خلال انعقاد مجلس شورى المؤتمر الوطني الشهير يونيو العام الماضي والذي هتف فيه الشيخ أبو علي أمام الرئيس"لن نقبل بغيرك"،اختطف أحد الشباب الغاضب المنصة الرئيسية وطفق ينعي الشورى داخل الحزب الكبير الذي يرفع آية الشورى ضمن شعاراته الثابتة،لم تكتمل دهشة الحضور في ذلك المؤتمر المنقول على الهواء في قنوات محلية حتى وأكمل الشاب حديثه الذي أجمله في "ألا شورى داخل الحزب" كانت مفاجئة بالنسبة لعضوية الحزب،أن يخرج شاب ويتحدث بهذه الشجاعة،وكانت إشارة واضحة إلى أن السيل بلغ الزبى في الحزب الحاكم،وأن الشورى مجرد شعار مكتوب بخط عربي أنيق يُزيّن أعلام وجدران مكاتب الحزب الحاكم، وكان بيّن جداً أن المستشير ضاق بالمشير، فلا شورى ولا يحزنون.. نائب الرئيس السابق الحاج آدم كان قد نصح حزبه باتباع "طريقة نافع" لحسم المتفلتين داخل الحزب،كان ذلك في وقت سابق وقبل أن يشرع حزب المؤتمر الوطني عملياً ويقرر تشكيل لجنة عليا لحسم المتفلتين، نعم لجنة عليا، على رأسها رئيس البرلمان السابق أحمد إبراهيم الطاهر، والذي سبق وأن ترأس لجنة محاسبة قضت بفصل غازي صلاح الدين ومجموعته على خلفية مخاطبة الرئيس بمذكرة إصلاحية، مجموعة غازي كانت قد بررت مخاطبة الرئيس مباشرة نسبة لضيق الشورى داخل مؤسسات الحزب، وهو ما لم يقبله الحزب الذي شرع بعد فصل هذه المجموعة في سياسة تبدو انها اصلاحية وكأنما أراد أن يحاول قطع الطريق أمام أي تحركات شبيهة بمذكرة الثلاثين.. لكن الواضح أن التفلت، أو ما يُسميه الحزب ذلك قد زادت وتيرته للدرجة التي اضطرت الحزب الحاكم لتشكيل لجنة عليا لذلك،وفي البال ما يحدث في المؤتمرات القاعدية للحزب في الولايات للدرجة التي اوصلت العضوية الاشتباك بالكراسي.جيد لو أن هذا النشاط وتفعيل اللوائح يحدث داخل الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى، لكن ما أن يُطلق عليه توصيف "تفلت" بات واضحاً المعنى، خطوة تشكيل لجنة عليا لحسم المتفلتين تأتي قبيل انعقاد المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني والذي ينبغي ويُنتظر أن يحسم أشد الملفات حساسية والمعلومة لدى الجميع، والذي تأتي بعده الانتخابات العامة التي سيخوضها الحزب الحاكم وحده اتفق على مرشح أم لم يتفق، فإن كان الحزب الذي سيخوض هذه الانتخابات وسيحكم كل هذه البلاد المترامية والمصطرعة أطرافها ومراكزها غير قادر على سماع "متفلتيه" فكيف يستمع إلى كل السودان.. ،هذه اللجنة العليا ووفقا لما حدث في السابق يُمكن بسهولة أن تفصل كل عضوية الحزب وتبقيه على شخص واحد..تدرون،القلق لن يكون فقط بشأن حزب قابض على السلطة لربع قرن وأوصل البلاد إلى ما هي عليه ولا يزال يطمع أن يزيد، لكن القلق ان الحزب سيذهب إلى الانتخابات حاملاً كل هذه الاختناقات الداخلية الذي انفجر بعضها وكُتم بعضها،حزب يخوض الانتخابات باشتباكاته وكراسيه، إلى أين سيقود البلاد. [email protected] = التيار