بسم الله الرحمن الرحيم د. سعاد إبراهيم عيسى الكثير من المواطنين الكرام ممن نسعد بتعليقاتهم حول ما نكتب من موضوعات, نصحوني بالكف عن (النفخ في القربة المقدودة) ما دامت كل محاولاتنا ظلت تبوء بالفشل. وترجع أسباب الفشل إلى ان غالبية المسئولين لا يرغبون في الاستماع لغير ما يشنف آذانهم ويطربهم, كان ذلك حقا أو باطلا. وهو ما لن يتوفر ضمن ما نرمى إليه من إصلاح في الشأن العام يستوجب تحديد وكشف مواقع الخطأ المراد إصلاحه, الأمر الذى يبغضه المسئولون ويتحاشون مجرد رؤيته. وقبل ان استبين ذلك النصح, اسمحوا لي بنفخة أخيرة في ذات القربة التي أدمنا النفخ فيها. أي مشكلة مواصلات الولاية ومواقفها الداخلية. حيث بدأت الطرق على باب تلك المشكلة منذ ان أطلت برأسها على عهد المتعافي, ثم واصلت سيرها وبالمزيد من أخطائها على عهد الخضر. وكلما تمت الإشارة إلى الطرق التي تقود إلى علاجها وتقويم اعوجاجها, يجيء الرد من سلطات الولاية بالمزيد من إسراع الخطى على ذات الطريق المعوج الذى يوطد أقدامها ويعمق من مشاكلها, بإنشاء المزيد من المواقف الداخلية. وعندما أهدى السيد رئيس الجمهورية ولاية الخرطوم الوالي الجديد, السيد عبد الرحيم محمد حسين, مع حفظ كل الألقاب الخاصة بسيادته, استبشرنا خيرا وقلنا ربما تجد معالجة مشاكل مواصلات الولاية فرصتها في التحقيق على يديه, خاصة وقد أعلن سيادته بأنه سيسير على خطى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب, الذى استدل بقوله بان الله سيسأله, ان عثرت بغلة بأرض العراق عن لماذا لم يسوى لها الأرض, فما بال سيادته بدواب الخرطوم وعثرات سيرها وبكل الطرق وبأكثر من سبب؟ واستنادا على ذلك التصريح أرسلت إليه رسالة عبر الصحف سردت فيها أصل مشكلة المواصلات, التي تلخصت في وجود تلك المواقف التي لا نظير لها بأى من دول العالم, مع تقديم كل الحلول المتبعة بكل دول العالم أيضا. ولم نسمع من سيادته اى تعليق يفيد بمجرد الاطلاع على الرسالة. ومن ثم فأصبحت الرسالة صيحة في وادي. ولم نيأس بظن ان ما يكتب بالصحف قد لا يجد المسئولون الوقت الكافي الذى يمكنهم من الاطلاع عليه, كما وان غالبية إدارات مكاتبهم, لا تحرص إلا على عرض ما ترى بأنه يجد القبول والرضا لدى المسئول, فقررت في يوم الثلاثاء 8/9 ان أسعى لمقابلة سيادته بمكتبه وبالطرق الرسمية, فتقدمت بطلب لذلك ووفق ما حددت إدارة مكتبه, من توضيح للموضوع المراد مقابلته من اجله, ومن تسجيل لرقم الهاتف الذى سيتم الاتصال عبره متى يتم التوفيق في تحديد الموعد. ولا ندرى ان كان سيادته قد أوضح لإدارة مكتبه ماذا يعنى السير على خطى أمير المؤمنين الذى مكنته من النوم تحت ظل شجرة وفى الطريق العام وبلا حراس, ودعك من مجرد مقابلة رعاياه. أما وقد أعلن معتمد محلية الخرطوم وفى اليوم التالي لذلك الطلب, الأربعاء 9/9. وفى مؤتمر صحفي عن عزمه إعادة هيكلة مواقف مواصلات الخرطوم, تأكد لنا ان الاتجاه لدى المسئولين هو الإبقاء على الخطأ بل وزيادة طينه بله. فالسيد