تعاملت حكومة الانقاذ مع البترول ومنذ استخراجه وتصديره في بداية الألفية الجديدة بالشراكة مع الشركات الصينية والماليزية والكندية، تعاملت معه بمبدأ الفول فولي زرعته وحدي وحصدته وحدي وسآكله وحدي. وبالفعل فقد ابتلع غول الفساد كل تلك المبالغ الطائلة من عائدات النفط وبنوا القصور وأسسوا الشركات الخارجية وفتحوا الحسابات الخارجية وأسسوا أعمالهم بالخارج وتحالفوا مع بعضهم البعض وساعدوا بعضهم بكنز المال واستثماره بعيداً عن أعين السودانيين واستغلوا هذا المال في التمكين أكثر وشراء الذمم وتقوية مرتزقتهم وتفتيت النسيج الاجتماعي ونشر القبلية والعنصرية. لم تنعكس أموال البترول على حياة الناس لتقابل احتياجاتهم الطبيعية مثل خلق بيئة تعليمية مثالية ومجانية للأطفال والاهتمام بالعلم والبحوث ودعمها والاهتمام بالصحة وتطوير المستشفيات وترقية الحقل الصحي وتوفير الأدوية المنقذة للحياة وتوفير الادوية والعلاج المجاني للمواطنين المعدمين. ولم تستثمر تلك الأموال داخليا وادخالها في الدورة الاقتصادية وانشاء المصانع وتشجيعها والاستفادة منها لتطوير الاستثمار الزراعي والمساعدة فيه بتخفيف الأعباء الضريبية والجمركية. ولم يتم استثماره في تقوية وتطوير المشاريع الوطنية التي كانت موجودة مثل سودانير والنقل النهري والنقل البحري والسكك الحديدية. لم تنعكس تلك الأموال على عامة الناس فلم يرتفع مستوى دخل الفرد ولم تتوفر الوظائف والفرص للخريجين والشباب بل ازداد الامر سوءا وازداد الفقر وظهرت طبقة المستفيدين من هذه الأموال بسياراتهم الفارهة التي لم تكن مألوفة عندنا وظهرت عليهم علامات الترف واصبحوا طبقة منفصلة عن الناس واصبح كل همهم المدافعة بالباطل عن هذا النظام حتى يضمنوا استمرارهم في نهب خيرات البلاد. وكانت موارد الذهب محصورة عليهم ايضا ولفترة طويلة جداً عبر شركة أرياب للتعدين في منطقة البحر الأحمر واستخرجت هذه الشركة ملايين أطنان الذهب الذي لا يعلمه الناس ولا يعلمه الشعب السوداني ،كميته وأين صرف وكيف وزع وفي أي مشروع وطني تم إنفاقه. وهذه الشركة هي شركة أمنية بامتياز يحرسها الجهاز ويتصرف في توزيع عوائد الذهب خارج الدورة الاقتصادية وخارج الميزانية. والآن جبل عامر في دارفور ينتج الذهب منذ فترة طويلة ولمصلحة جهة معينة ومحروسة بالدبابات وبالأسلحة الثقيلة لا يعرف الشعب السوداني كمية الانتاج واين يصرف وكيف يوزع. وهذه هي موارد هذا البلد موارد وثروات يفترض تكون لنا جميعا بالشراكة العادلة والمتساوية ولأجيالنا القادمة لا يمكن أن تستأثر بها فئة معينة أو جماعة معينة. هذا شبيه بالاحتلال فالشعب السوداني الآن تستنزف مواردة ويستنزف إنسانه بالقتل والتشريد. الآن تبقى لغول الفساد الاتجاه للأراضي الزراعية بذات النهم والشراهة وقد بدأ بالفعل في البيع وليس الاستثمار تعقد الصفقات مع الدول العربية لبيع أراضي شاسعة ولا يفصح أحد عن طبيعة هذه الصفقة ولا المقابل الذي سوف يعود على الناس وبمدة طويلة من الزمن تصل ل99 سنة. ومازال النظام يروج لبيع تلك الأراضي للدول تحت غطاء الاستثمار، ويشتغل اعلامهم أن في السودان أكثر من مليوني فدان كأراضي صالحة للاستثمار وأن السودان مستقبل الأمن الغذائي العربي. وليس هدفهم من كل ذلك إنسان هذه الأرض للاستفادة من خيرات بلده وزيادة مستوى دخله وتوفير الاحتياجات الضرورية الحافظة للحياة. وإنما هدفهم إشباع الغول والذي لن يشبع ابدا فليس أمامنا حل سوى قتل هذا الغول السمين. ويتحدث الناس والإعلام هذه الأيام عن الديون الحالة للصين في ذمة النظام الحاكم وهي ديون مقدرة بالمليارات ويسعى النظام هذه الايام لمنح الأراضي الزراعية كمقابل لتلك الديون ولمدة طويلة تصل لتسع وتسعون عاماً. لا بد علينا من حماية مواردنا من هذا الغول فإن هذا الغول اذا لم يتم إيقافه سوف يقضي على الاخضر واليابس المتبقي. سامي دكين/ المحامي [email protected]