إكتمال الترتيبات اللوجستية لتأهيل استاد حلفا الجديدة وسط ترقب كبير من الوسط الرياضي    تواصل دورة شهداء معركة الكرامة بمدينة رفاعة    كساب والنيل حبايب في التأهيلي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    كأس العالم.. أسعار "ركن السيارات" تصدم عشاق الكرة    تقارير تكشف ملاحظات مثيرة لحكومة السودان حول هدنة مع الميليشيا    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد.. المذيعة تسابيح خاطر تعود بمقطع فيديو تعلن فيه إكتمال الصلح مع صديقها "السوري"    شاهد بالفيديو.. البرهان يوجه رسائل نارية لحميدتي ويصفه بالخائن والمتمرد: (ذكرنا قصة الإبتدائي بتاعت برز الثعلب يوماً.. أقول له سلم نفسك ولن أقتلك وسأترك الأمر للسودانيين وما عندنا تفاوض وسنقاتل 100 سنة)    رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يهاجم تسابيح خاطر: (صورة عبثية لفتاة مترفة ترقص في مسرح الدم بالفاشر والغموض الحقيقي ليس في المذيعة البلهاء!!)    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    البرهان يؤكد حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع برنامج الغذاء العالمي    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    رونالدو: أنا سعودي وأحب وجودي هنا    رئيس مجلس السيادة يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية    مسؤول مصري يحط رحاله في بورتسودان    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منهجية تفسير القرآن بالقرآن
نشر في الراكوبة يوم 10 - 01 - 2017

حاولت فى كثير من مقالاتى إلقاء الضوء على بعض القضايا الاسلامية مستعينا بتأويل القرآن الكريم متخذا منهج تفسير القرآن بالقرآن الذى قال عنه إبن كثير بأنه أفضل التفاسير لارتفاع درجة اليقينية فيه , ترددت كثيرا فبل كتابة هذا المقال لأن الموضوع كبير و متشعب و حصره فى مقال قد يخل بالفائدة المرجوة لذا قد يضطر القارئ الكريم للإستعانة بالمراجع المعتمدة إن شاء التوسع أو الإستيثاق.
المنهج الذى إتبعته وجه إلى سهام النقد بالتهافت و التخريجات و الابتداع و السبب فى ذلك أن الناتج عنه كان غريبا عما تآلف عليه الناس فى القديم ممن آمنوا و ممن شكوا, المنهج له عدة محاور :-
شخص النبى الكريم صلى الله عليه و سلم:-
لنثق فى القرآن فعلينا ان نثق فى شخص وسيط الوحى الأكرم من حيث الخلق و معلوم ما عرف عنه من حسن الخلق و من حيث البينات الدالة على بعثه, أسم محمد لم يسم به احد قبل الرسول و لكن قد ورد إسم النبى صراحة و كناية فى كل رسالات الانبياء السابقين قبل بعثه , تردُ هذه الكلمة (מַחֲמַדִּים) في ترجمة عبرية للفقرة (16) في الإصحاح (5) من سفر نشيد الأناشيد من العهد القديم, وهذه ترجمة عربية لها: حلقُه حلاوة، وكله مشتهيات، هذا حبيبي، وهذا خليلي يا بنات اورشليم. لكن وعند الاستماع ل (تلاوة) عبرية لهذه الفقرة، فإن المرء يسمع بوضوح كلمة (مَحمديم).
