رغم الزوبعة الإعلامية المهولة التي سبقت خطاب رئيس الجمهورية حول أهميته وما سيصدر عنه من مستجدات، إلا أنه بكل المقاييس كان عند خيبة أمل الجماهير التي لم تكن تتوقع خيراً فيه. مع ذلك لا يخلو الخطاب من التصريحات التي تستوجب الوقوف عندها للتأكيد أن نظام الرأسمالية الطفيلية يعيش في وادي وشعب السودان في وادٍ آخر. البشير أكد زيادة أسعار المحروقات في22/9/2013 ليصل سعر الجالون في محطات البنزين(21) جنيهاً منذ مساء22/9/2013 وهو يلقي في خطابه أمام المؤتمر الصحفي، بينما تعلن صحف الأثنين 23/9/2013م أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة طارئة برئاسة البشير في هذا التاريخ لتطبيق الزيادات بالثلاثاء24/9/2013م ولن تمر على المجلس الوطني لأنه أجازها من قبل. فأي ربكة وتضارب في التصريحات أبشع من ذلك؟! المدهش حقاً ويستوجب المساءلة هو قول الرئيس البشير:( إن الحكومة لاحظت مؤخراً أن المجتمع السوداني أصبح في طريقه ليبقى طبقتين الأولى لا تخشى الفقر وتصرف صرفا عالياً ومستمتعةً بالدعم والأموال. وطبقة أخرى محرومة تماماً هي فئة المرتبات) شعب السودان يعرف الطبقتين عن ظهر قلب. فالأولى التي لا تخشى الفقر هي شريحة الرأسمالية الطفيلية القابضة على السلطة بكل مفاصلها وسخرت الثروة المستقطبة على متعتها الذاتية، وهي تعيش في أرقى وأفضل الأحياء مثل كافوري وغيرها من المناطق ذات الأبراج العاجية التي لا يجرؤ الفقراء على التهويب حولها. ليس هذا جديداً بل حدث منذ استيلاء الانقاذ على السلطة بقوة السلاح واستقطبت الثروة في يد هذه الشريحة. ممعن في الغرابة قول الرئيس البشير:(نتوقع أن تشهد البلاد ارتفاعاً في الأسعار لأسباب نفسية)!! وهو قول لا يمت للاقتصاد ولا السياسة ولا علم الاجتماع وعلم النفس بأي صلةٍ. فهل زاد وزير المالية أسعار المحروقات لأسباب نفسية إذا جارينا منطق الرئيس البشير. إنها زيادة فرضتها سياسة طبقة الرأسمالية الطفيلية التي دمرت كل المؤسسات الزراعية والصناعية، وأفرغت البنوك من العملات الصعبة وأصبحت تعاني هي نفسها من ما يحافظ على(بحبحتها) على حد قول هجو قسم السيد نائب رئيس المجلس الوطني. وفي الوقت الذي يقول فيه رئيس الجمهورية أنه يؤكد أن الأسعار ستنخفض، يقول محافظ بنك السودان ووزارة المالية أن الأحوال لن تتحسن قبل(3) سنوات. ذكر رئيس الجمهورية أن الصرف العالي على جهاز الأمن والقطاع السيادي والجيش والشرطة غير صحيح. ونحن نأمل أن يرجع السيد رئيس الجمهورية إلى الفصل الأول(المرتبات والأجور) ليجد أن الصرف على هذه القطاعات يبلغ(73%) بينما أجور كل بقية العاملين في الدولة تبلغ(27%) ويبلغ الصرف على جهاز الأمن وحده4% من كل الميزانية. نقطة هامة لم يتطرق إليها رئيس الجمهورية وهي أن العاملين في الدولة يبلغ عددهم(50) ألف مواطناً من مجموع شعب السودان البالغ حوالي (38)مليون نسمة. وهذا يعني أن معظم سكان السودان لا تصلهم زيادات الأجور المنتظرة .