في التحقيق المنشور أمس على "التغيير" حول الفيديو الفضيحة لاثنتين من النساء لا يصلين ولم يسمعا برسول الله عليه وسلم الكل؛ تهرُّب من المسؤولية. وجدان ذهبت على الفور الى منطقة شرق النيل حيث الحدث.. من تحدثت اليهم من الذين تقع عليهم المسؤولية بشكل مباشر أو غير مباشر؛ بعضهم نفى أن يكون الحدث موجوداً أصلاً، واتهموا من صوّر بالفبركة.. آخرون قالوا إن الصورة ولهجة النساء تشير الى مواقع أخرى غير ريفي بحري.. هناك من تحدث عن المنطقة كواحدة من أهم مناطق انتشار الطرق الصوفية. غير أن المؤكد هو أن مثل هذه الظاهرة موجودة، رضينا أم أبينا، تحملنا كحكومة ومجتمع وجهات دينية مسؤوليتها، إما تنصلنا منها لكي نجمل مظهرنا الخارجي. قبل فترة ليست بعيدة؛ ذهب فريق من التلفزيون بعربة على الحدود الفاصلة ما بين الخرطوم وكردفان. الصحفي سأل أحد الرعاة عما اذا كان يعرف اسم الرئيس. الرجل قال لا. طيب الرئيس السابق.. لا.. بتعرف منو من المسؤولين، قال بعرف عبد القادر بتاع الضرائب.. المصيبة أن الرجل قال تلفزيون يعني شنو. حكى لي أيضاً أحد الزملاء بوجود مثل هذا المقطع الذي يتم تداوله الآن على "واتساب" على الطبيعة في عدد من مناطق الرحّل النائية. قال لي هناك من سمعوا بالإسلام والقرآن والصلاة، لكنهم لا يعلمون عن أمور دينهم شيئا. قال إن أحد قيادات جماعة ردّ عليه عندما سأله عن الصلاة وكيفية أدائها بأنهم يصلون لكن البنات غير المتزوجات (الفتوات) لا يصلين. طالبات جامعة عريقة درجت على عمل رحلات علمية في أصقاع بعيدة؛ حكين عن تجارب مريرة من تفشي الأمية. وفي إحدى الرحلات الموجهة للتثقيف الصحي للنساء؛ تصدّى لهن رجال المنطقة، فقالوا لهن ما عندنا نسوان بقابلو غرباء حتى لو نسوان زيهن. ورونا الشي الدايرين تقولوه ليهن ونحن نوصلوا، إنتن دايرات تعصن علينا النسوان! الحقيقة المرة أنه خارج نطاق المدن الكبيرة تتفشى الأمية التعليمية والأمية الدينية بشكل كبير.. صحيح في وسط المدن بين كل شارع والذي بعده؛ يوجد مسجد وزاوية ومسيد وخلاوى ومدارس خاصة وعامة.. يوجد دعاة وأئمة مساجد وحيران وشيوخ ومقرئي قرآن ومجودين.. يوجد معلمون وموجهون تربويون ووزراء تعليم اتحادي وولائي وإدارات تعليم بالولايات والمحليات ووزراء إرشاد ومدراء إدارات زكاة وفقهاء ومجلس علماء يجتمعون وينفضون لرؤية هلال رمضان.. وهيئة علماء يفتون في التمويلات الربوية وفي الانتخابات التشريعية والرئاسية وسماع أولي الأمر، وفي ترشح المرأة للرئاسة، لكنهم - كلهم - يغضون الطرف عن انحدار المجتمع باتجاه هاوية الأمية. التغيير