عند نسخ الكلمة (מַחֲמַדִּים) ، ولصقها على مترجم جوجل، فإنه لا يعطي ترجمة لها على المترجم الآلي لجوجل، أما إذا أدخلت الكلمة بدون الحرف الآخير، بهذه الصورة: (מַחֲמַדִּי). فهو يترجمها هكذا:
و قد جربتها بنفسي, الحرف (يم) فى العبرية يأتى للتبجيل و التفخيم. (Mhmdim)، (Mohammadi(
الوحى نطق به الرسول شفاهة و كما دونه كتاب الوحى و أشرف على رسمه شخصيا وترتيب السور و الايات فى المصحف ,يدلل عى ذلك أن كتب علوم القرآن قد أوردت ايضا أن بعض الكلمات قد صيغت بطريقة غير مالوفة بتوجيه من الرسول مثل و (السماء بنيناها بأييد و إنا لموسعون) يلاحظ أن (أييد )جعلت فيها يأئين و فى هذا معنى كبير, معظم الناس شكوا فى أمية الرسول أم لا و الهدف الالهى من أميته قبل الدعوة كان لئلا يقول الناس أن محمدا كتب القرآن, الراى الاصوب إن الله تعالى عندما قال للرسول إقرأ و ربك الاكرم الذى علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم –فقد كانت تلك عزيمة من الملاك جبريل بأن يتمكن الرسول من القراءة بدون واسطة تعليم و الدليل على ذلك كلمة (من قبله) فى الآية( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت/48هذه الكلمة لو ازيلت فالآية ستعنى أن الرسول لا يقرأ و لا يكتب مطلقا و لكن إضافتها تشى بان عدم الكتابة كان (من قبل).
تدوين السنة:-
كان لى عدة مقالات لمن شاء المراجعة فى تدوين السنة و أخطر ما فيها إتهام من يحاول إنتقاد ذلك التدوين بإنكار السنة لتحويل الأمر من نقاش علمى إلى مسألة القدح فى شخص الرسول أو الاتهام بإنكار ماهو معلوم من الدين بالضرورة، هذا كلام كبير و فضفاض و ماذا لو كان المعلوم خطأ!!!
أما ما هو أخطر من ذلك فهو قول السلفيين أن القرآن قطعى الثبوت ظنى الدلالة و السنة ظنية الثبوت قطعية الدلالة!!! هذا منطق غير يقينى بل أن القرآن قطعى الثبوت و قطعى الدلالة لكن المشكلة فى مسلماتنا الفكرية و أدواتنا.
منهجى لا يقوم على إنكار تدوين السنة ففيه أحاديث تنسجم مع المنطق الذى نعرفه كبشر و كمؤمنين و يمكن الرجوع للسنة إن وجدت فيها احاديث تنسجم مع القرآن أو مع الواقع أم للحصول على قرائن محتملة, تدوين السنة يجب ألا يناقض القرآن و لا ينسخه (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27 , (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل/44 .
القرآن الكريم:-
الثقة فى القرآن الكريم تنبع من انه الكتاب السماوى الوحيد الذى لم تنله يد التحريف و التبديل و مازال بين ايدينا كما أنزل على الرسول, يجب الإنتباه إلى أن حروف العربية لم تكن منقطة و كانت تعرف بالسليقة وعندما كبرت دولة الخلافة نتيجة للفتوحات الإسلامية و خشى اللحن و الاخطاء أضيف للقرآن تنقيط الحروف و تشكيلها ثم علم النحو لاحقا و سنتكلم عن هذا فى حينه.
القرآن الكريم وصفه تعالى بأنه فى لوح محفوظ و أنه كتاب مكنون و لا يمسه إلا المطهرون, فى الحالة الأولى كان القسم بالسماء ذات البروج و الثانية بمواقع النجوم و هما قسمان عظيمان لمن يعلم عن عظمة الكون و أجرامه, اللوح المحفوظ له عدة معانى لكن أسلمها فى هذا السياق أن اصل القرآن موجود عند الله تعالى ليحفظه من التبديل و التحريف أما (كتاب مكنون) فقد أجرى عليه المفسرون نفس معنى اللوح المحفوظ بزيادة أن القرآن لا يجب أن يمسه إلا طاهر وهذا قول صحيح و معنى واحد أما المعنى العميق فكالآتى:-
كتاب مكنون : مكنون المعانى التى تحتاج إلى إظهار.
يمسه : ورد المس فى القرآن فى عدة مواضع مثل مسنى الضر, يتخبطه الشيطان من المس (الصرع),ذوقوا مس سقر و المعلوم بيولوجيا أن مستشعرات الالم تكون بالجلد , من قبل أن يتماسا (قبل الجماع) و معلوم بيولوجيا أن مركز اللذة يوجد فى المخ, كلها معانى محسوسة بالدماغ الذى هو مسكن العقل.
