أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    حذاري أن يكون خروج الدعم السريع من بيوت المواطنين هو أعلى سقف تفاوضي للجيش    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مروي البدايات الاولى للنهاية ... والنهاية
نشر في الراكوبة يوم 13 - 03 - 2017

يبدو جلياً ان لكل حضارة نهاية مهما تماسكت هذه الحضارة وحاولت الاحتفاظ ببنيتها الحضارية الا انها ستوؤل للتلاشي يوما ما هذه قاعدة مسلماً بها في أي حضارة وسيكون المصير التلاشي بفعل عوامل خارجية او بفعل عوامل داخلية او بكليهما , مروي ظلت اخر منارة من منارات حضارة كوش سقوطها اصبح لغزاً محيراً لعلماء التاريخ والاثار وحتى اللغات وذلك لتعدد فرضيات السقوط وكثرتها ,
أسباب تدهور مملكة مروي غير معروفة. مع ذلك نمتلك معلومات عن ثلاثة عوامل أسهمت في كل الاحتمالات بصورة جدية في التدهور. العامل الأول هو أزمة الإمبراطورية الرومانية في القرون الثالث – الخامس. والثاني ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالأول. كان ذلك هو الوضع في الحدود المصرية – المرَّوية. في هذه المنطقة، وعبر هذه المنطقة في النوبة السفلى، حتم تراجع الحدود المصرية إلى أسوان بعد 298 ميلادية، بفعل التهديد الذى شكله البليميون، التطورات في كل من مصر ومروي دافعاً بهاتين القوتين للعمل المشترك لتحييده عن طريق التحالفات مع وحدات قبلية صغيرة أو كبيرة. العامل الثالث تمثل في الأوضاع في الجنوب. تشهد النقوش الأكسومية التى عُثر عليها في أدوليس وفي مدينة مروي إلى أنه وفي مسار الأحداث في القرنين الثالث والرابع الميلاديين تعرضت أطراف مملكة مروي بدايةً ومن ثم مركزها لهجوم شنته أكسوم. تشير نقوش ملك أكسوم عيزانا المعروفة إلى أنه وفي فترة حملته – التى وصلت إلى الجزء الشمالي – الغربي للبطانة – كان ملك مروي يحكم منطقة صغيرة حول مدينة مروي، في حين كانت أجزاء كبيرة من البطانة وبيوضة خاضعة لسيادة أناس يسمون النوبا )اسامه عبدالرحمن النور) فالايام الاخيرة لمروي من الواضح بدأت مروي تفقد مكانتها التجارية وكذلك بدا التصحر يدب في الصحاري الشرقية والغربية وبدات هجرة القبائل البدوية للمراكز الحضرية كما ان القطع الجائر للاشجار لمواكبة عمليات صهر الحديد اضعف الغطاء النباتي في المنطقة هذا الضعف يلاحظ في الفخار المنتج وكذلك الاهرامات الاخيرة لملوك مروي فيبدو واضحاَ ان الاطراف الشمالية لمملكة مروي اضحت خارج سيطرة مروي ويؤرخ اخر النقوش المروية في جزيرة فيلة ( المدخل الشرقي للمعبد ) بالعام 20 من حكم ملك لم يذكر اسمه وانما ذكر لقبه باو- ن – كاش (أفئدة كوش) ( (Griffith ,1937,p 58
النص كتب جزئياً بهيرغلوفيات – هيراطيقي – وجزئياً بالديموطيقي وغالبا ما يكون الملك المعني هو تكريد اماني (246-246 م) ,
اصبحت المناطق وراء الجندل الثاني عرضة للهجمات المتكررة , غير مستبعد ان يكون المشايخ والامراء التابعون لمملكة مروي في هذه المناطق لديهم رغبة في الاستقلال عن مروي اما في الاطرف الجنوبية لمملكة مروي بجبل موية فقد كان الوضع مغايراً حيث تم الكشف عن جبانة مروية كان استخدامها قد بدأ منذ القرن الاول الميلادي ( Adisson 1956 : 4-16) تشير الاواني المكتشفة الى صلة السكان المحليين او جزء منهم بالمجموعات التي عاشت في شمال السودان في العصر المروي , ومع ذلك فأن جزءاً كبيراً من المصنوعات الفخارية يمكن وصفه من حيث الشكل بالافريقي على حد وصف اديسون نفسه , تتغيب كليا الاواني النحيفة المزخرفة برسوم ملونة المميزة لمروي والتي انتشرت في القرنين الاولين للميلاد
فيما يتعلق بالطقوس والعادات كما تتجلى في المدافن فانها مماثلة للشطر الجنوبي للسودان
( اسامه عبدالرحمن النور ص 486 ).
