سؤال غريب طبعا و من أنا حتى أحكم على ابو الأسود الدؤلى واضع علم النحو العربى ؟لذا سأشرك القارئ الكريم معى فى الإجابة على هذا السؤال و لكن قبل ذلك هنالك مقدمة لا بد منها لتتضح الصورة,ارجو قبل قراءة هذا المقال الرجوع لمقالى السابق عن منهجية تفسير القرآن بالقرآن ففى الامر غوص فى التأويل و المتشابه و المثانى. كان أبو الأسود الدؤلي هو أول من قام بالبحث في مجالات اللغة العربية ، فعمل على دراستها وفحصها ، حتى وجد العلم الذي سيكتب على اسمه ، وهو علم النحو ، فيعد أبو الأسود الدؤلي هو واضع علم النحو ، كما كان له الفضل في نشر هذا العلم ، وجعله علما مستقلاً بذاته ، يفيد في مجال الدراسات ،وفي مجال الحديث وغيرها ، والنحو هو امكانية التحدث بالكلمات بشكل صحيح ، وبتشكيل صحيح ، بدون اللجوء إلى اللحن ، وخلافه . وكان سبب اللحن الذي ظهر على القراءات للقرأن الكريم في عهد أبو الأسود الدؤلي كانت بسبب الفتوحات الاسلامية التي انتشرت في ذلك الزمان ، وكان لا بد من ايجاد طريقة لتوقف هذا اللحن ، وتعلم غير العرب بالقراءة الاسلامية الصحيحة للقرآن الكريم. أخطر شئ فى القضايا الفكرية هو إطلاق الاحكام المسبقة أو ان تنظر إلى موضوع و فى ذهنك مسلمات و الاخطر أن يكون الموضوع هو الخطاب الإلهى و هو موضوع تاه فيه الفلاسفة و المفكرون ,أحد القراء الكرام أشار إلى أننى و بإستخدام بعض المكتشفات العلمية فى تأويل القرآن الكريم أمارس إنتهازية فكرية, اعتقد هو يظن أن القرآن ليس كتابا موحى به من عند الله و أنه كتاب يخص العرب و المسلمين و المكتشفات العلمية ملك للغرب, لكن واضح لكل من يقرا القرآن أنه كتاب يخاطب البشرية كلها و ليست فيه عنصرية أو جهوية من أى نوع بل إن القرآن يقولها واضحة (ان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) و كما أن القرآن يشير إلى الكشوف المستقبلية فى الايات التالية:- سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد (53) فصلتٌ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(93) النمل المكتشفات العلمية هى تراث بشرى ناتج عن خبرة تراكمية إشتركت فيها كل البشرية لا فضل لأحد على أحد و لازال الاكتشاف مستمرا إلى أن يرث الله الارض ومن عليا و ماعليها. مؤخراً أصبح العالم والعلم مهووسين بتلك الاختلافات الذهنية بين كلا الجنسين "الرجل" و"المرأة"، وبرز العديد من النظريات حول تلك الاختلافات، ولعل الأشهر منها ما ذكره الكتاب "الرجل من المريخ والمرأة من الزهرة"." وتناول الكتاب العديد من الاختلافات المعيشية والذهنية وأسلوب التفكير والاستجابة للمؤثرات الخارجية بالنسبة لكلا الجنسين، ذكر الكتاب تسعة اختلافات أساسية بين عقل الرجل وعقل المرأة، وكيف يعمل الدماغ لدى كل منهما، وذلك من منظور علمي بحت، وليس من وحي نبوءات أو افتراضات ليس لها واقع ملموس. لأغراض هذا المقال نكتفى بذكر واحد منها, من المعلوم أن مخ الانسان مكون من فصين: أغلب الرجال يستخدمون الجزء الأيسر من دماغهم، بينما تميل المرأة لاستخدام كلا النصفين بالتساوي، مما يجعلها أكثر كفاءة في التواصل من الرجل، بينما يتمتع الرجال بدقة أكبر في استقبال البيانات ومعالجتها واستخدامها؛ لأن التركيز عندهم أعلى من النساء؛ ولذا نجد أن أغلب المفكرين والعلماء هم من الرجال على الأغلب، كونهم قادرين على إتمام مهام محددة. إن كبر حجم الجسم الجاسئ لدى النساء يؤدي إلى تواصل أفضل وأسرع بين نصفي الدماغ الأيمن والأيسر (كيمورا 