المطهرون : مثال لها فى القرآن( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس آل البيت و يطهركم تطهيرا) ,الرجس تشمل الكفر و العذاب و اللعنة و الذنوب و الشك و الريب,( وعهدنا إلى إبراهيم و إسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين و العاكفين و الركع السجود) أى تطهيره من الاصنام و الشرك و أى أشياء أخرى قد تزعج الحجيج.
إذن المعنى هو أن المعانى المكنونة فى القرآن لن (يمسها أو يدركها العقل) مالم يكن طاهرا من الشك و الريب و الشرك و الاعمال غير الصالحة,أن يكون الإنسان صالحا لتلقى المعانى عقلا وفكرا و قلبا و عملا تماشيا مع قوله تعالى( و اتقوا الله و يعلمكم الله و الله بكل شئ عليم).
مثانية المعانى فى القرآن ستكون أوضح فى الآيات التالية و التى تعتبر (حجر رشيد القرآن) :
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هاد ) الزمر /23.
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) آل عمران/7
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيم ) الحجر/87 .
و لتكون الصورة أوضح للقارئ الكريم أرجو أن أحيله لمحرك البحث عن (الفرق بين لفظ نزل وأنزل في القرآن الكريم).
أهم مافى الآيات أعلاه أن القرآن هو (أحسن َالحديث) نقطة على السطر, أن القرآن متشابه و مثانى, فلنشرح مثانى أولا لان شرح متشابه يطول, ترتيب اسماء الاشياء فى القرآن الكريم يخضع لقاعدة الاسبقية أو الافضلية غالبا و قد يقول قائل و لم ذكراصحاب النار قبل أصحاب الجنة فى الاية (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) الحشر/20 فقد ورد فى القرآن أن كل أنسان يولد و مقعده من النار جاهز و عليه ان يبذل جهده ليبعد عن ذلك المقعد,اذن هو ترتيب اسبقية (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران /185
مثانى إختلف فيها المفسرون فى أنها تعنى السور السبع الطوال فى بداية المصحف وسميت كذلك لانها يثنى فيها ذكر الاخبار و العبر و المواعظ و آخرون قالوا وهو القول الارجح أنها فاتحة الكتاب, لان آياتها سبعة بالبسلمة و لانها بالرغم من أنها جزء من القرآن إلا أنها مميزة فلا تصح الصلاة إلا بها لذا فصلت الاية الاخيرة بينها و بين باقى القرآن (سبعا من المثانى و القرآن العظيم), أما مثانى فالمعنى بسيط جدا : ثنائى المعنى!! فلنر إن كانت هناك معانى ثنائية فى الفاتحة وهو منهج تجريبى معروف.
بسم الله الرحمن الرحيم: بالرغم من إشتقاق الكلمتين من مصدر واحد بيد أن الرحمن هو الذى شملت رحمته كل الخلائق و الرحيم هو من له رحمة خاصة للمؤمنين به و المتبعين لهديه.
الحمدلله رب العالمين: العالمون معناها الجمع الكثير من الناس أما هنا فتعنى رب كل العوالم.
الرحمن الرحيم: سبق شرحهما.
مالك يوم الدين : مالك يوم البعث و الجزاء و هو ايضا (الملك) الوحيد يوم الدين حسب إحدى القراءات.
اهدنا السراط المستقيم: السراط لغة هو الطريق أو السبيل أو المسلك و هنا هو الاستقامة فى العبادة و عمل الصالحات.
سراط الذين أنعمت عليهم: ظاهرها كل من أنعمت عليه بشئ و لكنها هنا تعنى كل من اسلم (اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتى و رضيت لكم الاسلام دينا).
المغضوب عليهم : كل من أغضب الله و لكنها هنا تعنى طائفة دينية معينة من السابقين لا أود ذكرها.
الضالين: ظاهريا تعنى كل من ضل و لكنها هنا تعنى طائفة دينية معينة من السابقين لا أود ذكرها.