المعتمد الجديد وقبل ان (يتوهط) على كرسي المعتمدية لدراسة مشاكلها بتأن وهدوء حتى يخرج بالقرارات الصحيحة التي تقود إلى إصلاحها, رأى ان يبدأ مباشرة بالخطأ الأكبر, المواقف الداخلية, لا لعلاجها ولكن للحكم عليها بالمزيد من الأمراض والعلل التي سيتحمل ألامها وأوجاعها المواطن المغلوب على أمره. فتمعنوا في هذه (اللخبطة) التي ألحقها سيادة المعتمد بخطوط سير مواصلات الخرطوم ودون ان يوضح أولا الهدف والفائدة من إعادة الهيكلة, وان كان قد وصل إلى ذلك القرار عبر دراسة لجدواه أم عشوائيا كما تعودنا على الكثير من القرارات؟ ولا أظن ان الوقت ما بين استلام سيادته لموقعه الجديد وإصدار قراره المشكلة, قد يكفى لإصدار أي قرار ذي جدوى. حيث رأى ان: يتم ترحيل كل خطوط أرياف شرق النيل, وسوبا, واللعوته, لموقف شرونى. وكل خطوط مواصلات بحري, (المزاد الشعبية, كوبر, الدروشاب, الحاج يوسف) ومواصلات الخرطوم شرق ( برى, ناصر, المنشية), ومواصلات امدرمان( الصالحة, الشقلة, الشهداء, ود البشير, الشعبي, إستاد الهلال) لموقف إستاد الخرطوم. ينما سيحتفظ موقف السكة حديد (كركر) بمواصلات شرق الخرطوم ( اركويت, المعمورة, الجريف غرب, الرياض, المنشية) إضافة إلى مواصلات (الديوم, الشعبي جبره, الكلاكلات, الجبل) إضافة إلى أم بدة وكرري. الغريب ان كل هذه التغييرات في أماكن وسائل المواصلات المختلفة, تم فرض تنفيذها في ظرف يومين فقط , وعلى المواطنين الذين أصبحوا مجرد حقل تجارب لقرارات المسئولين, استيعابها والتحرك بموجبها, وفى ظرف يومين فقط أيضا. كما وأعلن السيد المعتمد وكنوع من أنواع الطبطبة على أكتاف المواطنين, الذين سيقع عليهم عبء الهرولة بين المواقف الثلاثة, للوصول إلى وسيلة المواصلات التي ستنقلهم إلى حيث يرغبون, بأنه سيوفر لهم 10 بصات من بصات الحكومة لنقلهم بين موقف شرونى والسكة حديد ومجانا. والمدهش ان تلك التغييرات في مواقف المواصلات, ما ان بدأ العمل بموجبها, حتى كشفت عن خطل فكرتها وحجم مشاكلها. إذ اكتظت كل شوارع الخرطوم وبكل اتجاهاتها, بمختلف وسائل المواصلات وفى مقدمتها طوابير البصات المتجهة نحو مواقفها الجديدة, حتى توقفت الحركة تماما وفى كل الاتجاهات, ولا زالت متعثرة حتى اليوم. فما هو رأى وموقف شرطة المرور, التي يقع على عاتقها تحمل تبعات مثل تلك القرارات المتعجلة, ان قد تم التشاور والتنسيق معها حول ذلك القرار بما يبرر هذا الجهد والزهق الذى تكابده شرظتها, أم انه قد تم وضعها أمام الأمر الواقع وقبلت به ولماذا؟ وأخيرا تحرك مجلس تشريعي ولاية الخرطوم بعد ان وقف على حجم المشكلة التي أنتجها ذلك القرار, فتم استدعاء وزير التخطيط العمراني والبني التحتية, للإجابة على مسالة مستعجلة تتصل بقضية تلك الهيكلة. حيث أوضح السيد رئيس المجلس, المهندس صديق محمد على الشيخ, بان أزمة المواصلات التي أنتجتها إعادة الهيكلة قد (أحدثت دربكة بالولاية). وعليه يصبح الأمل في ان يصل المجلس إلى جذور المشكلة التي قادت إلى تلك (الدربكة), وقطعا