1985)، وتظهر صور الرنين المغناطيسي وصور الدماغ الطبقية المقطعية أنه –بعكس الرجال- تميل النساء إلى معالجة المعلومات في أماكن متعددة من أدمغتهن (نظام سِتير الصحي 2001)، وإن بعض هذه الأماكن موجود في النصف الأيسر من الدماغ في حين أن بعضها الآخر موجود في النصف الأيمن. القرآن الكريم عندما يتحدث عن القلب أو القلوب التى فى الصدور فهو يتحدث عن القلب المعنوى مجازا فهو يقصد الفكر ليس إلا . وجدت آيات كثيرة فى القرآن تتحدث عن القلب و لكن يهمنا منها آية شهيرة إستنبطت منها قاعدة نحوية و هى : إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4) التحريم موضوع الآية أن إثنتين من زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم تظاهرتا عليه (إتحدتا) عليه فى خلاف زوجى مما أغضبه و قد امرهما الله أن تتوبا لزيغان قلبيهما , والآية الكريمة قد يبدو فيها إشكال من جانب اللغة؛ وذلك أن الخطاب في الآية جاء بصيغة التثنية، في قوله: ( تتوبا ) في حين أن المضاف إلى المخاطب قد جاء بصيغة الجمع، وهو قوله تعالى (قلوبكما)؛ وقد يبدو للوهلة الأولى، أن الأصح أن يقال: ( قلباكما ) بصيغة التثنية؛ لأنه يعود على المخاطب وهو مثنى. فكيف أضيف الجمع ( القلوب ) إلى المثنى ؟ قال النحاة أو المفسرون أن الإتيان بصيغة الجمع دون صيغة التثنية، إنما كان تجنبًا لاجتماع تثنيتين في كلمة واحدة؛ ففي بعض الامثلة، يصح أن تقول: قبَّلتُ رأسيهما، وأشبعت بطنيهما، وأوجعت ظهريهما؛ لكن في هذا الاستعمال ثقل في اللفظ، فعدلوا عنه إلى صيغة الجمع، تخلصًا من ثِقَل التلفظ بصيغة التثنية. وهذا أمر معهود في لغة العرب، حيث يعدلون عن استعمال صحيح إلى استعمال أصح منه؛ طلبًا للخفة، وتحريًا لسهولة اللفظ. و قد طبقوا هذه القاعدة فى الايتين التاليتين: فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ ((بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا)) وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ(22) الأعراف يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ((يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ ))إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27) الأعراف و لا أعتقد أصلا أن هذه القاعدة تنطبق على الآيتين أعلاه لان المفسرين فسروا كلمة سوءة بانها عورة فاذا سلمنا بصحة قاعدتهم فإن لآدم و زوجه اربع سوءات و ليس إثنتين لكن السوءاتان المقصودتان فى قصة الخطيئة المأخوذة من أهل الكتاب هما موضع العفة!! أما إذا طبقنا قاعدة المتشابه فإن سوءة فى القرآن تعنى ما يشين الانسان ظهوره ماديا أو معنويا و لاتعنى عورة فقط و لكنها تشملها و قد تشمل الكرش و العيوب الجسمانية, إبليس حسب منطوق القرآن نزع منها لباس التقوى بتشجيع آدم و زوجه على معصية الله و الاية التالية توضح أن المقصود هو سوءات بمعنى نزعات النفس للمعصية أو المعاصى و أن زى الانسان هو لباس مادى و التقوى لباس معنوى و هو الافضل فكم من لابس لملابسه يرتكب الفواحش فهل منعته ملابسه؟