إذن فالمثانية تعنى أن الكلمة قد تحمل معنيين أو أن الاية تحمل معنيين, وأحيانا المثانية تنتج عن فصل آية ماعن سياق الايات التى قبلها أو بعدها,و ما حل هذا التشابك؟ فلنر معنى متشابها لنقترب من الحل.
متشابها: قال معظم المفسرين أبهم معناه و مرده إلى الله و لكن قلة منهم و هم الاصوب قالوا يشبه بعضه بعضا و لا يناقض بعضه بعضا, أسلم طريق هو أولا فهم معنى متشابها مثانى و فى هذا قال تعالى ((مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ)) تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ((ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ ))يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ) هذا هو المفتاح!!!
المفتاح الثانى هو معرفة سياق الايات قال تعالى(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)
هذه الاية مفتاح كبير , الذين فى قلوبهم زيغ مثانية حيث أنها تشمل نوعين من الناس :النوع الاول عدو للدين حيث أنه يسعى للفتنة عن طريق الغوص فى المتشابه و قد ذكر هذا النوع أولا لانه أكثر من يلجأ للمتشابه أما المؤمنين فلا يهتمون بالمتشابه كثيرا فهم قد آمنوا و إرتاحوا لايمانهم بأى كيفية كانت.
النوع الثانى من أنصار الدين و قلت هذا لان الآية قالت (إبتغاء تأويله) أى هو مؤمن حسن النية لكن فى قلبه زيغ عن سياق المعنى أو الايات أو نقصان فى معلوماته أو أن الاية لما يأت أوان فهمها, الآية ايضا عن طريق تحريك علامة الوقف قبل و بعد الراسخون فى العلم تعطى حالتين : الحالة الاولى- من لا يدرك مراد الله من الآيات و لكنه راسخ الايمان و بذلك راسخ العلم فيقول مازلت أؤمن بها حتى و لو لم افهمها, الحالة الثانية- يدركون مراد الله لرسوخ قدمهم فى العلم و يزدادوا إيمانا و قد ختمت الاية بأن الفريقين من اولى الالباب, قطعا معنى أن القرآن لا يعلم تأويله الا الله كلام غير منطقى فما معنى أن ينزل الينا كتاب هداية و إرشاد بلغتنا ثم يقول لنا لن تعلموا معناه !!!!!
أنواع التشابه: -
1-التشابه اللفظى و هو أن تعرف مراد الله من الكلمة من باقى آيات الكتاب مثلا خليفة تعنى بشرا يخلفون بشرا لكن لا بد من الانتباه لسياق الكلام حتى لا يحدث (زيغ) ففى قصة سيدنا آدم مثلا واضح أنه لم يكن أول البشر لقول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء- فكان واضحا ان آدم و ذريته اعدوا لخلافة ذلك السلف و ليس لخلافة الله فى الارض كما اشيع.
3-التشابه المعرفى و هو أن ينبطق معانى أية أو آيات على معلومات جديدة تكتشف كل حين و يجب الخذر مع المعرفة البشرية النسبية و المتغيرة فمثلا قال علماء النشوء أولا أن الحياة على كوكب الارض نشأت فى الماء قبل مئات ملايين السنين و لكن أحدث الكشوف العلمية الآن ترجح أنها نشأت فى طين البراكين والينابيع و المستنقعات الساخنة من كائنات وحيدة الخلية.
4- التشابه الظاهرى و هو وجود مترادفات تشبه بعضها بعضا فى اللفظ أو الآلية و لكنها تختلف فى المعنى و هم كثر مثل( أنظر,أنظر كيف ,رأى ,بدا) (ضرب فى ,ضرب ب, ضرب على, ضرب فوق,ضرب بين) (أنزل , نزل لكم و فيكم و عليكم) (إكتسب و كسب) (نبلوكم و نبتليكم).
بصفة عامة فإن من لا يفهم مراد الله فى موضع يقول هذا متشابه و لا يعرف معنى متشابه الا أن المصطلح يفهم منه أنه مبهم و على كل حال فالمحكم أكثر من المتشابه.
