هل هنالك ظلم اجتماعي في السودان؟ نعم هنالك ظلم اجتماعي وقوى تنظيمية معينة هي التي تتحكم في السودان سياسيا واقتصاديا... أن يتحارب السودانيون فيما بينهم للوصول الى حل يرضى كافة الأطراف فهذا واجب وفرض عين إن لم تكن هنالك حلول سلمية ترضى الأطراف المتحاربة ولكن هذا لا يعني الاستعانة بدول الجوار وخاصة إذا كان هذا الجار مصر فهنالك حساسية كبيرة تجاه مصر ومصر لا تحب الحكومة الحالية ولا الحكومات السابقة ولا حركات دارفور التي تحمل السلاح... أن تتدخل مصر في الشأن الداخلي فهذا ما لا ترضاه... فمصر تريد من السودان أن تكون دولة مفككة، منهارة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا لتسهل ابتلاعها مستقبلا... فأطماع مصر ونظرتها المستقبلية تجاه السودان ليست بخافية على أحد... فالسودان بالنسبة لمصر هو المخزون الغذائي لسكانها الذين يتكاثرون بمتواليات هندسية وليست عددية... فالأفواه الجائعة والعيون الفارغة التي تسكن في الشريط الضيق للنيل تنتظر الفرصة السانحة واللحظة المناسبة للأنقاض على أرض السودان الخصبة... لذا على المعارضة أن تتحالف مع الشيطان ولا تتحالف مع مصر لأن التحالف مع مصر له ثمن وثمن باهظ هو تفتيت ما تبقى من السودان إن لم يكن أحتلاله مستقبلا ولا يمكن تدمير وطن من أجل نظام فالأنظمة تذهب وتأتي ولكن الوطن لا يمكن تعويضه بأي ثمن فما أصعب البناء وما أسهل الهدم... فما تبنيه في مئة عام يمكن تدميره في سنة واحدة... والآن الفرصة سانحة للسودان في تمزيق اتفاقية مياه النيل التي تحاول مصر من خلالها إغلاق كل صنابير المياه على ضفاف النيل لتنساب إليها المياه دون أن تفقد قطرة واحدة داخل السودان سواء للري أو للشرب ... على السودان تمزيق اتفاقية مياه النيل والتوقيع بالأحرف البارزة على اتفاقية عنتيبي وهذا ما كانت ستفعله مصر إذا كان في موقف السودان... على الحكومة السودانية أن تقف موقف الرجال لا أن تنحني للعواصف حتى تمر الرياح ففي الزمن الذي نعيش فيه ما عادت الخطب تنفع لو لم تتبع الأقوال أفعالها.... نريد أفعالا لا أقوالا... على الحكومة أن تتجه الآن للانضمام الى اتفاقية عنتيبي فهي وحدها التي ستحمى حقوق السودان من المياه... فمصر تصادف أن أصبحت كدولة جارة لنا بفعل الجغرافيا ولكنها الآن لا تشبهنا لا لونا ولا ثقافة ... فمصر دأبت على سياسة النفاق والتزلف للوصول الى أهدافها بشتى السبل والوسائل وكفى للسودان أن يتدثر بثوب الفضيلة والعفاف والوقوف في ذيل قائمة الدول في كل صغيرة وكبيرة دون أن يرف له جفن وكأنما يتباهى بذلك.. هذا هو الوقت المناسب لبناء العلاقات الوطيدة والانفتاح نحو العالم الخارجي وليست هنالك خطوط حمراء في العلاقات الدولية فمثل هذه العبارات من مخلفات الحرب الباردة التي انتهت منذ زمن ففي زمن الفضاءات المفتوحة والسيادة الدولية المنتهكة ليس هنالك خط فاصل بين الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء، فدولة إسرائيل الآن خط أخضر بالنسبة للسودان... على السودان أن يلتفت إلى نفسه لبناء ذاته على أسس من البرجماتية الواقعية لا أن يتخفّى خلف الشعارات الجوفاء التي جعلت السودان تلهث خلف جميع الدول بعد أن كان دولة ذات شأن فيما مضى... ففي يده أوراق كثيرة فأمن مصر كله بين يديه كما أسلفنا في مقال مضى ولكن السودان يجهل أو يتجاهل هذه الحقيقة بينما مصر تعرف ذلك جيدا... فاذا الشعب يوما أراد الحياة فلن تسطيع قوة أن تقف في طريقها والأمثلة كثيرة فارتريا صغيرة العدد والعدة استطاعت أن تقف في وجه أثيوبيا العملاقة وتنتزع منها الاستقلال....... [email protected]