بطبعنا شعب متكاتف ومتضامن رحماء فيما بيننا يربطنا حبل ويقطعنا سيف , ما إن تحل بأحد منا مصيبة أو مرض إلا وان تجد الجميع التفوا حوله كالتفاف السوار بالمعصم , وما من احد منا يشاك بشوكة ليغفر له إلا وتجدنا له كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الكل رفقة ومنعة حتى ينسى ما الم به , نتقاسم معه آهاته وأناته وضعف قوته , فمن أين أتى هذا الشعب الذي احتمل وما زال يحتمل كل هذا العبء الثقيل منكم أيها الوزير ؟ ومن أين أتى هؤلاء الذين لم يسلم هذا الشعب يوما من لواذع لسانهم ؟ نعم انه ذات الشعب الذي أتيتم إليه وكان يتقاسم الصابونة الواحدة ولكنه كان يغسل كل أمراضه في مستشفياته الريفية قبل أن تأتوا إليه والتي كانت تضاهي أي مستشفى حكومي داخل الخرطوم في عهدكم هذا , نعم انه ذات الشعب الذي كان لا يأكل الخبز ولا يعرف الهوت دوق إلا في عهدكم كما تدعون, ولكن قبل مجيئكم كان سليما معافى لم تزدحم المستشفيات بمرضاه ولم يتوانى مسئول عن أداء واجبه. لم يجد سعادة وزير الصحة مبرر لتقصيره في توفير بيئة صحية بالمستشفيات غير سلوك المرافقين بداخلها متهما إياهم باستنزاف مواردها وذكر أن 30% من ميزانيتهم تذهب لتغطية احتياجاتهم المتمثلة في المياه والحمامات علما بان ميزانية هذه الحمامات قد تأتي أضعافا مضاعفة من إيرادات دخول هذه المستشفيات , فقل لي بربك أيها الوزير أيهما أكثر ضغطا عليها حمامات هذه المستشفيات التي أنهكت ميزانيتكم كما تقول بسبب مرافقي المرضى أم حمامات السوق العربي والسوق الشعبي وبقية الاسواق من هول روادها ؟ فإذا دعتك الظروف لدخول حمامات الأسواق هذه يوما ما وفي أي وقت ستجدها كان لم يدخلها احد من قبلك وهكذا الحال ينطبق على أي مرفق خاص وذلك للعناية التامة به والتي يوليها أصحابه له فشتان ما بين مرافق المستشفيات الخاصة والمستشفيات العامة , إذا فما الفرق بين العقلية التي تدير هذه وتلك ؟ وأنت اعلم بذلك أيها الوزير وهنا تكمن المشكلة فإذا كان هم أي مسئول هو الوقوف إلى جانب المواطن لما آل الحال إلى هذا الوضع الصحي السيئ والمتردي والذي تشهده جميع المستشفيات الحكومية مرافقو المرضى وزوارهم لم يأتوا لنزهة إلى هذه المستشفيات ولا لقضاء حوائجهم بحماماتها بل العكس إذا هم احد بزيارة إحدى المستشفيات فسرعان ما يشغل عقله بمثل هذه المواقف فتاتي الإشارة من عقله لقضاء حاجته قبل التحرك إليها لان الزائر السليم يعاف تماما دخول مثل هذه المرافق وهذه فطرة جبل عليها فلا مبرر لاتهام الوزير لهذه الفئة التي أجبرتها الظروف بان تأتي إلى الخرطوم مرافقة لمرضاها لتلقي العلاج اوليس بالإمكان أيها الوزير بان تضعوا الحلول لهذه المشكلة بتوفير العلاج وتحسين المرافق الصحية بالولايات حتى تضعوا حدا لهذا الزحف ؟ أو تعيدوا مرافقهم الصحية كما كانت عليه من قبل ؟ ما يحدث الآن هو حصاد زرعكم الذي زرعتموه وبعد أن أعجبكم هاهو الآن ترونه مصفرا فماذا بعد إذا ؟ فمن يزرع طيبا لا يحصد إلا طيبا. [email protected]