5- التشابه الناقص مثلا تبادل الايات فى قصة سيدنا آدم بين خلقه من الطين و خلقه من تراب, المفسرين لم يفرقوا بينهما على أساس أن الطين هو تراب اضيف إليه ماء مع ان المعنى مختلف فى كل حالة كما أشرت فى مقالات سابقة.
الترتيل كما عرفه معظم المفسرين هو التجويد و هم بهذا قد خلطوا بين التلاوة و الترتيل, أما أبو العباس من السلف الصالح فقال (ما أَعلم الترتيل إِلاَّ التحقيق والتبيين والتمكين) و هذا هو الاصوب فدون خوض فى مصطلحات معقدة فقد قال تعالى (و رتل القرآن ترتيلا) (و رتلناه ترتيلا) فالترتيل لغة هو صف الاشياء و ترتيبها و بهذا المعنى يشمل التجويد و صف المعانى مع بعضها و صف الايات المختلفة التى تتحدث عن موضوع واحد و توجد مفرقة عن بعضها و هكذا ,إضافة ترتيلا الى رتل تفيد إستخدام عدة أدوات مثل اللغة و التشابه و المثانية إلخ.
الحكمة من المتشابه و المثانى و الترتيل
1-الله الذى خلقنا يعلم أن اللغة كائن حى يتغير بمرور الزمن و لما كان هذا آخر كتاب سماوى منزل اراد الله أن يكون معناه خالدا بوضع معانى أصطلاحية للكلمات حتى لا تحدث بلبلة فى العقيدة و المعاملات و هذا مبدا معروف حتى فى القوانين الوضعية ,تجد فى بداية القانون معانى إصطلاحية تستخدم لضمان الفهم و التطبيق الصحيح للقانون,فالباحث الحصيف فى القرآن يجد ضالته فى معنى الكلمة الإصطلاحى فى بحثه عن أشباهها.
2- المتشابه المعرفى حكمته فى المعرفة على قدر الحاجة أو فى الوقت المناسب و هذا مبدا معروف لدينا حتى على المستوى الشخصى أو العائلى أو الحكومى و الدولى, وهناك دول مثلا تفرج عن ارشيفها الوطنى كل خمسين سنة .
3- عدم هجر القرآن ,عندما يكتشف المؤمن أن المعانى لا تلين له يضطر للإكثار من قراءة المصحف.
4-الانسان مخلوق ملول بطبعه و يحب التحدى و الإكتشاف و لقد خاطبه سبحانه متحديا (و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) و (افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها).
5-المثانية أحيانا فيها مرونة فى التطبيق و هذه حكمة إلهية بالغة فما ينفع قبل الف عام قد لا ينفع الآن.
6-بعض الغموض فى القرآن فيه فتنة لضعفاء الايمان و فيه ايضا تعريف للإنسان بمحدودية علمه مهما بلغ فالغرور مع الخالق ليس من صفات المؤمن.
موجهات عامة:-
1-الاكثار من تلاوة القرآن يجعل العقل الباطن قادرا على ربط المعانى مع بعضها و تحليلها فكل يوم تكتشف شيئا جديدا.
2- سياق الايات احيانا يحكم المعنى الاصلى لها وجب الانتباه عند تحليل آية ما إلى ما قبلها و ما بعدها.
3-يجب الانتباه إلى كيفية إستخدام قواعد اللغة العربية فى القرآن و خصوصا الافعال الثلاثة الامر و الماضى و المضارع و كذلك إستخدام الحروف , و قد يخطئ كثيرمن المفسرين لهذا السبب , فمثلا فى أية (إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا) قالوا بأن الفاء فى (فجعلناه) هى فاء السببية و استخرجوا معنى خاطئا بذلك و عند المراجعة إتضح لى بأن فاء السببية لا تدخل على الماضى بل على المضارع فقط , اذن فهى فاء عطف و معنى آخر مختلف تماما!!!!
4- قراءة التأريخ قراءة صحيحة و عدم إخراج الاسلام من سياقه التأريخى .
5-الاطلاع على انواع التفاسير المختلفة قديمها و حديثها.
6-متابعة المكتشفات العلمية فى علوم الاحاثة والاحياء و الفلك و الجيلوجيا و غيرها من العلوم.
