تطابقت وجهات نظر بعض المحللين والمراقبين السياسيين حول الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية المصري نبيل فهمي للخرطوم في أول إطلالة خارجية لحكومة الانقلاب في مصر. فبينما أعلنت القاهرةوالخرطوم الاثنين الماضي أنهما ناقشا كثيرا من الموضوعات المهمة بما فيها طلب القاهرة وساطة السودان لدى الاتحاد الأفريقي، قال محللون إن قضايا أكثر أهمية ربما ناقشها الطرفان. وبدت حكومة القاهرة وكأنها تبحث عن طوق نجاة أو ربما شماعة جديدة تعلق عليها ما يتوقع حدوثه كثير من المتابعين. فالعسكر الذين اتجهوا إلى السودان في أول زيارة خارجية لهم -وهو ما فسره مراقبون بتشابه الحال- يحملون وفق مراقبين هموما ورغبات يستعصي على السودان تحقيقها على الأقل في الوقت الراهن. مغضوب عليهم فقد دعا انقلابيو مصر حكومة الرئيس البشير إلى التوسط لدى الاتحاد الأفريقي للتراجع عن قراره بتجميد عضوية مصر في الاتحاد قبل ضمهم إلى زمرة المغضوب عليهم إقليميا ودوليا. واستبعد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي للصحفيين في الخرطوم يوم الاثنين خروج بلاده من حظيرة الاتحاد الأفريقي. وقال إن الاتحاد الأفريقي اتخذ قراره بتسرع دون أن يدرس الحالة المصرية، "وبالتالي سنعمل مع الدول الصديقة للحوار مع الاتحاد لمعالجة الأمر". وما لم يذكره الوزير المصري هو أن طلبا مصريا -خافتا ربما- يدعو الخرطوم إلى عدم إيواء أي معارضين إسلاميين إذا ما انزلقت البلاد إلى الحرب. قطع طريق ويرى محللون ومتابعون سياسيون أن زيارة الوزير المصري أرادت أن تقطع الطريق أمام لجوء إسلاميي مصر للاحتماء بمؤيدي تنظيمهم الحاكم في السودان. كما يرون أن الطلب ربما شمل الدعوة إلى تفعيل شرطة الحدود وخفر السواحل بين الدولتين. لكن الوزير فهمي يرى أن الاختلاف مع السودان حول بعض الحدود "لن يمنع عملية تأمينها إلى حين التوافق عليها"، في إشارة فسرها محللون بمحاولة محاصرة ما بدأ في جنوب مصر من توترات. غير أن المؤرخ والمفكر السياسي المصري محمد الجوادي يعتقد أن زيارة الوزير المصري للسودان محاولة للنفاذ إلى الاتحاد الأفريقي "عبر استغلال السودان". ويقول للجزيرة نت إن تركيز العسكريين الجدد "ينصب في معالجة ملف تجميد الاتحاد الأفريقي لعضوية مصر". ويصف الخبير السياسي ناصر السيد الزيارة بأنها "تشير إلى الاضطراب والتخبط الذي تعيشه المجموعة الانقلابية" بحسب قوله. رغبات انقلابية ويرى في تعليقه للجزيرة نت عدم قدرة السودان على تحقيق رغبات الانقلابيين "لأن قرار الاتحاد الأفريقي ملزم لكل الأعضاء"، مشيرا إلى أنه من القرارات التي اتخذت في دورات سابقة وليست مرتبطة بمصر لوحدها. ويقول إن أي تحرك للسودان باتجاه مراجعة القرار الأفريقي "يعني خروجا عن إجماع الأفارقة وإضعافا لدور المنظمة". ولا يستبعد أن يكون الوزير المصري قد أوصل للحكومة السودانية رسائل أخرى على شاكلة "امنعوا عنا تمرد الإسلاميين إذا ما قرروا اللجوء لهذا الخيار". أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري حمد عمر حاوي فيرى أن تعقيدات المواقف الداخلية والخارجية لمصر أظهرت حاجتها إلى السودان لتليين موقف الاتحاد الأفريقي "محاولة منها لكسر الطوق الأفريقي". ويرى أن العسكريين "قدروا أن السودان يحظى بموقف جيوسياسي بجانب أن حكامه محسوبون على نظام الإخوان المسلمين مما قد يعينهم لاحقا". وتوقع أن تكون الزيارة قد بحثت بشكل مستفيض المهددات الأمنية على مصر إذا ما قرر السودان استضافة المطاردين من مصر وتوفير ملاذ آمن لهم.