السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    إبراهيم عثمان يكتب: عن الفراق الحميم أو كيف تخون بتحضر!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نادي الكتاب السوداني في واشنطن
نشر في الراكوبة يوم 26 - 10 - 2016


:
من يتحمل مسئولية تقسيم السودان؟
د. عبد الرحيم محمد صالح: ليس الجنوب وحدة واحدة، بدليل ما يحدث الأن
محمد بشير حامد: نعم، مسئولية الشماليين، لكن، ماذا عن مسئولية الجنوبيين؟
د. كمال موافي: اذا الغت حكومة انتفاضة 1985 قوانين نميرى الاسلامية ...
محمد علي صالح: امريكا تتحمل مسئولية تقسيم السودان.
واشنطن: محمد علي صالح
ناقش نادي الكتاب السوداني في واشنطن (الشهرى) خلفية الاشتباكات الدموية في جنوب السودان في الوقت الحاضر، بل منذ انفصال الجنوب قبل خمسة سنوات. وحتى اضطر مجلس الامن، لاول مرة في تاريخه، لاجبار دولة على قبول مزيد من القوات الدولية (رغم معارضة حكومة جنوب السودان، لكنها رضخت). بل خول مجلس الامن القوات الدولية لاطلاق النار على الجنوبيين، مما يوضح ان المستقبل يمكن ان يحمل مزيدا من سيل دماء الجنوبيين، ومزيدا من الفوضى السياسية، ومزيدا من الانهيار الاقتصادى.
كان النقاش اعتمادا على كتاب "انفصال جنوب السودان: دور ومسئولية القوى السياسية الشمالية" الذي اصدره، مؤخرا، د. سلمان محمد احمد سلمان، المستشار القانوني السابق لرئيس البنك الدولى، والان خبير عالمي في شئون الماء والاقتصاد.
واتفق المشتركون في النقاش على ان تقسيم السودان لم يكن فقط مسئولية الشماليين. وان الجنوبيين لعبوا دورا كبيرا في ذلك، بالاضافة الى دور الحكومات والمنظمات الاجنبية.
هذا ملخص النقاش:
--------------------
"ليس الجنوب وحدة واحدة":
د. عبد الرحيم محمد صالح، استاذ في جامعة ميريلاند الكلية الجامعية، وفي الجامعة الاميركية في واشنطن":
"... على الرغم من حشد هذا الكتاب لكثير من الاراء، وتدعيمها بالمصادر وتقديم الوثائق والبيانات، يظل القصور الرئيسي في الكتاب هو عدم القدرة على تعريف عبارة "القوى السياسية الشمالية":
اولا: هذه عبارة جامعة لكتل، وكيانات، واحزاب، وجماعات متباينة في مذاهبها، ومنطلقاتها الفكرية، واهدافها. فيها اليساري، واليمينى، والحديث، والتقليدي، والدينى، واللادينى، والعسكري، والمدني. وتشمل انظمة ديمقراطية، واخرى دكتاتورية.
ثانيا: عبر السنوات، وقفت كثير من الجماعات والافراد الشماليين مع مطالب الجنوبيين. بل حمل كثير من الشماليين السلاح دفاعا عن حقوق الجنوب.
ثالثا: قلل د. سلمان دور بعض، وربما كثير، من السياسيين الشماليين، وغير السياسيين، الذين سجنوا، وفصلوا بسبب نضالهم من اجل الاخاء الوطنى، ومن اجل مناهضة سياسات التمييز بين الشماليين والجنوبيين.
في الجانب الاخر، اهمل، بصورة واضحة، مسئوليات سياسيين جنوبيين تقلدوا مناصب هامة في الخرطوم، مثل اعضاء في مجلس السيادة، او في مجلس قيادة الثورة، او في مجلس الوزراء، او في البرلمان.