7-عدم ربط النظريات العلمية بالكفر فمثلا نظرية التطور لاحظت المظاهر الخارجية لعملية التطوير التى قام بها الخالق فظن التطوريون أن الحياة نشأت ذاتيا دون إله و لكن القرآن يقول (الذى خلق فسوى .و الذى قدر فهدى) (الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى),فواضح من القرآن أن الله هو من وضع تلك القوانين الابتدائية التى بدأت بها الحياة ثم قام بهداية التنوع الاحيائى نحو التدرج و رفع الانسان على رأس سلم الكائنات, (قل سيروا فى الارض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة)بمناسبة النشأة فقد وردت فى ثلاث أماكن فى القرآن : النشأة الاولى و هى الطين, النشأة الاخرة هى عملية التطوير و التكيف و التى مازالت مستمرة فى خلايا كل الكائنات عن طريق الجينات و قد أثبت العلم الحديث و الملاحظات ذلك كما أن الاية وردت بصيغة المضارع (ينشئ), النشأة الاخرى هى نشأة يوم البعث.
علم الفلك مثلا يخبرنا القرآن أن الله هو من وضع الشمس و القمر و النجوم فى مداراتها و لكننا كلنا تعلمنا فى المدرسة أن التوازن بين جاذبية الاجرام الضخمة و القوة الطاردة المركزية للأجرام الاصغر هو من يحفظ تلك الاجرام فى مداراتها و لم يقل لنا أحد بان ذلك كفر.
نظرية التطور لم يفهمها الملحدون و لم يفهمها المتدينون المتعصبون و هم فريقان يختصمون,و نقتصر على أن العلم البشرى قد يخبرنا كيف و لكن الدين يخبرنا لماذا و هو مبدأ الغائية الذى تاه فيه الفلاسفة و المفكرون.
6- يجب الانتباه فى حالة تفسير الآيات التى يسبقها قسم أو التى يسبقها (هل) بمعنى قد للتحقيق مثل هل أتى على الانسان حين من الدهر , فالقسم دائما يكون باشياء عظيمة القدر و بعده يكون المعنى بنفس العظم.
خشية الاطالة,أختم مقالى هذا بأن كلمة (العلم) عند الملحدين تعنى العلم المادى و كلمة (العلم) فى القرآن فسرها السلف بأنها تعنى العلم الشرعى و الدينى لكن هذا غير صحيح و لا يجوز فهى كلمة تشمل كل أنواع العلوم ,القرآن الكريم ليس كتابا علميا بالمعنى الحرفى لكلمة علوم عندنا و لكنه كتاب هداية و إرشاد فيه إشارات لانواع شتى من علومنا فوجب أن من يتصدى لتفسير او تأويل القرآن ان يكون ملما من كل علم بطرف,حجر القرآن على العلم الشرعى يؤدى للتصادم بين العلم و الدين و قد يؤدى إلى نبذ الدين و سجنه فى المسجد كما حدث فى دول الغرب التى سجنت الدين فى الكنيسة.
ما أوردته فى هذا المقال المتواضع هو نتاج رحلة بين الشك و اليقين و تعامل مع كتاب الله لاكثر من ثلاثين عاما وإطلاع على تفاسير مختلفة و مناهج أخرى ووجدت أن افضل يقين هو فى الايمان بما إحتواه و الاكثار من قراءته و تفسيره بما ورد فيه, و قراءة العالم حولى قراءة صحيحة بعقل منفتح فى إطار العقيدة السليمة القائمة على التوحيد و طلاقة القدرة الالهية و أن السنن الكونية المضطردة التى أودعها الخالق هى الاساس و ان المعجزة هى الاستثناء بالرغم من أنها تجوز فى حق الخالق القادر على كل شئ, من كفروا بالاله ظنوا أن القوانين التى أودعها هى التى تسير الكون ذاتيا و غرهم علمهم ببعضها.
من أعجبه هذا المقال فليحاول البحث عن معنى غامض عليه فى القرآن و ليشاركنا النتائج لنتعلم من بعضنا و شكرا.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.