سيجدون أنها مرتبطة بصورة وثيقة بوجود تلك المواقف بداية. وقد قلنا من قبل بأنه لا توجد مواقف لمواصلات داخلية بأى من بلاد العالم, لذلك نتمنى ألا يرجع السيد وزير التخطيط العمراني وجود هذه المواقف إلى ما حدده المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم, فالشركة التي اضطلعت بأمر ذلك المخطط لا يوجد بعاصمة بلادها اى مواقف لمواصلات داخلية لتهتدي بها في تخطيطها لعاصمة السودان. لا زلنا نرى ان وسائل الموصلات المتوفرة بالولاية حاليا كافية جدا لعلاج المشكلة ودون البحث عن اى إضافات جديدة لها, هذا بالطبع إذا أحسن استخدام ما توفر منها بالمستوى والكفاءة المطلوبة, ودون دفعها للتوقف بين حين وآخر بتلك المواقف لتقضى فيها من الوقت الذى ينتقص من ساعات عملها التي تفرض عليها ان تظل عاملة ومتحركة على امتدادها ودون اى توقف إلا في المحطات المحددة لها بالطرق التي ستسلكها. وهى ما تسمى بالخطوط الدائرية. فعندما تم افتتاح موقف شرونى رغم انف ساكني المنطقة المحيطة به, أعلن الوالي الخضر بأنه لن يكون موقفا بل محطة ربط سريع, يعنى ينزل المواطن من وسيلة نقل ليعتلى الأخرى مباشرة. ولذلك كان الموقف خاليا تماما من اى من احتياجات المواطنين كالمظلات التي تقيهم جحيم الصيف وأمطار الخريف وغير ذلك, وبعد ان اتضح ان قصة الربط السريع عملة غير مستخدمة بين مواطني السودان, بدأت محلية الخرطوم في تأهيل الموقف بتوفير ما يحتاجه المواطن خلال انتظاره بداخله, وبعد ان أكملت كل ذلك أعلنت بان الموقف سيكون فقط لبصات الولاية, فأصبحت أكثر من نصف مساحة الموقف بذلك القرار قاعا صفصفا,.وأصبحت الأموال التي صرفت علي تأهيله هدرا تحملت خسائره الولاية. وهكذا فان العشوائية في اتخاذ القرارات قد لعبت دورا رئيسا فيما تشكو منه الولاية من إفلاس ظل مصدر شكوى دائمة لواليها الجديد. على كل, هنالك قناعة بأنه ما من مشروع يتمخض عنه اى قدر من المشاكل التي على المواطن تحمل كل تبعاتها والمعاناة من كل ويلاتها, إلا وهنالك مواطن آخر أو مواطنون, يجنون كل ثمرات ذلك المشروع ويتمتعون بكل خيراته, وهو أو هم, أصحاب الفكرة ومن بعد الخبرة في (من أين تؤكل الكتوف). وحتى تجد الحرب على الفساد كل الأسلحة اللازمة لخوضها, والميادين المهيأة لفعل ذلك, ستظل مثل تلك المشروعات وبذات فشلها مستمرة. أخيرا إذا أراد السيد الوالي معالجة مشاكل رعاياه بالولاية عليه بفتح أبوابه لاستقبالهم, أما إذا أراد معالجة مشاكل مواصلات الولاية وبصورة جذرية, نقولها ونكررها للمرة الأخيرة, فعليه بالخطوط الدائرية فقط. كما وهنالك من المواطنين السودانيين الذين ابدوا استعدادهم للمساعدة والتعاون من اجل تطبيق ذلك الحل, ومنهم من جاء إلى السودان خصيصا لأجل عرض خدمته في ذلك الاتجاه, ولكن وكالعادة, لم يجد أي منهم حظه في الوصول إلى المسئولين فعادوا من حيث أتوا, وبقيت المشكلة تتصاعد إلى ان فجرتها إعادة هيكلتها اخيرا. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.