يلاحظ اديسون وجود درجة معلومة من الشبه بين سكان جبل موية وبين اسلاف القبائل النيلية المعاصرة الذين عاشوا الى الشمال من موطنهم الحالي .
خلال القرون الميلادية الاولى اخذت مجموعة اثنية ثقافية في التمدد شمالا قادمة من الاجزاء الجنوبية الغربية للمملكة وهي التي اسماها لاحقا ملك اكسوم عيزانا بالنوبا الزرق ونكاد لا نعرف شيئاً عن النوبا الزرق الا انهم من خلال نقش عيزانا نعرف انهم سيطروا في القرن الرابع الميلادي على اجزاء كبيرة من جزيرة مروي بعد قدومهم من جنوب كردفان , على كل فأن بعض اللهجات في جبال النوبا تتشابه مع اللهجة الدنقلاوية للغة النوبية مما يستبعد في راي كيروان ان هذا التشابه مرده للصلات التجارية التي نشأت بعد وصول العرب للسودان ( كيروان 1939, 14)
يبدو انه قبل عدة قرون سبق انهيار مملكة مروي استولى النوبا على بعض مدن المرويين لكن يظل تاريخ ظهور النوبا في جزيرة مروي عرضة للجدل غير ان هنتزة يرى ان النوبا احتلوا هذه المدن بعد حملة عيزانا اي في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي (Hintze:1867 p 85-87) غير ان واقع نص النقش يتضح ان النوبا شغلوا جزءاً كبيرا من جزيرة مروي وسكنوا وفقا للنقش في أكواخا من القش على غير مساكن المرويين المبنية من الطوب .
مارس النوبا الزراعه والرعي وتأثروا بحضارة جيرانهم المرويين (اسامه عبدالرحمن النور ص 4877) .
يظل غير واضح الى أي مدى انتشروا شمالاً واضح من النقش انهم لامسوا المنطقة التي يعش فيها النوبا الحمر الذين يمكن ان يكونوا في راي مكادام النوبيين ذوي البشرة الاقل سوداً (Macadam 1955: p 235-236)
في مناطق النوبة السفلى اختفت المظاهر المروية المعتادة حيث اختفت اللغة المروية وظهرت لغات اخرى من ضمنها القبطية ,والاغريقية. حيث ظهرت عادة دفن جديدة للحكام وظهور الكومات وكذلك الاضحية بالبشر والحيوانات وكذلك ادخل الحكام الجدد حاجيات خاصة بالحصين لجام غريب وزينة غريبة للحصين . ايضا من اقوى المظاهر الثقافية الجديدة اختفاء الفخار المروي المميز الذي يتواجد جنوباُ وحل محله فخار جديد يحمل الاثر الروماني المصري .
ايضا عثر على الجبانات الملكية في القسطل( شرق النيل) وأخرى في بلانة (غرب النيل) جملة الاثار التي خرجت من هاتين الجبانتين واخريات أقل منها شأنا أعطتنا ما يعرف في تاريخ السودان القديم ما يعرف بحضارة اكس قروب واميز مكوناتها فخارها المصنوع على العجلة الذي يختلف إختلافا تاماً عن الفخار المكتشف من نفس الفترة في الموقع بين تابو ومروي .