صحيح، رفض الشماليون، في عام 1958، حق تقرير المصير للجنوبيين (اقتراح الاب ساترنينو، عن الدائرة80 ، توريت ولاتوكا). ثم عاد الشماليون، بعد نصف قرن، وايدوا حق تقرير المصير. لكن، لم تكن هي نفس القوى السياسية الشمالية (التي وقعت على اتفاقية نيفاشا عام 2005).
يعنى هذا انه لا يوجد شئ واحد اسمه "القوى السياسية الشمالية."
نقطة اخرى: يجب ان تهدف الموضوعية والالتزام الصارم الى الوصول الى الحقيقة، وليس فقط جمع معلومات لاثبات وجهة نظر. لهذا، اذا تعذر على الكاتب اقصاء الايدلوجيه، فهو ملزم اخلاقيا، على الاقل، بايراد الاراء الاخرى المختلفة.
لهذا، يلاحظ القارئ في وضوح عدم حياد د. سلمان.
اضف الى ذلك الأتي:
اولا: استهجان وجهات نظر الشماليين، او تغييب الحقائق التي تؤيدهم، بهدف التقليل من شأنهم، واستحسان وجهة نظر الجنوبيين.
ثانيا: عدم مقارنة جنوب السودان بالاقاليم الاخرى، والتركيز على مقارنته بالعاصمة. وكلنا نعرف ان الخلل في توزيع الحكم كان، ويظل، بين المركز وكل الاقاليم، وليس بين المركز والجنوب فقط.
ثالثا: سهل الحديث عن التباينات الثقافية والدينية بين شمال السودان وجنوبه. لكن، اين التباينات الاثنية، واللغوية، والثقافية بين سكان جنوب السودان انفسهم؟ كان، ويظل، خطا النظر الى الجنوب كوحدة واحدة.
وبدليل ما يحدث في الجنوب اليوم ... "
--------------------
"مسئولية القادة الجنوبيين":
محمد بشير حامد، رئيس سابق لقسم العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، ووزير الاعلام في حكومة انتفاضة عام 1985، وخبير سابق مع الامم المتحدة:
"... يشكل الجهد الكبير الذى بذل فى تجميع هذا الكم الهائل من الوثائق الهامة والنادرة، فى حد ذاته، انجازا عظيما. وذلك لانه مرجع علمي هام لدراسات مستقبلية في الجامعات ومراكز البحوث.
لكن، يظل المقصود بتعبير "القوى السياسية الشمالية" مبهما فى ذهنى. لهذا، اقدم سؤالين:
الاول: هل ننظر لهذه "القوى" وكأنها كائن آحادى التفكير، متفق فى دوافعه، ومتوحد فى أهدافه بشكل لا تؤثر فيه كثيرا الأحداث والظروف؟
الثاني: هل ينطبق نفس الشئ كذلك على المقابل السياسى والجغرافى لها، والمتمثل فى القوى السياسية الجنوبية؟
يضع الكتاب "مسئولية انفصال جنوب السودان كاملة على القوى السياسية الشمالية." لكن، يثير ذلك عدة تساؤلات، لعل أهمها هو: أى قدر من المسئولية يمكن وضعه بالمماثل على القوى السياسية الجنوبية؟
لا شك أن النزعة الانفصالية لدى الجنوبيين تزايدت خلال سنوات الحكم العسكرى الاول (حكم الفريق ابراهيم عبود). وذلك لان عبود حاول عدة صيغ لسياست جمعت بين القمع العسكرى الدامى وبين الدمج الثقافى القسرى. فعل عبود ذلك من خلال فرض الأسلمة والتعريب فى الجنوب.
لهذا، اتفق مع القول بأن الحل العسكرى فى الجنوب في عهد عبود أخذ بعدا إسلاميا عربيا، حتى فى غياب "أى ادعاء أو مناداة بدولة اسلامية فى الشمال." وتوجد هنا مفارقات تاريخية، منها:
المفارقة الاولى: عند مقارنة سياسة الاسلمة في عهد عبود بتطبيق قوانين سبتمبر الاسلامية في عهد نميرى. والتى كانت أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب الأهلية الثانية فى الجنوب.
