(بتعرف تعوس الكسرة): جملة تحمل من العبارات الظاهرة التي يحتاج فهمها إلى جهد، والمعاني المستترة التي تحتاج معرفتها إلى فطنة وحس بلاغي، (والبلاغة أشبه بشريط أحمر يشعرك بالضآلة والضعف)! لذلك كانت كل أم –في سالف الأيام-تحرص على تعليم بناتها (العُواسة) التي تقتضي تحمل النار من جهة، وتحمل الدخان وهو من مقتضيات الزواج (السوداني) من جهة أخرى. والكسرة من الأكلات الشعبية السودانية المحببة، لهم فيها طقوس، تخصهم وتميزهم، مما يبرر عدم حرصهم على نشر فكرة الكسرة وعولمتها، أو تقديمها في المحافل الدولية والمحلية، كطبق سوداني ينم عن أصيل الكرم ومنتهاه، كما تفعل بعض الشعوب الآسيوية وكثير من الشعوب الإفريقية. فالأثيوبيون يقدمون (الأنجيرا) وهي أشبه بالكسرة في شكلها إلا أنها أكثر سمكاً وهشاشة، من الكسرة السودانية التي تمتاز بالرهافة والتماسك. لذلك تطلق الطبقة الوسطى في السودان على الكسرة اسم الرهيفة، وهي مضادة للعصيدة، (الكتلة الصماء، قليلة المكونات، والأدوات، سهلة الصناعة، فهي تحتاج إلى جهد عضلي وبعض اللف والدوران، واللولوة، لذلك يحسن صناعتها الرجال)! والتي تعرف أيضاً في منطقة الجزيرة بالكسرة. كسرة رهيفة وكسرة لا علاقة لها بالرهافة. ولا أظن أننا بحاجة إلى معرفة أصل كلمة كسرة، فالتسمية غير ضرورية في كثير من الأحيان، وقد تكون في غير محلها. فالصندوق الأسود –في الطائرة-على سبيل المثال لونه برتقالي! ومن يسومك سوء العذاب، يسمى إنقاذي! وعلى ذلك قِس. بيد أن ما يعنينا هو العلاقة الحميمة التي كانت تنسجها الكسرة بين الناس، فطلب العجين من خُمارة الجيران، وسؤال الطايوق من الجزار. وإشعال اللداية والصاج، ووضع الدوكة والقرقريبة والمعراكة والطبق ونحو ذلك هي من أسهم في بناء الألفة والمحبة في نفوس السودانيين قبل أن تتصدع بفعل (عُواسة) السياسيين الذين لا يحسنون العُواسة، والتي عصفت بكل جميل وإلى الأبد؟! [email protected]