ان مواقع هذه الحضارات انتشرت بين قرية سيسيبي إلى الشمال من تابو واسوان على الحدود المصرية السودانية وفي مجملها تعتبر كثير من عناصرها المادية والفكرية ارثاً مشتركاً للنوباتيين والبلميين على حد السواء (مجلة الدراسات الافريقية -1996 العدد- العدد الرابع عشر- النوبة الأصل والتاريخ )
ضعف مروي لم يكن نشازا عن الحالة العامة في العالم القديم وهو ناتج من ازمة عالمية وازداد الامر سوءا بقيام مملكة اكسوم العدو الاكثر خطورة وسيطرتها على طرق التجارة وكذلك حرمان مروي من لعب دورها كوسيط تجاري عملاق يلعب دوراً محورياً في افريقيا وكل العالم القديم .
لا يعرف بالتحديد العلاقة بين اكسوم التي نشأت في منتصف القرن الاول الميلادي ومروي قبل حملة عيزانا لكن اشار دفتر يوميات الطواف حول البحر الارتري الى ان اكسوم وفرت عبر ميناء ادوليس العاج الذي يجلب من بلاد النيل تلك , وقد تم الكشف في مدينة اكسوم عن كاسيين من البرنز مطابقيين تماماً لكوؤس برونزية عثر عليها في فرس وتحمل رسماً مروياً اصيلاً يمثل ضفدعة وزهرة لوتس كما تم العثور ايضاً في اكسوم على تمائم من المرمر يرجع تاريخ صنعها الى القرن ( الاول - الثالث) بعد الميلاد هذه التحف موجودة حاليا في متحف اديس ابابا .
ويصف جليدور في اثيوبيته الشهيرة الاكسوميين بانهم اصدقاء الملك المروي وتابعون له ويجلبون له الهدايا .(اسامه ص 489)
ويبدو ان تمثالي الاسدين المنحوتين في وضع جالس والذين شاهدهما بروس ايضا واعتقد بروس انهما لكلبيين والاشبه بصورة ملوك مروي في حاضرتهم وفي البعصه والنقعة وسوبا والمصورات الصفراء وام سوادة والتي يعرض منها ستة في المتحف القومي وهي تماثيل يؤكد كروفوت انها لا يوجد لها نظير لا في مصر ولا لدى الاثيوبيين في فترات سابقه ( Crowfoot 1911)
ويرى كروفوت تاثيرات مروية على الفن المعماري الاكسومي ويفترض ان تلك التاثيرات يمكن تتبعها الى ازمان وجود المصورات الصفراء وفي هذه الحالة تكون التأثيرات قد انسابت باتجاه الجنوب ( المرجع نفسه 40)
لاسباب كهذه وغيرها يرى كثيرون ان مروي كانت تتبع لعيزانا قبل غزوته الشهيره (مصدرها نقشه الشهير) خصوصا ان هنالك نقوشا غير مكتملة عثروا عليها قبل نقشه الشهير فقد يكون عيزانا قبل ان يتنصر او سلفه
ويرى هنتزة Hintze (1967) ان مروي كانت تتبع لاكسوم بشكل او باخر قبل الغزو وانتشار النوبا قلص سلطات عيزانا مما جعل عيزانا يغزو مروي واستغل الكوشيون هذا الوضع (حروب عيزانا والنوبا) وحاولوا الخروج عن سيطرة عيزانا فحاربهم ايضا
ترى ساميه بشير ان عيزانا قبل ان يتنصر او قد يكون سلفه قد غزا مروي واصبحت البلاد (كاسو ) تتبع له اسمياً ثم حينما وصل عيزانا لعرش اكسوم( او بعد ان تنصر ) ووقتها انتشرت قبائل النوبة بكثرة في اراضي مملكة مروي واغتصبوا مدن الكوشيين ووصلت جماعات منهم الى حدود قبائل تتبع له ( الخاسا والباريا والمنقرتو ) فحارب عيزانا النوبة والكوشيين اذا المقصود بالكاسو ليست الحكومة الكوشية بل الشعب الكوشي (هنالك نسخة من النقش تذكر انه حارب الكاسو ايضاً ) ( ساميه بشير مملكة كوش ص 318 )
هنالك ادلة على احتلال النوبة السود لمروي تتمثل هذه الادلة في الاثار حيث تم العثور في احدى الجبانات الشعبية في مروي (الجبانة الوسطى) على نوع جديد من الفخار مصنوع باليد يشبه الى حد كبير الفخار الذي عثر عليه شيني (ص 75 طبعة 1954 شكل 8 وشكل 9) في موقع تنقاسي بالقرب من مدينة مروي الحديثة ويشبه ايضا الفخار الذي عثر عليه خبير الاثار جيتيك (ص 73 وص 74 طبعة 1957 ) في موقع عشارة شمال امدرمان .