المفارقة الثانية: جاءت نهاية حكم عبود بعد انتفاضة شعبية فجرتها موجة من الاستياء العام فى الشمال ضد سياسات وممارسات القمع المتزايدة فى الجنوب
ارى أن مشكلة الأحزاب الشمالية فى مؤتمر "المائدة المستديرة" (مباشرة بعد ثورة اكتوبر عام 1964 التي انهت نظام عبود) لم تكن فهمها الخاطئ للنظام الفيدرالى – وإن كان ذلك واردا.
كانت مشكلتها هي عدم تفهمها للمستجدات التى طرأت فى موقف الجنوب منذ أن رفض الشمال هذا الخيار فى أعقاب الاستقلال. في ذلك الوقت، كانت الفيدرالية تمثل سقف المطلب الجنوبى. لكن بعد تراكم الأخطاء والمآسى، أرتفع سقف المطالب، مع تزايد النزعة الانفصالية عند غالبية الساسة الجنوبيين.
في عهد نميري، اعطت إتفاقية أديس أبابا الجنوب حكما اقليميا ذاتيا أكثر قربا للنظام الفيدرالي. وكان نجاحها نتيجة تقديرات برغماتية تلاقت فيها مصالح السلطة عند نميرى، في جانب، وجوزيف لاقو، في الجانب الاخر.
حدث ذلك رغم معارضة أغلبية الشماليين والجنوبيين وقتها.
لكن، افرز إنتهاء الحرب الأهلية في الجنوب إلى السطح الإنقسامات القبلية وسط
الجنوبيين. وصار التنافس القبلى والشخصى فى الصراع على السلطة الإقليمية هو الهم الشاغل عما سواه.
وما اشبه الليلة بالبارحة.
كان فشل القيادات الجنوبية مزدوجا:
اولا: حرموا ناخبيهم من أى خيارات حقيقية فى الممارسة الديمقراطية، وذلك بسبب قصورهم في تقديم برامج تتخطى البعد القبلي.
ثانيا: حرموا الجنوبيين من أى نفوذ حقيقى فى القضايا السودانية الوطنية التي تمس مصالحهم مباشرة (مثلا: اتفاقيات التكامل مع مصر)، وذلك بسبب تهاونهم فى الاهتمام بالبعد الوطني السياسي.
ثم جاء تقسيم الجنوب لثلاثة أقاليم. تحقق هذا بمبادرة من بعض القيادات الجنوبية (جوزيف لاقو) التى حثت نميرى على إتخاذ تلك الخطوة. والتى أدت بدورها لتقويض إتفاقية أديس أبابا، وتفجير الحرب الأهلية من جديد.
لم تكن الخلافات الاقليمية التى هيمنت على تجربة الحكم الذاتى فى الجنوب (خاصة بين جوزيف لاقو وأبل ألير) حول برامج سياسية أو حزبية. كانت حول انتماءات وتخوفات وطموحات قبلية وشخصية.
وما اشبه الليلة بالبارحة.
لهذا يمكن القول ان المسئولية التاريخية تقع ليس فقط على عاتق القيادة الشمالية التى اتخذت القرار. بل أيضا – وربما بقدر أكبر – على القيادات الجنوبية..."
----------------------
"اذا الغت انتفاضة 1985 قوانين نميرى الاسلامية":
د. كمال موافي، استاذ سابق في كلية الزراعة في جامعة الخرطوم:
"... اركز هنا على فترة الديمقراطية الثالثة، بداية بانتفاضة عام 1985 التي انهت 16 عاما من حكم الجنرال جعفر نميري.
وابادر واحمل حكومة الانتفاضة، حكومة دفع الله الجزولي، مسئولية تدهور العلاقات بين الشمال والجنوب، وهو التدهور الذى زاد خلال سنوات الديمقراطية الثالثة (حكومة الصادق المهدي)، ثم سنوات الحكم العسكرى الثالث (نظام الفريق عمر البشير)، حتى انفصل الجنوب:
اولا، لم توف حكومة الجزولي بوعدها بالغاء قوانين الشريعة التي كان وضعها نميري.
