أ.علم الهدى أحمد عثمان المنسق العام لحركة الجيل الجديد ومرشح الرئاسة الأسبق 1- بالنسبة لمحور الدستور ، فسنجد أن هذه المخرجات تحصيل حاصل لأنها أصلا مضمنة قديما وحديثا في كل دساتير البلدان بما فيها السودان كالرقابة على دستورية ومدى اخضاع القوانين للدستور والنص على استقلالية القضاء والمحكمة الدستورية ...الخ. 2- وسائر البنود التي وردت في محور الدستور مجرد تكرار رتيب لما هو قائم وموجود بالفعل حيث أن الإشكالية تكمن في إنزال النصوص وهذه القيم الدستورية على أرض الواقع . 3- بالنسبة للبند 27 الوارد في صلب محور الدستور :( التأكيد على حماية مصالح البلاد العليا وتقديمها على المصالح الحزبية والشخصية الضيقة) ، كما هو واقع ظللنا نعاني طيلة فترات الحكومات الوطنية التي تعاقبت على حكم السودان منذ الاستقلال الى يومنا هذا ، والواقع أصدق شهادة ، حيث نجد أن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة هي الأوفر حظاً دوماً ، افتئآتاً على حساب المصالح الوطنية العليا ، وما أشبه الليلة بالبارحة. هل يا ترى ستكون هناك إرادة وطنية حرة ومستقلة ونزيهة وحريصة على سيادة المصلحة العليا على المصالح الضيقة ...أنت الحكم أيها القارئ. في ظل الوضع الحالي والمكونات السياسية الموجودة خاصة الممسكة بزمام السلطة والموالين لها ، هم جميعهم بمنأى عن هذه القيمة (تغليب المصالح العليا على المصالح الضيقة). لأن التمسك بهذه القيم وتحقيقها واقعاً يقتضي تمتع بحس وطني وتحلي بالمسؤولية الوطنية التي تحتم على صاحب الضمير الحي تقدير مقتضيات الديموقراطية واعتبار حقوق الانسان بما فيها الاعتراف بالآخر وبحقه في الوجود وسائر الحقوق . وفي ظل انعدام الحس الوطني وغياب المسؤولية الوطنية والضمير الحي يجعل من تحقق هذه الاهداف المرجوة امراً ميؤوس منه ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، حتى لا نخدع أنفسنا. 4- بالنسبة للبنود من 32 حتى 35 والخاصة بحفز الارادة السياسية والمشاركة وبناء الثقة والتصالح وعدالة التوظيف وتوزيع الخدمات ؛ نجد أن مدى تحقيق ذلك في ظل غياب أسس ومعايير منضبطة وملتزم بها في أطر توزيع التنمية وفرص المشاركة والاستيعاب والتوظيف في ظل غياب هذه الأسس يكون مدى تحقق ذلك ضرب من الخيال والمحال، كما هو واقع معاش الآن . فمادام أن اتاحة فرص المشاركة والاستيعاب والتوظيف وتوزيع التنمية تخضع لمعايير (تزكية المجتمع وسائر ضروب التمكين ) فلا أمل في مخرجات حقيقية تفضي إلى نتائج طبيعية منشودة. 5- فيما يتعلق بمحور الحكم وماهية نظام الحكم ، فتمت الاشارة إلى اعتماد النظام الرئاسي ، أي أن يتم اختيار الرئيس بالانتخاب المباشر من الشعب وتعيين رئيس للوزراء ، فتدق المسألة عندما نتحدث عن اختيار الرئيس بالانتخاب المباشر لأنه كي يكون الرئيس منتخباً انتخاباً حراً ونزيهاً وفق انتخابات مطابقة للمعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن أمراً صعباً في السودان في ظل الأوضاع الراهنة ، وخير دليل على ذلك الانتخابات العامة التي جرت في السودان في العامين 2010 و 2015 ؛ فهما تجربتان لا يمكن القول عليهما بأنهما انتخابات حرة ونزيهة ومطابقة للمعايير الدولية ، ونفس الشخوص الذين لهم القدح المعلى في وضع هذه البنود وبيدهم وحدهم عبء انفاذها واقعاً هم نفس الشخوص في الوقت الراهن. فمن أين سيأتي التغيير؟! . فبكل الحسابات والاسقاطات والتكهنات في ظل الوضع الراهن فلن تكون انتخابات حقيقية تفضي الى قيادة شرعية حقيقية يتوافق عليها الجميع لأنه إذا ساءت المقدمات ساءت الخواتيم والمخرجات والتبعات. إذن فعلى هذه السجية سيكون في خاتمة المطاف أن الحوار الوطني لن يؤتي أكله لأنه لم ينبني على حقائق موضوعية مستقاة من واقع التجربة الديموقراطية. 6- بالنسبة للبنود 41 ،42 ، 43، والخاصين بالولاة ونواب المجالس النيابية والمعتمدين ، حيث أكدت التجارب السابقة سواء كانت بالانتخاب أوالتعيين فشل هذه المعايير ، لأن الانتخاب لم يكن حر ونزيه حيث كانت مبنية على أسس جهوية وقبلية وعرقية وسائر التوازنات، والتعيين لم يتم على أسس موضوعية أكثر منها شخصية ، هذا بدوره أفسد التجربة الواعدة وأفرغها من مضامينها القيمة . 