المدافن المرتبطة بهذا الفخار كلها من نوع الكومات او التلات (tumuli) كما يسميها البعض .
هذه التلات وما تحتويه من فخار وعادات دفن تعتبر اهم معلم من معالم الاثار التي سادت بعد انهيار مروي وقد نسبها كل العلماء بلا استثناء الى شعب النوبة المذكور في المصادر المعاصرة
وقد خلص شيني الى ان مجموعات كبيرة من النوبة غزت مروي ربما في نهاية القرن الثالث الميلادي او بداية الرابع وشيدوا الجبانه الاوسطى لدفن موتاهم.(ساميه بشير) .
يرى عمر حاج الزاكي ان مملكة مروي حينما غزاها عيزانا لم يكن لها وجود بسبب حالة الفقر البائنة والتي ابتدأت من القرن الثاني الميلادي ثم انتشار النوبه في الاقليم وتملكهم لاراضي المرويين وغياب سلطة الدولة في اطرافها الشماليه (عمر حاج الزاكي مملكة مروي ص 43) وهو يشبه حالة تدخل عيزانا بدور الامم المتحدة حاليا في حفظ الامن ويستند الى العلاقات الوثيقة بين اثيوبيا والسودان ( ورقة علمية في مؤتمر الدراسات النوبية 2014 بعنوان عيزانا في مهمة خاصه )
على ذات النسق سار وليام ادمز في كتابة النوبه رواق افريقيا حينما قال لست متيقناً من ان كانت كاسو (كوش) تشير لمروي ام للاقليم ككل ام الشعب المروي سوى انه من خلال المعاني لم يرد ذكر لمملكة كوش القديمة الواضح استدلالياً انه في عهد عيزانا ان الاسرات الكوشية قد ذهب ريحها اما بفعل غارات النوبا او بفعل غزو اكسومي سابق .
لقد اعلن عيزانا نفسه ملكاً على كاسو(بمعية سبعه ممالك اخرى) غير ان البادي هو ان الذين امتلكوا ارض الاقليم الكوشي الموروث هم النوبا غير ان أي من المجموعتين (عيزانا او النوبا ) لم يحاول ان يبني دولة خليفه لمروي ومؤسساتها .
في المراسم الملكية لعيزانا لا يوجد ذكر لامون والارضيين او لاي من التقاليد السياسية والدينية القديمة الذي كان عليها حكم كوش .
