بعد مضي أكثر من ثلاثة أسابيع للأطباء في معتقلات أمن النظام، يُطلق سراح بعضهم بعد مسرحية سيئة الإخراج، وبأدوار مبتزلة لممثلين فاشلين، بمكياج غير متناسق؛ حيث شكلت زيارة وفد إتحاد السلطة فصله الأول وليتواصل المشهد باطلاق سراح البعض. حاول النظام بذلك تسويق إدعاءات كاذبة لتبييض وجوه إسودت بجرائمها ضد الإنسانية؛ فما قام به عشميق وعصابته لايخرج عن هذا السياق، وإنما يشكل القاعدة التي سيبني عليها النظام خططه المرحلية حتى يصل للسنة الجديدة، ومن ثم يشكّل حكومته القادمة. علينا التفكير خارج الصندوق، بعدم حصر تفكيرنا في رؤى النظام المطروحة، وإنما النظر إليها بعمق من مختلف الزوايا. فإذا كانت عصابة عشميق حريصة على قضايا الأطباء، وصحة المواطنين، لما صمتت طيلة هذه الفترة على هذا التردي المريع! ولكان قادتها في غياهب الزنازين مع أبطالنا المعتقلين! لذلك يجب أن نعلم بأنهم ليسوا سوى دمى، تحركها السلطة ونفوس مريضة تتحكم بها نزواتها الشيطانية. لقد حاول أمن النظام تشويش الرؤية عبر تحويل الأنظار إلى اطلاق سراح المعتقلين، بغرض الإلتفاف على مذكرة المطالب، وحرف الحراك عن مساره الصحيح، ولكن كل ذلك لن يجدي نفعاً أمام عقول تدرك قضيتها جيداً؛ تدرك لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ إن النظام الآن يستبق الخطى، ويمارس سياسة الهروب للأمام من الأسئلة الملحة التي يطرحها الواقع المزري، والذي وصل حد الأزمة الوطنية الشاملة؛ فما الذي حققه خلال فترة حكمه من خدمات وتنمية؟ وما هو حجمه ونسبته في ميزانيته؟ وأيضاً بهدف التحلل مما إقترفته أياديه الملطخة بالدماء، والملوثة بالفساد من جرائم بشعة ومخزية يندي لها الجبين، محاولاً توصيل رسالة مضمونها، أنه الآن أتاح الحريات إستجابة لتوصيات ومخرجات الحوار الوطني، وبالتالي جديته وجدوي حواره الفاشل. علينا أن نعي جيداً بأن ما يحدث ليس سوى حرية مشروطة، وفتح مسارب لتنفيس الإحتقان والغضب الذي يجتاح القطاع الصحي، نتيجة لتردي الأوضاع، خاصةً مع توسعه بحراك الصيادلة مؤخراً إستنكاراً للزيادات الناجمة عن تحرير أسعار صرف العملات، إستجابةً لقرارات وتوصيات البنك، وصندوق النقد الدوليين ومنظمة التجارة العالمية (ثالوث الإستعمار الجديد)، وما هو إلا اطلاق لبالونات إختبار لقياس ردود الأفعال، وإستقراء سيناريوهات التحركات المضادة. فمن خلال النظر بعمق، والتفكير بوعي في هذا الواقع بتشعباته وتداخلاته، نستخلص ألا انتصار لقضيتنا إلا بمضاعفة جهودنا النضالية، وبمزيد من التضحيات، التي تصب في اتجاه وحدة الأطباء، وتكوين كيانهم الموحد نقابة أطباء السودان. [email protected]