مصر في الشمال الجغرافي لخارطة السودان، عندما صعدت الحركة اﻻسﻼمية لسدة الحكم بقيادة محمد مرسي، تم تحويلها الي دولة شبه منكوبة سياسيا، وبات اﻻختبوط اﻻسﻼموي يبحث عن حرق الكنائس وحرمان الشعب من حقوقه الثورية التي جاء مرسي لهدمها في اﻻصل لصالح حزبه، ولتطبيق سياسة التمكين والتفرع حتي اصبحنا نسمع بإنفجار سيارات مفخخة وقتل وتشريد يومي يحدث هناك، فلم تتمكن الحكومات العابرة بمصر من وضع حد لتنامي تنظيم اﻻخوان منذ عهد حسن البنأ حتي حدثت تغيرات سياسية في تلك المنطقة، وبدء التحول بشكل نسبي من الثورة والثورة المضادة والفوضى الي دولة الأمن والإستقرار. 6- تونس قد تكون تونس مستقرة بعض الشيئ في محيطها الأقليمي، لكن هي الآخرى ستلحق بركب التحلل والإنهيار نسبة لخفقاتها المتتالية وعملية الشد والجذب هناك، مع عدم وجود إنفراج حقيقي مسائل تطبيق الحريات والديمقراطية وصعود التيار الاسلاموي وبطبيعته لا يؤمن بموضوع الحريات والديمقراطية، وانا إذ ابارك حظر تنظيم الأخوان المسلمين بكل فروعها ومنتسباتها، من اجل نهضة وتطور افريقيا وسلام العالم ووقف الحرب والإرهاب، فالإنحلال والتحلل في عصر الإسلام السياسي للدولة القومية الديمقراطية وتفكك المجتمات المترابطة، ظاهرة تحتاج لمعالجة جزرية جادة، فلا بد من ثورات تغيير مفاهيمي شاملة تزيل (التغبيش الفكري) وتؤسس لدولة متقدمة. افريقيا تحتاج لإعادة ترتيب وهذا يتوقف علي أبنائها وكفاحهم، وحتما سيتم بنائها من جديد رغم النكسات والنكبات سيأتي الفجر. وسوف تجد هذه الشعوب مسالكها الصحيحة لتعبر الي دوح السلام وتقطف ثماره وتبني أوطانها، ستقاوم الشعوب كل المشكلات التي تحيط بها دون أن تتراجع او يتجمد عطائها الثوري الي أن تبلغ قمة الإزدهار السياسي و النهضة الإقتصادية، فالإيمان بقدرتها علي إحداث التغيير والتحرر كامن في تاريخها القديم ومستنتج من واقع تدافعها نحو ميادين الكفاح طلبا للحرية والعدالة والمساواة وكل القيم الإنسانية النبيلة، وهذا مصدر قوتها ودافع إستمرارها في طريق النضال. سعد محمد عبدالله القاهرة [email protected]