انعدام الطرق المعبَّدة تماماً في ريف جنوبالقضارف مطالبة عاجلة لوالي الولاية بالإسراع في حل معضلة المياه مناطق الجنوب مراكز مهمة لإنتاج المحاصيل الزراعية في الولاية مدار س القرى شُيِّدت بالجهد الشعبي من (القش والحطب) نقص المعلمين وتردي البيئة وراء تزايد حالات الفاقد التربوي المواطنون يشربون من مياه (الحفائر) وهي (أمراض) جاهزة القلابات الغربية- أبوبكر مختار في الجزءالجنوبي الغربي من محلية القلابات الغربية بولاية القضارف؛ تتناثر مجموعة من القرى التي يجمع بينها هم واحد هو غياب التنمية؛ إذ تمتد تلك القرى على الشريط الذي بوسعنا وصفه ب(المنسي).. ويتكبَّد فيها المواطن معاناة كبرى في سبيل الوصول الى(المدينة) للحصول على ما يحتاج اليه؛ بالاضافة الى فقر الخدمات تجاه المواطن من (صحة،تعليم،..إلخ) وتزداد المعاناة عندما يحل فصل الخريف؛ إذ ينقطع حبل التواصل بين القرى والمدينة في بعض الأحيان عندما تشتد وتيرة الأمطار خاصة وأن الطريق المؤدي الى جنوبالقضارف طريق (ترابي)؛ عانى كثيراً من الأمطار التي أجبرت (اللواري) و(التراكتورات) على الوقوف امتثالاً لظروف وأوامر الطبيعة؛ على العموم تعتبر ولاية القضارف واحدة من الولايات التي تعاني كثيراً من غياب التنمية، خصوصاً في أريافها وقراها البعيدة، حيث تبدو المعاناة ماثلة للعيان. كلّ من زار المناطق الواقعة جنوب الولاية يعرف حجم المعاناة التي يعيشها المواطن هناك؛ فتلك القرى تحتاج الى الكثير حتى تستطيع أن تنهض على قدميها؛ ويستطيع المواطن فيها أن يعيش حياة كريمة بعيدة عن المعاناة؛ الولاية الموصوفة دوماً بأنها سلة غذاء السودان نظراً لما تنتجه من محاصيل زراعية ذات قيمة اقتصادية عالية؛ لم يشفع لها الأمر بأن تكون الولاية الأولى من حيث الخدمات. (الأهرام اليوم) شدت الرحال إلى محلية (القلابات الغربية) إحدى المحليات المهمة بالقضارف التي تتميز بخصوبة أرضها الزراعية وإنتاجها للكثير من المحاصيل؛ ما جعلها قبلة لكثير من المزارعين الذين يتوافدون (زرافات ووحدانا) عندما يحل فصل الخريف لفلاحة الأرض وزراعتها. على مستوى الخدمات تعد هذه المحلية من المحليات التي لا تجد نصيبها من التنمية؛ فيعاني معظم مواطنيها من ضعف الخدمات خاصة قرى (العزازة صقورة، صبرنا، القنقليسة) أو ما يسمى قرى مثلث (ساسيب) وغيرها من القرى المنتشرة على إمتداد جنوب الولاية. العزازة صقورة ينخرط الحاج (ودالمرضي) عندما تتوسط الشمس كبد السماء في مناداة الركاب بموقف (المنطقة الصناعية القديمة) بمدينة القضارف المواطنين بالإسراع إلى حجز مقاعدهم في (اللوري) تأهباً لانطلاقته وتوجهه إلى منطقة (العزازة صقورة)؛ بعد أن أمضى معظمهم غالب نهاره في قضاء احتياجاته بالمدينة.. ود المرضي بصوته الجهور وابتسامته التي لا تفارق وجهه، يستطيع أن يحشد العشرات الذين يتدافعون لتسلق (اللواري) وبدء رحلة العودة إلى (الريف) بعد زهاء الخمس ساعات أو أقل قضوها داخل المدينة.. منهم من كان مريضاً جاء باحثاً عن العلاج؛ ومنهم من جاء لشراء احتياجات الخريف خاصة في هذه الأيام وتبلغ قيمة تذكرة الراكب خمسة عشرة جنيهاً وتزيد بقليل عندما تهطل الأمطار .. تنتهي مهمة (ود المرضي) بعد أن يجد كل راكب موقعه في (اللوري). فتبدا رحلة الدوران والعودة الى الريف فينهب (اللوري) الطريق الترابي.. ساعتين حتى بلغنا مقصدنا للوصول الي منتصف الجنوب بالولاية وتزداد المسافة كلما ازدادت وتيرة الامطار فتتزايد المعاناة ويصعب الوصول الى المدينة اذ تمتد رحلة الساعتين لتصل الى يوم كامل في بعض الأحيان. طريق