الدكتورة خالد زاهر سرور الساداتي أول طبيبة سودانية ، أبصرت النور في أمدرمان 1926م ، جلست الى الدرس بخلوة الفكى حسن بحى الموردة قبل الانتقال إلى التعليم النظامى بمدارس الاتحاد ، وفى عام 1946 التحقت بكلية كتشنر الطبية وتخرجت فى 1952 كأول طبيبة سودانية . كما نالت دبلوماً في الصحة العامة وتخصصت في طب الأطفال في تشيكوسلوفاكيا، ونالت الدبلوم من انجلترا وقضت فترة الامتياز في عنبر النساء بمستشفى أمدرمان الذي كان يديره الدكتور عبد الحليم محمد آنذاك . تعد الدكتورة خالدة احدى مؤسسات الاتحاد النسائى ، وناضلت مع رفيقاتها فى الحركة النسائية التقدمية فى وجه ثقافة تقليدية شديدة المحافظة لفتح الطريق أمام النساء فى كافة المجالات . والتحقت خالدة زاهر بالحزب الشيوعى السودانى وهى طالبة ، شاركت فى مظاهرة نادى الخريجين الشهيرة عام 1946 ضد الجمعية التشريعية وتم اعتقالها آنذاك ، كما شاركت فى قيادة اتحاد الطلاب أوائل الخمسينيات ، وظلت ضمن نضالات القوى الديمقراطية والحركة النسوية فى مواجهة الديكتاتوريات التى أخذت أغلب سنيّ ما بعد الاستقلال ودفعت فيها أثمانا باهظة من التشريد والاعتقالات .واشتهرت خالدة زاهر بانحيازها السافر للفقراء ،إذ شرعت أبواب عيادتها بشارع الدكاترة بأم درمان أمام الذين لا يملكون قيمة الكشف بل كثيرا ما تعدتها إلى منحهم قيمة الدواء نفسه . واحتفت النساء بريادة خالدة زاهر فى أغنية البنات الشهيرة (ياعقد الجواهر أنا دستورى نازل فى بيت خالدة زاهر). خالد البنت البكر للبكباشي زاهر سرور الساداتي الذي تحدى المجتمع والحاكم العسكري آنذاك بالسلاح لتدخل ابنته الجامعة. زوجها الراحل عثمان محجوب الشقيق الأكبر لزعيم الحزب الشيوعي الراحل عبدالخالق محجوب. تولى والدها منصب قائد للفرقة السودانية التي شاركت في حرب فلسطين بالعام 1948م، أخت لتسعة أخوات وتسع أخوان. وجدت نفسها فجأة في تحدٍّ مع الذات ومع المجتمع المنغلق في ذلك الوقت عندما شجعها والدها واسع الأفق لمواصلة مشوار تعليمها. خالدة كانت قدر ذلك التحدي بدخولها كلية غردون الجامعية كأول طالبة سودانية، وتخرجت من كلية غردون كأول طبيبة سودانية بالعام 1952م ولم يكن الحدث نصرا شخصيا لها أو لاسرتها الصغيرة ، بل كان حدثا مهما ومشهودا وخطوة رائدة في تاريخ تطور المرأة السودانية . وقد عملت الدكتورة خالدة زاهر طبيبةَ في وزارة الصحة السودانية وتدرجت في السلك الوظيفي حتى وصلت إلى درجة وكيل وزارة . طوفت من خلال عملها كطبيبة كل أقاليم السودان مناديةَ وناشرةَ الوعي بصحة الطفل والمرأة وحقوقها ومحاربة العادات الضارة ، وقدمت كثيرًا من الخدمات الكبيرة والجليلة عندما عملت لفترة من الزمن مديرا لمركز رعاية الطفل بأمدرمان ، وتعد أول من قام بتكوين تجمع نسائي في السودان باسم (رابطة الفتيات الثقافية)، وشاركت في العديد من المؤتمرات الطبية المحلية والعالمية في أصعب الظروف كمؤتمر السلام على سبيل المثال. شاركت الدكتورة خالدة زاهر في العديد من المؤتمرات الطبية داخل وخارج السودان ، وهي عضو مؤسس لجبهة الهيئات التي تكونت إبان ثورة أكتوبر 1946م. منحتها جامعة الخرطوم الدكتوراه الفخرية في 2001 في احتفالات الجامعة باليوبيل الماسي تقديراً لريادتها ومساهمتها في تطور المجتمع السوداني ومساندتها قضايا المرأة. انتظمت خالدة في العمل السياسي ومن خلال إيمانها بقضايا تحقيق العدالة الاجتماعية وقضايا تحرير المرأة انضمت إلى الحزب الشيوعي السوداني وصارت أول امرأة تحصل على تلك العضوية ، شاركت الحركة الوطنية في نضالها ضد المستعمر بجسارة فائقة قائدةً للمظاهرات وخطيبةً ،ولم يتوقف نشاطها السياسي بعد خروج المستعمر بل تواصل، وتُعد من العشر الأوائل اللائي أسسن الاتحاد النسائي السوداني عام 1952 م والذي تولت رئاسته في أواخر الخمسينيات وساهمت بفعالية في كل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين ، مدافعة بشدة عن الديمقراطية ورافضة لكل أشكال الديكتاتورية ، وقد كان هنالك دوما شيء ما يميزها وهو شجاعتها وجرأتها