كانت السيادة الاكسومية على النيل واهنة استغرقت بضعة ايام في حالاتها ولم تحيا طويلاً بعد عيزانا حيث اداروا ظهرهم تجاه الشرق لبناء امبراطوريتهم في جنوب شبه الجزيرة العربية( ادمز ص 355-356)
فتؤريخ اخر الملوك المرويين مجهولي الاسم يسبق حملة عيزانا حيث يؤرخ لاخر ملك مروي بثلاثة احتمالات لا غير (339م- 320م – 355) وفقا لتصنيف رايزنر ودنهام وهنتزا على التوالي
غالبا ما تداخلت المجموعات الجديدة مع المرويين وتثاقفوا بالثقافة المروية حيث ابان شني ان عمليات صهر الحديد في مروي استمر للقرن الثامن ميلادي أي بعد اربعه قرون من سقوطها مما جعله يذهب للقول ان مروي ظلت ماهولة بالسكان .
دراسة اثربولوجية من حقبة النوباديين والبلميين او ما يعرف بالمجموعة س (350-600 م)
وهي مقتطفات من تقارير كتبها خبراء درسوا مخلفات عظمية جاءت بها تنقيبات حملات المسح الأثري الثلاث للنوبة. الحملة الأولى شملت عدة مواقع تقع بين الشلال الأول ووادي السبوع. جاء في تقرير الخبير إليوت سميث عن المادة العظمية التي عثر عليها في الجبانة رقم 92 أن نتائجهم من هذه الجبانة تؤكد ما توصلوا إليه في الموسم السابق عن الخصائص العرقية للمجموعة س بأنهم: " شعب أجنبي شديد الزنوجية جاء من جهة الجنوب بشكل فجائي ، جالباً معه عادات دفنه
(Smith & ، 1910 ، 12 )... وفخارة Derry.
ويضيفا في الصفحة نفسها " ما يميز شعب المجموعة س شدة الفقم والأنوف الفطحاء.... قام بدراسة هياكل الحملة الثانية ( بين وادي السبوع وأديندان) الخبير بطراوي. جاء في أحد
تقاريره عن هياكل المجموعة س : " يبدو جلياً أن مجتمع المجموعة س كان يتكون من مجموعتين زنجيتين والهجين الذي تكون جراء التزاوج والاختلاط بينهما " بطراوي ، 175 ، 1935-.(176
تعاصرت مع حضارة المجموعة س في الشمال حضارة ما بعد مروي التي انتشرت جنوب الشلال الثالث حتى موقع مروي القديمة . عثرت بعثة رايزنر أثناء حفرياتها في الكرو عام 1919 على 4 جماجم داخل قبور مقحمة في الجبانة الملكية تؤرخ بالتقريب للفترة 700-300 م. بعد دراستها في متحف بيبودي بجامعة هارفارد جاء التقرير بأن ثلاثًا منها من نوع زنجي حيث أنها تظهر بروزاً واضحاً للفك الأسفل وإن كانت تحتوي على خصائص قليلة لا- زنجية " دنهم ، Dunham
119 ، 19500). ونبقى في وسط السودان في منطقة البطانة حيث جرت تنقيبات بعثة ألمانية من جامعة همبولدت في جبانة بموقع المصورات الصفراء تنتمي لحضارة ما بعد مروي. أكدت الدراسة تزنج المجموعة المكونة من 7 أفراد .(245، 1982 ، ستروهول (ساميه بشير
بنهاية مملكة مروي حدثت تحولات أساسية. افترض لفترة طويلة أن تلك التحولات، الواضحة بخاصة في المدافن، تقدم بينة دالة على انفصال ثقافي حاد عن تقاليد الماضي. مع ذلك، فإن نتائج العمل الميداني الحالي أفضت الى عدها إعادة إحياء تدريجية للعادات المحلية، والتى شجع عليها تدهور مروي، ومن ثم نهاية قيادتها السياسية. 2003عادات الدفن في وادي النيل الأعلى: لمحة عامة . فرانسيس جيوز (1) . ترجمة أسامة عبدالرحمن النور).