سمسم اختلفت الروايات وتشعبت المعلومات حول هذا الطريق الذي أصبح الشغل الشاغل لكل مواطني (صعيد) الولاية فالبعض وصفه ب(الاسطورة) نظراً للوعود الكثيرة التي أطلقها كل من تعاقب على إدارة شؤن الولاية؛ كل منهم أطلق تصريحات (براقة) بحل المعضلة ووعدوا خيراً بربط (الصعيد) بالمدينة عبر طريق (القضارف – سمسم)؛ فتكاثرت الوعود والمحصلة صفر؛ حيث ظل هذا الطريق على حاله (الترابية) طوال الفترة الماضية؛ فالمعلومات المتواترة تشير الى أن الوعد الذي قطعه كل والٍ فيما يخص هذا الطريق هو سفلتته؛ وكثيرون من أهل المنطقة طالبوا بضرورة الاسراع في سفلتته؛ ليتسنى لهم الوصول الى حاضرة الولاية باسرع وقت ممكن وتعتبر مناطق الجنوب مراكز إنتاج المحاصيل الزراعية بأنواعها المختلفة وتقدم للولاية كل عام كميات كبيرة من المحاصيل باعتبار أن معظم المشاريع الزراعية تتواجد بجنوبالقضارف وتمتد حتى الحدود الاثيوبية. مدارس القش من يصدِّق بأن فصول مدرسة قرية (العزازة صقورة) الأساسية للبنات؛ كل فصولها من المواد المحلية؛ وشُيِّدت بجهود شعبية ليس للسلطات الولائية أي دور في إنشائها؛ بعد أن كانت المدرسة مختلطة تجمع ما بين البنين والبنات؛ رأى الأهالي أهمية أن تكون المدارس منفصلة عن بعضها البعض وبقدر امكانياتهم المتواضعة استطاعوا تشييد مدرسة من مواد محلية مكونة من (القش، الحطب ...) وفي انتظار الفرج من قبل السلطات الولائية ... والغريب في الأمر أن المدرسة لم تستطع الصمود في وجه الرياح الآتية فانهارت كلياً هذه الأيام التي اشتدت فيها رياح الأمطار؛ فتردي البيئة التعليمية حسب أحاديث المواطنين كان له الأثر البالغ في البارز في تزايد حالة الفاقد التربوي وتشريد التلاميذ من المدارس وامتهانهم لمهن هامشية من داخل القرية؛ عرفنا أن المدرسة تعاني من نقص حاد في (المعلمين)؛ خاصة مادة اللغة الانجليزية مما أثَّر هذا الأمر على التحصيل الاكاديمي فيها، وأشار أحد المتحدثين إلينا إلى أن عدد الممتحنين لشهادة الأساس في العام المنصرم يفوق ال(45) طالباً وطالبة لم ينجح منهم سوى عشرة طلاب ما ينبي بأنّ العملية التعليمية في خطر هناك. المعلمون للمعلمين بجنوبالقضارف وضعية خاصة عند الأهالي فيشرفون على مأكلهم ومشربهم؛ ويسهر الأهالي على خدمتهم متى ما احتاجوا الى ذلك؛ والهدف تنشئة أجيال أكثر وعياً وإدراكاً للواقع؛ الأهالي يعتبرون المعلم أحد بناة المستقبل المهمين؛ الا أن أحد المعلمين فضَّل حجب هويته أشار ل (الأهرام اليوم) بأن وضعية التعليم بجنوبالقضارف تواجه بمجموعة من العراقيل أهمها التردي المريع الذي تشهده المدارس؛ بالاضافة الى مشكلة (التسيُّب) من الدراسة بسبب المشاكل الاجتماعية؛ الكثير من التلاميذ تركوا مقاعد الدراسة واتجهوا الى احتراف الزراعة وغيرها من المهن الهامشية وأشار الى أنه اذا لم ينتبه المسؤولون لهذا الأمر فإنه من المتوقع أن تتزايد نسب الأمية في تلك المجتمعات القروية وتتفشى فيها الظواهر السالبة . (شخير) الصنابير استبشر الأهالي خيراً في الشهرين الماضيات بوصول مياه منطقة (ساسيب) والتي افتتحت على يد رئيس المجلس الوطني مولانا أحمد ابراهيم الطاهر؛ بعد مطالبات ورجاءات دفع بها المواطنون الى القيادة السياسية في الولاية بضرورة حل مشكلة المياه فجاءت مياه منطقة (ساسيب) دعماً لجنوب الولاية بالمياه النقية؛ فتركت الشرب من مياه (الحفائر) بصورة نهائية بعد أن كانوا لعشرات السنين يتجرعونها مسببة لهم أمراضاً لا حصر لها الا أن تلك (المواسير) كثرت فيها الأعطال؛ رغم أن تاريخ توصيلها كان قبل