إضمحلال الشعور الأخلاقي والإنساني الذي اصاب ضمائر الإنقاذيين خلال فترة حكمهم للسودان، قادهم لتنفيذ سياسات شنيعة وبشعة ضد مواطني بلادنا، حيث إنعدم شعورهم بمعاناة الشعب في كل أنها السودان، وصاروا يستخفون بعقولنا ويروجون لبضاعة الحرب ويهددون من يرفضها بالسجن وحبال المشانق، وهم لا يعلمون انهم يسوقون انفسهم الي نهاية الطريق، حيث يصل صبر الشعب علي افعالهم درجة الغليان بنسبة 100٪100، وقتها لا يجدي الخطاب التخويفي ولا ينفع الندم علي ما فات. وها هو الوقت قد إقترب وساعات قليلة تفصلنا عن إسدال الستار ومشاهدت اخر حلقات (الفلم الإنقاذي الدموي)، الذي ستكون نهايته نقطة إنطلاقة شعبنا نحو مستقبله دون خوف من إستبداد الطغاة. العصيان المدني العام واحدة من آليات التغيير والتحرر من الحكومات الدكتاتورية، ونشجع الجميع في تبني كل الوسائل التي تؤدي بنا الي وقف مهازل المؤتمر الوطني التي طال زمانها وطال نضال الجميع ضدها. الآن كل الأنظار تتجه نحو السودان لرصد الذي يحدث هناك، والعصيان المدني نجح بنسبة كبيرة قبل إنطلاقته، وهذا الهروب الجماعي الذي سمعنا عنه جزء من إنجازات الشعب السوداني، ونتابع أسفار الرئيس الإنقاذي الي المغرب وتعريجه الي الإمارات العربية المتحدة دون اسباب مقنعة لهذه الزيارات المصتنعة، وإذا إفترضنا انهم هربوا اليوم فهل هذا كافي لهم كي يهربوا غدا من ملاحقات المحكمة الدولية وهي تعلم بتحركاتهم في كل العالم، اعتقد لا مفر لهؤلاء من ما سيأتي حتما، ولا توجد لديهم خيارات بديلة لوقف تدفق الثوار الي الشارع ولا يمتلكون الأسلحة لمحاربة العصيان المدني الذي انتشرت الدعوة له في كل بيوت السودانيين. نحن اليوم امام فرصة تاريخية كبرى للتخلص من حقبة الظلم والفساد والقهر، لحظة تاريخية لإعادة تشكيل الدولة بكل إثنياتها وثقافاتها وتنوعها الكبير، فرصة لوقف الحرب وتحقيق السلام الشامل والتحول الديمقراطي وبناء مجتمع إنساني متماسك، هي فرصتنا لمحاسبة المجرمين الذين سجنوا الثوار وضيعوا وحدة الوطن علي الأسس الطوعية، وبالتالي صرنا نعيش في الفقر والجهل والحرب وفساد السلطة وتحكم مجموعة من الإنتهازيين في ثروات البلاد. علينا اليوم أن نفكر في كل ما يدور من حولنا ونصنع فرص الخلاص بايدينا من أجل مستقبل الأجيال القادمة، وعلينا أن نتذكر التاريخ جيدا ونضع حلول لما ينجم من الإحتمالات ونتحاشى كل فعل مضاد لحفظ الوطن والمواطن، وجاء الوقت الذي يجب فيه بروز القوى المعارضة بقوة علي السطح، وتقديم رؤية سياسية مشتركة تجمع عليها وتصب في بوتقة التغيير الجزري والإنتقال الي مرحلة جديدة بوعي مع الجماهير السودانية الثائرة. وعلي جميع المواطنيين الإنخراط في عملية العصيان المدني التي سوف تستمر لمدة ثلاثة ايام قابلة للتجديد والتمديد، وعلي الجميع الإنتباه لما تنشره الحكومة من خلال إعلامها المضلل مدفوع العجر. قضيتنا ليست محدودة في مسألة الدواء فقط، إنما نحن نعيش في بلد تم نهبها وتدهور إقتصادها نتيجة للفساد المالي والعقوبات الدولية التي يتحملها المواطن لا الحكومة، والحكومة دمرت علاقات السودان بالمجتمع الخارجي وبذلك تعلن إفلاس البلاد بما تسميه رفع الدعم ونعلم جميعا انه لا وجود للدعم الذي يتحدث عنه البعض، نحن في ظل سلطة تكبت الحريات وتجهض آمال الجماهير بالرصاص الذي يقتل الأبناء في شوارع السودان وهم مستقبل هذا السودان، ونعيش في بلد ملئها المؤتمر الوطني بحروب الكراهية الرخيصة التي تفرق بين السودانيين ولا تجمعهم إلا في ساحات المعارك بين الدبابات والرشاشات، ويجب علينا إيقاف كل هذه الفوضى في ثورتنا الجماهيرية العظيمة، واتفاقنا علي بناء وطن يسعنا جميعا هو الهدف المنشود الذي يجمعنا جميعا ويحتاج الوصول إليه إلي عمل وبزل جهد عالي. السودانيين بطبيعتهم أناس مسالمين يحبون بعضهم البعض ويتكافلون فيما بينهم ويعيشون علي السلام والمحبة في مناطق كثيرة، ولم نشاهد الصراع الإجتماعي إلا في عهد المؤتمر الوطني الذي طبق اسوء سياسات التفرقة العنصرية، وامامنا فرص كبيرة لتحقيق المصالحة الإجتماعية وتجاوز مرارات المشروع الحضاري الإنقاذي، اما الصراع السياسي بين مكونات العملية السياسية في بلادنا فهناك إشارات إيجابية تصدر هنا وهناك من الأحزاب والحركات الثورية تدل علي وعيهم بما يجب إتخاذه لتضميخ جراح الوطن وتحقيق الإجماع الوطني علي القضايا المصيرية ويظهر ذلك بوضوح في البيانات والنشرات التي نتابعها واخرها بيان الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان - السودان - الأستاذ/ ياسر سعيد عرمان، والذي دعى فيه القوى السياسية الي التوحد والعمل علي إسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطية الحرة ووقف الحرب، ودعى الإسلاميين المعتدليين خاصة منسوبي حركة الإصلاح الآن وبعض الشعبيين الي مواصلة إصلاح مواقفهم السياسية ودعم خيار التغيير والتحرر من ظلم النظام، وهذه إشارة واضحة لنضج الوعي السياسي في السودان، وعلي كل الوطنيين السعي في هذا المسار وحمل رأيات الحرية والمضي قدما نحو التحرر وبناء دولة المستقبل السعيد لكل شعب السودان دون فرز او تمييز. أخيرا..... كامل تضامني مع العصيان المدني العام. كامل تضامني مع المعتقلين. كامل تضامني مع النازحين واللاجئين. كامل تضامني مع الفقراء والمهمشين. من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر. سعد محمد عبدالله [email protected]