7- البند 43 ذهب إلى ضرورة النأي عن الصراعات الجهوية وعدم الاقصاء والاستقطاب الديني والعرفي ، والسؤال الذي يثار ، ما هي آليات تحقيق ذلك واقعاً ، كذلك فإن الاستقطاب الديني والعرفي هو أساس الانتخابات الماضية كلها فأكبر حزبين وهما الأمة والإتحادي قائمة على خلفية أسس دينية ، حتى المؤتمر جاء على أنقاض الطرح الديني (المشروع الحضاري). فوعد الناس بتحقق ذلك هو إما هروب من الواقع أو خداعا للذات قبل الناس وضحك على العقول. 8- البند رقم 44 الخاص بالحكم المحلي فيه تغول على مهام واختصاصات تجربة الحكم الفدرالي لأنه يركز السلطات في يد المشرع المركزي تغولا على مهام واختصاصات وسلطات المشرع الولائي ، وتغول السلطة التنفيذية المركزية على السلطة التنفيذية المحلية بما يفقد التجربة الفدرالية مضمونها ، ويجعل المشرع المحلي مكتوف الأيدي أمام هذا التغول ، رهن إشارة المركز وكل شيء تحت إمرة المركز. 9- البند 45 المتعلق بالقسمة العادلة للثروة والسلطة والاهتمام بقضايا الهامش والمناطق المتأثرة بالحروب والجفاف والتصحر ، فإن أغرب ما ورد فيه هو الاعتراف بقضايا الهامش هروبا من عبارة (المهمشين) ، والهروب من هذه العبارة على حد ذاته دليل على أنه لا توجد إرادة مستقبلية جديرة وقديرة تضطلع بمهام جسام تمحو هذا المفهوم وفق قسمة عادلة للسلطة والثروة وعدالة توزيع الفرص والتنمية. 10- البند رقم 48 والخاص بترشيد الانفاق الحكومي وحماية المال العام وتكوين أجهزة رقابية فعالة ، والسؤال الذي يطرح ؛ هل سيتم تطبيق ذلك –خاصة فيما يتعلق بالرقابة على المال العام – بأثر رجعي أم مباشر ، فهل ستكون هناك محاسبات وفق ابراء ذمة مبنية على أسس واقعية منذ مجيء الانقاذ في العام 89 وحتى اليوم. أما عفا الله عما سلف. 11- البندين رقم 54 و 55 فيما يتعلق بالتأكيد على التنافس الحر بين القوى السياسية ونبذ العنف والاعتراف بالمعارضة بانتفاء وسائل القمع والاقصاء ، فالسؤال الأول ، من هو المقصود بالقوى السياسية هل هي الموالية ، أم القوى السياسية السودانية النافذة بأسرها ، والسؤال الثاني هل سيتم تعديل قانون الأمن والمخابرات الوطني لينأي بنفسه عن عمليات قمع الأنشطة السياسية ومصادرة الحقوق ذات الصلة؟ 12- البند 59 ؛ والخاص بانشاء مفوضية جديدة مستقلة للانتخابات من شخصيات مستقلة بالتوافق السياسي ، هل سيكون ذلك على غرار مفوضية الأصم ومن سبقه؟ أما بشأن التوافق السياسي ، هو السؤال الذي طرحناه سلفا فيما يتعلق بتعريف القوى السياسية ، وما يرد في ذلك من محاصصات داخلية هزيلة ومساومات رخيصة لا ترتقي لمعايير التجربة الديمقراطية الحديثة. 13- البند رقم 60 ، والخاص بتكافؤ الفرص عبر الاعلام الرسمي للقوى السياسية لعرض برامجها الانتخابية ، والملاحظ من تجربتنا الشخصية الأخيرة في هذا الشأن فإن هذا الحديث قد قيل مراراً وتكراراً لنا ولم يتم انفاذه على أرض الواقع ، لأن مرشح حزب النظام الحاكم هو الأوفر حظاً بتسخير كل إمكانيات الدولة لاستعراض برامجه الانتخابية رغم أنه ضامن للفوز ؛ افتئاتا على حساب سائر المرشحين ، في ظل الوعود الكاذبة من قبل المفوضية الزائفة. ختاماً ، فإن هذا غيض من فيض ، والبقية تترى ، ونحن إذ نقف ضد هذه المخرجات فإنما ذلك لسبب واحد هو حتى تكون هذه المخرجات حقيقية ، تفضي لنتائج موضوعية تؤسس لوضعية أكثر استقراراً واستمراراً يقطع الطريق على كافة ضروب الحروب والنزاعات المسلحة وغير المسلحة وسائر الصراعات المبطنة والمعلنة ، وبما يرفع الظلم ويزيل الغبن ، لا يتسنى ذلك إلا بإجماع كافة القوى السياسية ، حكومة ومعارضة ، حركات مسلحة وغير مسلحة ، ومتوافقة ، تأتي لكلمة سواء تجتمع فيها الإرادة الوطنية الحقة المجردة من أية وصاية أو هوى شخصي لأجل إرساء دعائم وفاق وطني يمسك بأهداب الماضي ، وحقائق الحاضر ويرسل اشعاعات أمل كم ظل منشوداً في المستقبل الواعد والزاهر. [email protected]