عرفت الإنسانية التجارة منذ القدم وبدأ الأمر بنظام المقايضة وهو نظام تعاملات تبادلى يقوم على مبدأ تبادل الناس بأشياء يملكونها مقابل أخرى يحتاجونها ، فحجر مسنن مقابل حفنة قمح ورداء يقى من البرد مقابل سمكة وخضروات مقابل كوخ وهكذا... ونسبة لتقدم البشرية توقف العمل بهذا النظام مع إختلاف أشكاله نسبة لاكتشاف مشاكل فى هذا النوع من التعاملات أبرزها كان عدم توحيد مقياس للتبادل ، فبعض المتعاملين سابقا" إعتمدوا وحدة الأغنام أو الأبقار للقياس وبعضهم إعتمد سلعا" أخرى . ثم جاءت فكرة النقود السلعية بإعتماد بعض المعادن التي كان من أهمها معدني الذهب والفضة بعد ذلك جاءت فكرة البنكنوت - أى العمله الورقيه وكانت تستخدم لتكون بمثابة وعد من الجهة المصدرة بتحويلها إلى نقود سلعية متى ما أراد حاملها ذلك ، و تطورت الأوراق النقدية بتطور النقد فأصبحت قيمتها ليست نابعة من القدرة على تحويلها إلى نقود سلعية ، إنما أصبحت تستمد قيمتها من ضمان الحكومات المصدرة لها دون غش أو خداع أو تدليس ، وبهذا أطلق عليها لفظ النقود أو المال ، وأصبحت الإنسانيه تعتمد أسلوب عملية التبادل مقابل المال – قل منها أو كثر وفى الحاله الثانيه تسمى تجاره وتلك هى الحالة الطبيعية للتجاره ، غير أن هناك تجارة هامشية وهى لفظ يطلق على كل ما هو خارج نطاق الحالة الطبيعية . فى بلادى قليلون هم من يؤمنون بمعنى ( التجارة مكسب وخسارة ) فكلما كانت تجارتهم هامشية – كلما زادت أرباحهم وامتلأت جيوبهم بالدولارات والدينارات والدراهم والجنيهات الإسترلينى والعملة الموحدة ، وكذا امتلأت كروشهم بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات ، فتوظيف رؤوس الأموال التى جاءت من وهم أو من مصادر هامشية لتجنى أموالا" أخرى - ومرة أخرى هامشية هو ثراء حرام - ثراء العمولات المشبوهة والمضاربة فى دولار السوق الأسود وإمتصاص دم الغلابا فى بلادى والمغلوبين على أمرهم هو عندهم نوع من الفن . وتتحفنا المحافل من زمن بعيد بقائمة طويلة ومليئة بالروائح التى تزكم الأنوف وتتجدد كلما مر الزمن ، وهناك قضايا كثيره عايشها الناس ففى حقبة التسعينات كانت هناك تغيرات جوهريه فى السوق المحلى أدت إلى إنهيار سريع لقيمة العمله المحليه مقابل الدولار أدت إلى كشف فساد بعض شركات القطاع الخاص التى تعمل فى التجاره مع تستر جهات مموله لها ، حتى أقيمت عليها دعاوى قضائية وتوالت السنوات والقضايا ضد مثل تلك الجهات . شركات وأفراد حملوا توكيلات تجاره من خارج الوطن ومسحوا الشوارب بالجنيهات ، وسميت هدايا أحيانا - قل منها أو كثر – وفى غفلة من الزمن تم تسميتهم بإبن السودان البار والوجيه وصاحب السعادة .. الخ والشرط أن يتم غض الطرف عن المخالفه لتفادى الرسوم الحكوميه والغرامات المفروضة على المخالفات ، أفلا جلس فى بيت أبيه وأمه فينظر أتأتيه هدايا ... أن الأمور عندهم سادتى - لاتحتمل أى معنى آخر - ويرفعون شعار لا للخسارة .... نعم للشطارة , قال أحدهم أن لديه مالا النار لاتأكله – أى إذا أشعلنا فيه نارا" فإن النار تأكل منه حتى تموت وتخمد ومايتبقى من ماله أكثر من الذى إحترق – وهذا تفسير قصير النظر ، علما" بأن أصل المال فى الأساس ليس له . أما عبارة النار لاتأكله بتعريف حرفى ( أل) فإنه يقصد نار جهنم - لاحول ولاقوة إلا بالله ... ) ، أما قرأ التاريخ أن هناك شعوب وحضارات سادت ثم بادت ولو دامت لغيرك ما آلت إليك – وهناك أسماء أعمال لمعت ثم خبأت وأفراد ملكوا أموالا" كثيرة لا حصر لها وذهبوا وذهبت أموالهم – وما قارون إلا مضرب مثل لهؤلاء . والإشادة لقانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه فما ظل حبيس المحسوبية . د. سامى عبد المنعم بريمه – كاتب وصحفى الخرطوم . د. سامى عبد المنعم بريمه