ثانيا: انحازت حكومة الجزولي نحو هذه القوانين. ولم يكن ذلك غريبا بسبب الميول الاسلامية الواضحة للجزولي. ناهيك عن الميول الاسلامية الواضحة للمشير سوار الدهب.
ثم جاء الصادق المهدي رئيسا للوزراء. وتنكر لجملة كان قالها بان القوانين التي وضعها نميري "لا تساوى الحبر الذي كتبت به." في الحقيقة، لم يرفض الصادق المهدي الالغاء منذ البداية. ويا ليته فعل ذلك. صار يحاور، ويناور، ويتزاوغ. ومضت سنوات وهو يفعل ذلك، حتى وقع انقلاب عمر البشير.
ويجب الا ننسى دور طائفة الختمية، بقيادة السيد محمد عثمان الميرغنى. انضم الى الاخوان المسلمين، وايد استمرار قوانين الشريعة.
غير ان مسئولية حكومة الجزولي هي الاهم. في الحقيقة، لم يكن هناك وزير للعدل في حكومة الجزولي لفترة طويلة، وهو الوزير الذي كان يجب ان يتولى ملف قوانين الشريعة.
ثم صار عمر عبد العاطي وزيرا للعدل. لكن، لم يكن سرا ان عبد العاطي والاخوان المسلمين من طينة واحدة. وكان عبد العاطي تمرن محاميا في مكتب محمد صالح عمر، من قادة الاخوان المسلمين (قتل في عهد نميري).
الذي حدث هو ان وزارة الجزولي لم تلغى قوانين الشريعة لسبب بسيط، وهو ان وزير العدل لم يقدم الالغاء الى مجلس الوزراء.
ماذا عن دور الجنوبيين خلال هذه الفترة؟
لم يكن سرا ان جون قرنق، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، لم يكن متحمسا للانتفاضة. لان الانتفاضة لم تكن متحمسة لقضية الجنوبيين.
لكن، ربما كان عليه ان يتحمس لها، وهي حكومة ديمقراطية جاء بعد سنوات طويلة من حكم عسكرى دكتاتوري.
لهذا، اعود الى د. سلمان، واتفق مع الأخرين في انه اهمل دور الجنوبيين. هذا موضوع تاريخي طويل.
اتذكر سنوات عشت فيها في الجنوب عندما كان والدي طبيبا في واو. واتذكر دور الكنائس والبعثات التبشيرية، ليس فقط في مجال العبادة، ولكن، وهذا كان الاهم، في مجال التعليم. كان واضحا، وبدون ان يحتاج اي شئ الى ابحاث ودراسات، ان الجنوبيين يتعلمون تعليما مسيحيا غربيا. وكان لابد ان يؤثر ذلك على مستقبل العلاقات بين شطرى الوطن. وهذا ما حدث..."
---------
دور اميركا في تقسيم السودان:
محمد علي صالح، مراسل صحفي في واشنطن:
"اود ان اضيف نقطة اهملها د. سلمان، وهي دور الدول الغربية، وخاصة كنائس وحكومات الولايات المتحدة، وبريطانيا، والنرويج. وخاصة "لوبي جنوب السودان" في واشنطن.
وستكون مشاركتى في هذا النقاش تلخيص تقرير نشرته وكالة "رويترز" قبل سنوات قليلة تحت عنوان: "الخبراء الذين باعوا جنوب السودان في واشنطن."
هذه مقتطفات من التقرير:
"في منتصف الثمانينات، بدات مجموعة من خبراء السياسة الخارجية الاميركية المهتمين بالشئون الافريقية لقاءات غداء في "اوثيلو" (عطيل)، مطعم ايطالي صغير، قرب ميدان "دوبونت" في قلب واشنطن. ومع البيرة والساندوتشات، كانوا يناقشون موضوعا معينا: كيف تقدر الولايات المتحدة على فصل جنوب السودان عن السودان، وتحويله الى دولة مستقلة؟
سموا المجموعة "ذا كاونسل" (المجلس)، وسموا انفسهم اسماء حركية:
اولا: "الامبراطور": تيد دانغنى: لاجئ من اثيوبيا، يقال انه قريب الامبراطور السابق هيلاسلاسي. حصل على الجنسية الاميركية، وصار مستشارا افريقيا في قسم ابحاث الكونغرس (التابع لمكتبة الكونغرس).
