في السودان كشف مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» قصة ذكرها زميلنا العزيز أحمد الفهد في عموده بجريدة «الوطن»، عن فتاة سودانية تتعرض للجلد بواسطة اثنين من رجال الشرطة بالخرطوم، هذا الشريط أثار وما زال يثير ضجة في العالم أجمع. السيدة مريم الصادق المهدي القيادية في حزب الأمة السوداني المعارضة، قالت في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط السعودية (2010/12/16)، إنه بحسب إحصاءات يملكها حزبها، فإن هناك أكثر من 40 ألف امرأة قدمن إلى المحكمة خلال عام واحد، وإذا ما تم جلد أي من هؤلاء النسوة 40 جلدة فقط لا غير، فسيكون الناتج مليوناً و600 ألف جلدة فقط لا غير! وتعتبر الحكومة السودانية أن ما يجري هو تنفيذ لقوانين الشريعة الإسلامية وضبط الشارع ومحاربة الظواهر السلبية «أي لَظسْ سودانية!»، وكان بث مقاطع فيديو على موقع «يوتيوب» في 10 ديسمبر المصادف لليوم العالمي لحقوق الإنسان، قد أثار غضب كثير من السودانيين، وجهات عالمية أخرى. ويظهر الشريط فتاة سودانية تتعرض للجلد بواسطة اثنين من الشرطة بالخرطوم، فيما كانت الفتاة تتلوى وتسقط على الأرض وتصرخ بطريقة هستيرية طالبة منهما الكف عن ضربها! وتعرضت الفتاة لعقوبة الجلد وفقاً للقانون الجنائي السوداني والجرائم التي أشهرها المادة 152، التي تنص على الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة، وهي كل من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب، أو يرى بزي فاضح أو مخل بالآداب، وهي المادة نفسها التي أدينت بموجبها الصحافية السودانية، لبنى أحمد حسين، وحكم عليها بالجلد، ثم استبدلت العقوبة. وهذا الحدث الفضيحة التي تضاف الى فضائح الشقيق السودان المهدد بانفصال جنوبه عن شماله، بالاستفتاء المقبل المفروض، لأسباب كثيرة، منها الاضطهاد الذي عانى منه أبناء الجنوب من التطرف الأصولي الإسلامي الحاكم للشمال، ومحاولة فرض مفاهيم وقيم ذوي الاتجاهات الأصولية المتطرفة بالقوة على أهل الجنوب، وهم من المنتمين للعقائد المسيحية أو الوثنية! عندنا في الكويت محاولات أصولية دائبة منذ مدة ليست بالقصيرة، لفرض المفاهيم الأصولية المتزمتة نفسها وبالقوة وهو أمر لا يستقيم مع زمن العولمة وسيادة مبادئ حقوق الإنسان، وفرضها على كل الأمم، وعلى المستوى العالمي، كما رأينا ونرى بانتشار الأخبار بالصوت والصورة والتقارير الأممية لحقوق الإنسان ومنظماتها الأهلية والحكومية والدولية، التي أصبح من الصعب تجاهلها. فهل نتعظ لنضع حداً لجهود ذوي الاتجاهات التكفيرية المتزمتة التي عاثت فساداً وتخريباً في مجتمعنا الوسطي المتسامح، لكي لا تتكرر صورة مآسي السودان ثانية وفي الخليج؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم علي أحمد البغلي [email protected]