يموت من يموت .. ويعيش من يعيش، وبما أننا لا نقرر أو نقود هذه الحروب والاضطرابات التي تمر على عالمنا العربي (تبرير لبعض الضمائر التي تضحك على أصحابها).. فإن هناك من لا يزال منشغلا، ربما تحت قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" بالمقارنات بين لاعبين بكرة القدم. وربما يفكر الكثير من أبناء هذا الوطن العربي المنكوب في الهروب من الدماء التي يرونها على شاشات التلفاز إلى كل ما هو خال، ولو بصورة شكلية فقط، من العنف والاضطهاد.. والبحث عن متنفس أكثر صفاء ونقاء من تلك المشاهد "العكرة". وربما يغيب أيضا عن البعض أن كرة القدم بوصفها "أفيون" الشعوب، ربما لا تكون الوجهة الأكثر نموذجية لهؤلاء الهاربين، حيث ما تزال اللعبة الشعبية الأولى مصدرا للتنافس غير الشريف أحيانا، وبث الأحقاد والكراهية والتفرقة بين الأشقاء في البيت الواحد. لعنة ميسي ورونالدو مثلا أو ريال مدريد وبرشلونة.. ترفض أن تغيب عن "أباليس" الصحافة العالمية، وكلما خمدت نار الفتنة أشعلوها من جديد. قبل ساعات شبت نار حارقة بين المدربين الجديدين.. الايطالي كارلو انشيلوتي والأرجنتيني تاتا مارتينيو، والسبب تصريحات الأخيرة حول صفقة بيل، فكان رد انشيلوتي عنيفا للغاية باتهام مدرب البرشا بأنه "غشيم" بكرة القدم الأوروبية، وذلك على اعتبار أنها تجربته الأولى في القارة العجوز. الغريب أن رحيل المدرب البرتغالي المشاغب جوزيه مورينيو عن ريال مدريد كان مدعاة التفاؤل بالنسبة للصحف الاسبانية المتوازنة، على أساس أن حدة الخلاف بين الفريقين ستتراجع كثيرا، خصوصا وأن غوارديولا أيضا قد غاب عن المشهد الموسم الماضي، بعد أن وصل الصدام بينهما في الموسم الذي سبق إلى حد تكسير العظام. وبالأمس القريب قادت الصحف المدريدية حملة شرسة للنيل من القيمة الإعلامية والإعلانية الكبيرة التي يحتلها النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الهداف التاريخي لفريق برشلونة بطل الدوري الإسباني لكرة القدم، وذلك بالمقارنة مع الدون البرتغالي كريستيانو رونالدو هداف الغريم المحلي الأزلي ريال مدريد وصيف بطل الليغا. الصحف المدريدية استعرضت قيمة رونالدو في عالم التسويق الرياضي هذه الأيام وتحدثت عن ملايين المتابعين له عبر وسائل التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتوتير ويو تيوب وغيرها)، حيث أصبحت قيمة رونالدو تتعدى 250 مليون متابع، في حين أن ميسي لا يساوي أكثر من 50 مليون فقط. وفسر صحافيون مدريديون ذلك بتحول شركة مطاعم كبرى عن ميسي إلى رونالدو ليكون الوجه الإعلاني لها. غير أن ميسي رفض على الفور تلميحات هذه الصحف "الخبيثة" وصرح قبل ساعات من انطلاق مباريات الليغا أمام ليفانتي، قائلا: "ليست هناك أي منافسة مع رونالدو، هو شخص جيد ويستطيع تغيير مجرى أي مباراة"، ولكنه أخطأ عندما قال: "هو رجل يهتم بنجاحه الشخصي من خلال أعماله التجارية، أما أنا فأسعى فقط للتركيز على تحقيق النجاح مع برشلونة." وتطرق ميسي إلى أنه مستعد للعب مجانا، في حين أن آخرين يربطون سعادتهم بالمال، وهو ما يعد ضربا "تحت الحزام" من وجهة نظر الكثير من المراقبين. ولم يكتفي ميسي بذلك بل قال أيضا: "نحن لاعبين كرة قدم ولسنا نجوم سينما، لا نرغب بحياة الأضواء التي يعيشيها الممثلون، فعندما لا نلعب كرة القدم في التدريبات أو المباريات فإننا نكون في المنزل مع عائلاتنا"، وهذا يفسر طبعا عدم اهتمام ميسي بتنمية حساباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليكون ندا مكافئا لرونالدو. رونالدو الأشهر.. ميسي الأفضل، ربما يدوم الخلاف حول ذلك حتى نهاية العمر، ولكن ما لا يحتمل أي خلاف هو أن موسم الليغا الجديد سيكون ناريا وصاخبا بكل معنى الكلمة.. ولماذا يحتد الخلاف منذ البداية بين انشيلوتي وتاتا؟ الجواب البسيط هو حتى يستفيد الدوري الاسباني من التجاذب الصحافي والإعلامي لهذه التصريحات وتشتعل صراعات القمةخوفا من افولها لصالح الدوريات الأوروبية الأخيرة وخصوصا البريميير ليغ والبوندسليغا.. لنصدق ذلك وننتظر.!