كشفت وضعيات المدافن والجبانات في مروي عن تحولات ثقافية كبيرة . بالنسبة للاهرامات فان مستوياتها المعمارية كانت اقل شأناً . حيث تم استبدال الحجارة كمادة اساسية لتشييد الاهرامات بالطوب الاحمر الاقل كلفة واسهل استخداماً . وما بعد تدهور المملكة عاودت الظهور الى ارض الواقع عادات دفن قديمة تعود الى ما قبل كرمة.
ويبدو ان الجماعات التي استحوذت على اقاليم مروي وبالذات مراكزها الحضارية في جزيرة مروي (البطانة ) حملت معها ثقافة بدائية .انعكس المركب الثقافي البدائي على الحالة العامة للفنون عامة حيث اختفى فن الكتابة والتدوين الرفيعين ، وتبع ذلك بالطبع انحسار اساليب البناء وانهيار وتداعي النمط المعمارية العالية )
اتفق كل العلماء على ان النوبة المذكورون في المصادر المتاخرة هي جزء من شعوب النوباي التي وردت في المصادر الاغريقية والتي عاشت متجاورة مع المرويين من بعد رواية ايراتوسينس امين مكتبة الاسكندرية منتصف القرن الثاني قبل الميلاد والذين كانوا في يشكلون مجتمعا رعوياً في الصحاري الغربية قبل ان بتدا هجرتهم في نواحي مختلفة حيث تقول الروايات الشفهية ان اسباب الهجرة كانت خلافاً دار حول حيازة راس خنزير العلاقة بين الكوشيين وجيرانهم انهم اتسمت بحالة من العداء والحروب حيث يبدو واضحا حالة عداء بين الكوشيين والنوبا فالعثور على مجسم نحاسي لأسير عاري ومقيد بالطريقه الكوشيه وكتب عليه بالمرويه "هذا ملك النوبة".
وجد أثناء حفريات جون جاسترانق و يعرض حالياً ضمن مقتنيات المتحف البريطاني بالرقم EA65222 يعرض رؤية اكثر وضوحاً في العلاقة بين النوبه والكوشيين ( الاخوة الاعداء كما اسماهم كلود ريللي) Enemy brothers: Kinship and relationship between Meroites and Nubians (Noba)),
تبقى فرضية العوامل المشتركة التي اضعفت مروي وافضت في الختام لزوالها عوامل معقدة ومركبة ما بين هجرات القبائل البدوية من مراكزها بعيداً على النيل وما بين حملات الاحباش وعوامل داخلية لتمرد قبائل مروية وانفصالها عن المركز خالقة امارات صغيرة بعيدا عن السلطة المركزية في المراكز الحضرية المروية المنتشرة علي طول النيل
احتمالا يرى بروف اسامه عبدالرحمن النور (ص 5033) ان يكون السكان المحليين قد تمازجوا مع المجموعة الجديدة وتفككت المملكة لاقاليم متفرقة تولى امرها الامراء المحليين او الزعامات القبلية في المملكة بدءاً من الاقليم الشمالي للمملكة من بلانه وقسطل وعلى امتداد النيل وحتى النيلين الازرق والابيض جنوباً وحتى نهر الجور والصحراء فشعوبنا السودانوية تحتفظ بذاكرتها التاريخية حتى اليوم بامجاد الماضي التليد ما نسيت اسلافها العظماء الذين أقاموا دعائم مدنية اصيلة في اقاصي الاجزاء الجنوبية للعالم القديم كما ان العادات والتقاليد والطقوس التي تمارسها شعوبنا السودانوية ويتمسكون بها في حيانهم اليوميه وفي مناسباتهم المختلفه تعود الى ذلك التراث الثقافي : حمل جثمان المتوفي مفروش بحصيرة ملونة (برش وعنقريب ) وسيرة العريس الى النيل وقطع جرايد النخل وعادة كسر التربة التي تمارسها النسوة وطقوس الجرتق بجعرانها وحقها ودلكتها وغير ذلك
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.