يشكّل الصداع النصفي أزمة حادة لمن يصاب بهذا المرض المزمن، نظرا لما يصاحبه من ألم وظواهر جسدية ونفسية، كونه يعيق الشخص عن أداء مهامه اليومية في العمل أو المنزل، وتتناول بسببه العديد من المسكنات التي قد تؤثّر على وظائف الجسم الأخرى. العرب سوسن ماهر يقول د. إسلام منتصر، استشاري أمراض المخ والأعصاب إن المصابين بالصداع النصفي المزمن يعانون من الحساسية المفرطة من الضوء الطبيعي والصناعي ومن الأصوات المرتفعة. وأشارت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها، إلى أن الصداع النصفي يدخل ضمن أكثر 20 ألما جسديا. ويكون ظهوره عبارة عن نبضات أو نوبات أو ضجيج في نصف الرأس. وقد يستمر لمدة ثلاثة أيام متواصلة، ويتعذر خلالها القيام بأيّ نشاط أو جهد حركي. ويضيف د. منتصر أن الصداع النصفي يسبّب الخفقان الشديد أو إحساسا بنبضات مؤلمة في منطقة واحدة من الرأس. ويرافقها عادة الغثيان والقيء. وتابع: نوبات الصداع النصفي يمكن أن تسبّب ألما شديدا لساعات وأيام متواصلة، ولذلك يكمن علاج المريض في الراحة والاسترخاء وإيجاد مكان هادئ مظلم تماما للتخلّص من الضوضاء. ويؤكد أن الصداع النصفي تسبقه أعراض حسية تكون بمثابة تحذير، مثل ومضات من الضوء، وخز في الذراع أو الساق. وأوضح د. منتصر أن الأدوية يمكن أن تساعد في الحدّ من وتيرة الصداع النصفي وشدته. وإذا لم ينجح العلاج الدوائي فعلى المريض التحدّث مع طبيبه الخاص حول كيفية إيجاد محاولات مختلفة للتخلّص من الصداع النصفي. ويفسر: قبل يوم أو يومين من الإصابة بالصداع النصفي، قد يلاحظ الشخص بعض التغييرات الطفيفة التي تدل على الإصابة، بما في ذلك: الإمساك، فقدان شهوة تناول الطعام، التثاؤب بشكل مفرط، بالإضافة إلى وقوع اضطرابات بصرية قد تحدث قبل أو أثناء الصداع النصفي، وتكون على هيئة ومضات من الضوء، ورؤية الأشكال بشكل مختلف. ويضيف د. شريف سعيد، استشاري أمراض المخ والأعصاب، أن علاج الصداع النصفي عادة ما يستمر من 24 إلى 72 ساعة. وتختلف درجة الاستجابة من شخص لآخر، على حسب ظهور الصداع النصفي -على سبيل المثال- بعض الأشخاص يعانون من المرض عدة مرات في الشهر، والبعض الآخر يكون ظهور الصداع النصفي عابرا. وعن أعراض الصداع النصفي، يقول: يواجه المريض ألما حادا على جانب واحد من الرأس، وحساسية الضوء والأصوات والروائح أحيانا، غثيانا وقيئا وعدم وضوح الرؤية والدوار وأحيانا الإغماء من شدة الألم. ويوضح أن الصداع بشكل عام يكون علاجه دون تشخيص. وهناك عدة أنواع من الصداع، صداع حاد مفاجئ مثل قصف الرعد وصداع يصاحب الحمى أو ارتفاع درجة حرارة الجسم. وأيضا يوجد صداع بعد إصابة أو ارتطام في الرأس، كما يوجد الصداع المزمن الذي يظهر بعد السعال أو الجهد المبذول. ويشير د. سعيد إلى أن أسباب الصداع النصفي غير مفهومة، ومع ذلك تلعب الوراثة والعوامل البيئية دورا في ظهور هذا المرض. فقد يكون سبب الصداع النصفي ناتجا عن التغيّرات التي تطرأ على الدماغ وتفاعلاته مع الأعصاب. وأيضا يمكن أن يظهر نتيجة عدم التوازن في المواد الكيميائية بالدماغ، مثل مادة السيروتونين التي تساعد على تنظيم الألم في الجهاز العصبي. وانخفاض مستويات السيروتونين يحدث نوبات الصداع النصفي. ويؤكد أن النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض الصداع النصفي بسبب التغيّرات الهرمونية والتقلّبات في هرمون الإستروجين. وهناك أبحاث أثبتت أن النساء اللاتي لديهن تاريخ مرضي للصداع النصفي يكون لديهن انخفاض كبير في هرمون الإستروجين. أيضا يظهر المرض خلال فترات الحمل أو انقطاع الطمث. بالإضافة إلى أن الأدوية الهرمونية، مثل حبوب منع الحمل والعلاج بالهرمونات البديلة تسبّب الصداع النصفي. ويؤكد د. أسامة سليمان، استشاري أمراض المخ والأعصاب، أن الإجهاد في العمل أو المنزل والمشروبات الكحولية أو التي تحتوي على الكافيين كلها عوامل قد تؤدي إلى الصداع النصفي. كما أن التدخين السلبي يمكن أن يؤدي إلى الصداع النصفي. ومن أسباب المرض أيضا التغييرات في نمط اليقظة من النوم، والتمارين البدنية المكثفة بما في ذلك النشاط الجنسي تؤدي أحيانا إلى الصداع النصفي. ويقول إن الكثير من الناس يستخدمون مصطلح الصداع النصفي لوصف أيّ صداع حاد، بينما الحقيقة العلمية أن الصداع النصفي يظهر نتيجة تغيّرات فسيولوجية تحدث بشكل محدّد في الدماغ، وتؤدي إلى ألم حاد ومميّز. ويؤكد أن العلاج يعتمد على عدد المرات التي يحدث فيها الصداع ومدى استمراره، فهناك أدوية مثل أسيتامينوفين، تايلينول، إيبوبروفين، وغيرها، بجانب الوصفات الطبية الأخرى. ويحذّر من تناول هذه الأدوية دون الرجوع إلى الطبيب، لوجود قيود محدّدة بشأن عدد المرات التي يمكن أن تستخدم فيها هذه الأدوية، فهناك بعض الأدوية التي تناسب الاستخدام الفوري دون معرفة الطبيب، والبعض الآخر يتطلّب زيارة للطبيب أو قسم الطوارئ أو أخصائي الرعاية الصحية. وأكدت دراسة أميركية حديثة، أجريت على 3800 بالغ يعانون من ارتفاع في معدل كتلة الجسم، أن البدناء يصبحون فريسة سهلة للإصابة بنوبات الصداع النصفي على فترات متعددة، ورجح العلماء إمكانية أن يكون ذلك لتكوينهم مواد مسببة للالتهابات من الأنسجة الدهنية ومن ثم إطلاقها في الجسم، مما يلعب دورا في الإصابة بالصداع النصفي. وهذه المواد موجودة أكثر لدى البدناء والصغيرات سنا، ما قد يفسر سبب إصابتهم بالصداع أكثر من غيرهم.