الثاني: "زعيم القبيلة": بريان سيلفر: زميل قرنق في جامعة ايوا ستيت. ثم محاضرا في جامعة الخرطوم. ثم مسئولا في وكالة المساعدات الخارجية الاميركية في واشنطن.
الثالث: "حامل السهم": روجر ونتر: كان مدير اللجنة الاميركية للاجئين. في وقت لاحق، صار المحرك الخفى للدور الاميركي في اتفاقية نيفاشا. ثم مستشارا لحكومة جنوب السودان الجديدة.
الخامس: "درامار" (الذي يدق على الطبل): جون برندرغاست: متطوع في دول افريقية، ثم ناشط في السياسة الاميركية نحو افريقيا. في وقت لاحق، صار مستشارا في مجلس الامن الوطنى في البيت الابيض.
في وقت لاحق، قال ونتار لوكالة "رويترز": "لم نكن مسئولين كبارا، لكننا حاولنا التاثير على المسئولين الكبار. (كان صديقا لسوزان رايس، ووراء اختيارها، في وقت لاحق، مساعدة لوزيرة الخارجية، وهي التي اشرفت على تاسيس دولة جنوب السودان)".
واضاف: "اعتقد ان تحقيق هدفنا (تاسيس دولة جنوب السودان) كان معجزة."،
لا يوجد هناك شك في ان الجنوبيين في السودان هم المسئولون عن تاسيس دولتهم. حاربوا، لعشرات السنين، ضد سيطرة الشماليين السودانيين. وضحوا باكثر من مليوني قتيل.
ولا يوجد شك في ان الرئيس السابق جورج بوش الابن لعب دورا كبيرا. وذلك اعتمادا على نصائح منظمات مسيحية، ومنظمات حقوق الانسان، واعضاء في الكونغرس يعادون الحكومة العسكرية الاسلامية في السودان.
لكن، وواء هؤلاء، كان يقف اعضاء "الكاونسل" (المجلس) في واشنطن.
بعد بداية لقاءات المطعم بعشر سنوات تقريبا، تعاون "الكاونسل" مع سودانيين:
الاول: د. فرانسيس دينق، وزير الدولة للشئون الخارجية في عهد نميري، ثم خبير الشئون الافريقية في معهد بروكنقز في واشنطن. (صاحب نظرية: "حكومتين في دولة واحدة").
الثاني: د. منصور خالد، وزير الخارجية في عهد نميري، ثم مستشارا الجنرال جون قرنق، قائد الجيش الشعبي لتحرير السودان. وصديق الاثيوبي تيد داقنى، عضو "الكاونسل".
في ذلك الوقت، هبط على "الكاونسل" حظان من السماء:
الاول: فى عهد الرئيس كلنتون، بداية العقوبات الاميركية ضد حكومة البشير العسكرية الاسلامية. وضرب مصنع الادوية في الخرطوم بحرى بتهمة دعم الارهاب.
الثاني: في عهد الرئيس بوش الابن: هجمات 11 سبتمبرعام 2001. واعلان بوش الابن "الحرب ضد الارهاب"، والمتعاونين معه، والمؤيدين له، بما في ذلك حكومة البشير في السودان.
ثم هبط من السماء نجم سينمائي مشهور: جورج كلوني ...
(والبقية، كما يقولون، صارت تاريخا).
==================
كتاب الشهرالقادم : د. منصور خالد: "تناقض سودانين"
=================
[email protected]
MohammadAliSalih.com
Facebook: Mohammad Ali Salih
Twitter @MellowMuslim


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.