أربعة أشهر؛ والسبب أخطاء في التوصيل حسب شهادة أحد المهندسين الذي وصف الأمر بوجود خلل في التوصيلة بالاضافة الى رداءة (الموتورات) وبسبب كثرة الأعطال عاد المواطن مجدداً الى الشرب من مياه الحفائر والمضخات على أمل أن ينصلح الحال في الأيام المقبلة .. وقال عدد من المواطنين بأن مياه الحفائر عبارة عن أمراض جاهزة لا يستطيع المرء أن يتحملها؛ وطالبوا في الوقت نفسه والي القضارف الضو الماحي بضرورة الاسراع في حل هذه المعضلة والبحث عن حلول لمعالجة مشكلة (الصنابير) وعدم العودة لمياه الحفائر مرة أخرى؛ خصوصاً وأن في فصل الصيف تبلغ أزمة المياه ذروتها فيعتمد الأهالي اعتماداً كلياً على مياه (التناكر) مع ماشيتهم؛ لفترة تمتد لأكثر من أربعة أشهر . وترتفع أسعارها بصورة خيالية. تردي البيئة بسبب غياب التثقيف الصحي بالاضافة الى رداءة البيئة تنتشر الأمراض بصورة كثيفة في تلك المناطق خاصة في فصل الخريف الذي تكثر فيها (المرايا) فالمراكز الصحية الموجودة لا تفي لحاجة المواطن وتعاني تلك المراكز من عدم وجود أدوية منقذة للحياة فيعاني المرضي خاصة أصحاب الحالات الحرجة الأمرين حتى يصلوا الى المدينة بغرض التداوي؛ فمركز صحي "العزازة صقورة" تأسس في العام 2006 حسب اللافتة المكتوبة فأقيم هذا المركز بعد مجهودات كبيرة من قبل المواطنين الذين طالبوا في ذات الوقت بضرورة تأهيله ليستوعب أعداد المرضى؛ ودعمه بكوادر طبية مؤهلة تستطيع أن توطن العلاج في القرية وترك السفر إلى المدينة بحثاً عن العلاج. انتشار الجريمة ما يتخوَّف منه الأهالي هناك هو تزايد معدلات الجريمة بسبب تواجد أعداد كبيرة من (الجالية الاثيوبية) بحسب مصدر شرطي أفاد (الأهرام اليوم) بأنه في أقل من شهرين شهدت المنطقة جريمتيِّ قتل؛ راح ضحيتها إثنين من الجالية الاثيوبية والجناة كذلك من نفس الجالية؛ وفروا هاربين وتركوا أكثر من علامة استفهام.. وأضاف المصدر إن هذا الأمر لم يكن موجوداً من قبل وأكد على امكانية تزايد معدلات الجريمة في الفترة المقبلة اذا لم ينتبه الناس اليه؛ وتغيير وضعية تواجد الأجانب. يس والإعاقة بابتسامته التي تقهر إعاقته.. وبدراجته ذات الثلاثة أرجل يلفت اليه الأنظار كل من مرة بسوق قرية (العزازة صقورة) .. يوزع الابتسامات يمنةً ويسرةً ويتحرك بدراجته قاهراً بذلك الإعاقة التي فشلت في تجريده من ابتسامته.. أجبرني على التوقف عنده قليلاً وسؤاله عن أحواله .. إنه الشاب (يس عوض) الذي عانى كثيراً من الأخطاء الطبية التي حولت حياته الى جحيم لا يطاق حسب وصفه؛حيث تحول إلى شخص جالس بعد أن سببت له الحقن التي كان يتعاطاها في صغره للوقاية من الشلل وحرمته من نعمة السير؛ يس أوضح ل (الأهرام اليوم) بأنه أتى لقرية "العزازة صقورة" من أجل العمل؛ ضارباً بذلك مثالاً في التضحية واعتبر بأنه لم يستسلم للاعاقة علي الاطلاق؛ وأضاف بأنه يقيم بالقضارفالمدينة حي (سلامة البي) وأن ما يربطه بالقرية هو العمل ليس أكثر؛ وأكد في ذات الوقت بأنه يعتمد على نفسه اعتماداً كلياً ولا يمده لأي شخص؛ وأشار في نبرة بها شيء من التفاؤل بأن الدنيا مازالت بخير؛ وأردف "طالما الضراع أخضر عوجة مافي".. الا أن يس ألقى باللائمة على حكومة ولاية القضارف ممثلة في واليها الحالي؛ حيث قال بأنها لم تنصفه خاصة وإنه قدم لأكثر من جهة للحصول على دراجة بخارية بديلاً للتي يمتلكها؛ وقال إنه ظل لفترة الثلاثة أعوام متنقلاً بين مكاتب الحكومة عسى ولعل ان يحصل علي دراجة بخارية؛ وطالب يسن والي القضارف الضو الماحي بمنحه (دراجة بخارية) ليتحرك بحرية ويواصل عمله.