وقدرتها على قول الحق وإبداء الرأي مع النظرة الثاقبة للمستقبل وسعة صدرها في سماع صوت الآخرين . يحكى أن هنالك بعضا من أعيان الحي الذي تسكنه وهو "فريق ريد"بالموردة وبعض أعيان أمدرمان كانوا ضد فكرة تعليم المرأة ،ناهيك عن مواصلة تعليمها الجامعي و عملها بعض التخرج ،كان ذلك هو التفكير السائد في ذلك الزمن وهو أن تظل البنت حبيسة المنزل الذي يعتبر مكانها الطبيعي، وبالنهج العشائري الأبوي أتى ذلك النفر اٍلى والدها انذاك واحتجوا أو اعترضوا أن يسمح لابنته أن تدرس مع الرجال ، يشير بعض من حضروا ذلك اللقاء إلى أن والدها قال لهم :"بتي خالدة دي لو عجنوها مع رجال عجينتها مختلفة". ومن ثم رفض طلبهم بشجاعة وحسم. شاركت خالدة الحركة الوطنية نضالها ضد المستعمر بجسارة فائقة قائدة للمظاهرات وخطيبة اعتلت منبر نادي الخريجين في أواخر أربعينات القرن الماضي في زمن لم يكن يسمح للمرأة بالخروج من المنزل وتم اعتقالها من جانب المستعمر نتيجة لذلك النشاط، ، وتواصل ذلك النشاط السياسي الوطني بعد خروج المستعمر وساهمت بفعالية في كل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين ،ومدافعة بشدة عن الديمقراطية ورافضة لكل أشكال الديكتاتورية. أسست خلال تعليمها الثانوي بجانب الأستاذة فاطمة طالب "رابطة رابطة الفتيات بامدرمان عام 1946 "ومن ثم لاحقا ساهمت وكونت مع كوكبة من الرائدات السودانيات أمثال حاجة كاشف ، وفاطمة أحمد اٍبراهيم، ونفيسة المليك،وأأم سلمة سعيد، وعزيزة مكي وأخريات الاتحاد النسائي السوداني ومن ثم اختيرت كأول رئيسة له. وساهم الاتحاد النسائي في نضاله الضاري والدءوب في تحقيق مكتسبات قوية للمرأة السودانية لم تحققها تنظيمات نسائية في كثير من البلدان العربية والأفريقية حتى اليوم وعلى رأسها الأجر المتساوي في العمل للرجل والمرأة . استطاعت المرأة بنضالها أن تدخل البرلمان السوداني وأن تتبوأ مراكز متقدمة في كل الوزارات الحكومية ، جامعة الخرطوم ، القضاء ، الاٍدارة ، وقدمت كثيرا من الخدمات الكبيرة والجليلة عندما عملت لفترة من الزمن مديرا لمركز رعاية الطفل باأمدرمان الواقع بالقرب من مستشفى التجاني الماحي.منحت الدكتورة الفخرية من جامعة الخرطوم في احتفالها الماسي في 24/2/2000 وذلك لريادتها ومساهمتها في تطور المجتمع السوداني ومساندتها قضايا المرأة ظل هنالك دوما شئ يميزها وهي شجاعتها وجرأتها وقدرتها على قول الحق واٍبداء الرأي مع النظرة الثاقبة للمستقبل وسعة صدرها في سماع صوت الآخرين.ذلك النهج أجبر حتى من يخالفونها الرأي على احترامها . في رحلة لها في القاهرة التقت في حفل عام ببعض قادة المعارضةفي ذلك الوقت. وفآجئت الجمع عندما خاطبتهم قائلة "مش أحسن الناس يناضلوا ضد هذا النظام من الداخل بدل العمل من الخارج؟"حقيقة توصل اٍليها بعض من اأولئك القادة بعد سنوات طوال!باشرت بمسؤولية وعقل وقلب مفتوح شؤون أسرتها الكبيرة.،تؤمن إيمان كامل أن الجيل الجديد من النساء يقع عليه عبء قيادة العمل النسائي والااجتماعي، وتؤكد بتواضع أن هذا الجيل أقدر منهم على تفهم مشاكل عصره ووضع الحلول المناسبة لها ، وتلك هي سنة الحياة. تم تكريمها من منظمات المجتمع المدني العام 2006 بمناسبة بلوغها سن الثمانين. متزوجة وام لبنتين وولدين. نجلها الأول: د.حمد عثمان محجوب طبيب استشاري باطني في انجلترا إبنها الثاني د. خالد عثمان محجوب يحمل دكتوراة في العلوم من جامعة كيمبردج , وكان يعمل استاذاً بجامعة جوبا قبل ان يلتحق بالعمل مع الأممالمتحدة. ابنتها الكبرى مريم عثمان محجوب تعمل بالأممالمتحدة في جنيف , وابنتها الثانية ،د. سعاد عثمان محجوب، خريجة جامعة الخرطوم وتحمل دكتوراة في علم الاثار من جامعة السربون بفرنسا. ترأست بعثة الحج الطبية في عام 1981،وحجت بعدها مرتين على نفقتها الخاصة. عيادتها في شارع المهاتما غاندي بأمدرمان (شارع الدكاترة) كانت ملاذاً لكل النساء اللاتي لا يمتلكن أجرة الكشف , فكانت تعالجهن مجاناً و توفيت الرائدة النسوية فجر أمس الثلاثاء بمنزلها بالعمارات الخرطوم . اليتار