: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي ((سَوْآتِكُمْ)) وَرِيشًا ۖ و(َلِبَاسُ التَّقْوَىٰ) ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(26)الاعراف يجب الحذر مع (أنزلنا عليكم) ففى القرآن الكريم فعندما تستخدم مع الانسان فلها حالتان:- 1-إنزال شئ فكرى أو معنوى لفرد أو لجماعة بإرادة ماورائية بتخصيص مثل ,الكتب السماوية ,النعاس أو السكينة أو أسرار ما وراء الطبيعة مثل (ما أنزل على الملكين) 2-إنزال شئ مادى لفرد أو جماعة بإرادة ماورائية بتخصيص مثل المائدة,المن و السلوى, و أرجو ألا تضحكوا أو تظنوا أنى أؤمن بهذا (تنزيل الأموال). أما عندما تستخدم مع الارض مثلا فى (و ترى الارض هامدة فاذا أنزلنا عليها الماء ) فهى أيضا داخل السياق لان الله هو من ينزل الغيث و هو المطر. تبيانا لذلك فإن فى الجزء الأول من الآية أعلاه أو ضح سبحانه و تعالى بأنه ميز ذرية آدم بلباس التقوى(المعنوى) أولا ثم أضيف الرياش للآية,الرياش هو الملابس,الجزء الثانى من الآية تأكيد لأهمية التقوى على الملابس ,فكما اسلفت كم من زان أو مغتصب لم تمنعه الملابس من إقتراف الموبقات, يعنى التقوى أولا و أخيرا حسب منطوق الآية هى اللباس. عموما فاللباس فى القرآن يمكن أن يكون شيئا غير غير مادى بحسب السياق مثل: و جعلنا الليل لباسا,بل هم فى لبس من خلق جديد,ولو جعلنه ملكا لجعلنه رجلا و للبسنا عليهم ما يلبسون. أما القرينة الإضافية فهى أن كلمة (بدت) فى القرآن ليست مرتبطة بنظر العينين فهى تدل على الإنكشاف فكرا مثل(بدا بيننا و بينكم الداوة و البغضاء ابدا) و (وبدا لهم من بعدما رأوا الايات ليسجننه حتى حين). فلنعد لموضوع القلب لنتأكد من تلك القاعدة النحوية لغويا ولنبحث عن متشابه ووجدنا ضالتنا فى متشابه ناقص : مَّا جَعَلَ اللَّهُ ((لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ ))وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ(4) الاحزاب التفاسير القديمة لمعنى الآية أعلاه كانت أقرب للصواب حيث تحدثت عن القلب المعنوى و ذلك واضح من سياق الآية , و أخرى مضحكة تحدثت عن أن المرأة عندما تحمل ؛تحمل فى جوفها قلبين؛ قلبها و قلب جنينها أما المزعج فى الامر أن بعض مرتادى الاعجاز العلمى قالوا بأن بعض الاطفال يولدون بقلبين و لكن عندما يصلون سن النضوج يموتون , أبلغ رد على هذا الكلام الفطير أن الطفل قد يكون ذكرا أو أنثى و هذا يدلل على أهمية الحذر عند ربط العلم البشرى الغير مكتمل أو الغير متصل بالموضوع بتأويل القرآن إذ قد يؤدى هذا الربط إلى السخرية من القرآن و الاحباط لدى مستخدم الاعجاز و هذا هو (الزيغ) الذى اشرت إليه فى مقال منهجية تفسير القرآن بالقرآن,الزيع الذى يتم بحسن نية من قبل من يتبعون ما تشابه منه إبتغاء تأويله. من الواضح من كتاب "الرجل من المريخ والمرأة من الزهرة" و تفسير القدامى أن القلب المقصود هنا هو المعنوى و المرأة تختلف عن الرجل فى قدرتها على إستخدام نصفى الدماغ فى نفس الآن. فهل أخطأ النحاة و المفسرون فى إستنباط تلك القاعدة اللغوية بناء على قصور معرفتهم بوظائف دماغ كلا من الرجل و المرأة كما أخطأ آخرون بتفسير (ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه)؟ مجرد سؤال . أيا كانت الاجابة فالحوجة ماسة لاعادة لتفسير و تأويل القرآن بالقرآن بقواعده القرآنية الترتيل و المتشابه و المثانى و مطابقة أحدث الكشوف العلمية من قبل علماء من كافة التخصصات و ليس العلم الشرعى فقط فكتاب الله احرى بان يكون بعضنا لبعض ظهيرا لنفهمه و نطبقه تطبيقا صحيحا . أكرر فى نهاية هذا المقال أنى لست بداعية إسلامى و لا مجدد فى الدين و لا مفسر للغيبيات التى إحتوى عليها القرآن الكريم الموحى به من عند عالم الغيب بل أنا أحاول إستنطاق القرآن الكريم بالأدوات التى حددها منزل الكتاب و تنقية عقولنا من التفسيرات و المسلمات الخاطئة و شكرا. [email protected]