قسم خبراء التغذية مجموع الأغذية التي نتناولها إلى صنفين، صنف يسبب التوتر والأرق ويزيد خطر الإصابة بالأمراض، وصنف ثان لقبوه بالأطعمة السعيدة التي تبعث بمجرد تناولها شعورا بالراحة والاسترخاء والسعادة. وأما النوع الأول فيشمل الوجبات السريعة والأغذية المصنعة التي تغلب عليها المواد الكيميائية المخلة لتوازن الهرمونات، في حين تنتمي الخضراوات والفواكه والشكولاتة والعصائر الطبيعية إلى النوع الثاني المعزز للصحة النفسية والجسدية. العرب ريهام عاطف لا يقتصر دور النظام الغذائي على تغذية الجسم فحسب، بل له دور مهم وحيوي أيضا في التأثير على الحالة النفسية وتحسين الحالة المزاجية، هذا ما أثبتته كثير من الأبحاث والدراسات العلمية التي أكدت على أن هناك قائمة بالأطعمة التي تحارب الاكتئاب وتعمل على الحصول على مزاج معتدل، بل هناك من أطلق عليها اسم أطعمة السعادة. وقد أثبتت دراسة أسترالية أن للنظام الغذائي دورا مهما في تحسين الحالة المزاجية، حيث عاين الباحثون من جامعة جنوبأستراليا عادات الأكل عند مشاركين، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و65 عاما، كانوا يعانون من الاكتئاب ولهم نظام غذائي غير متوازن. وقدم الباحثون للمشاركين في هذه الدراسة أطباق أطعمة من حوض البحر الأبيض المتوسط غنية بالحمض الدهني أوميغا-3 وتحتوي على أسماك وخضروات وفواكه وزيت الزيتون ومكسرات، وأثبتوا بعد ذلك أن هناك صلة واضحة بين حمية البحر الأبيض المتوسط والحالة النفسية للمشاركين. وأكدوا أنه بعد تناول المشاركين لأغذية لها نسبة عالية من الحمض الدهني أوميغا-3 تحسنت نفسيتهم بشكل ملحوظ. وقالت ناتالي بارليتا، مديرة الأبحاث في جامعة جنوبأستراليا لصحيفة ديلي ميل الإلكترونية، إن اتباع نظام غذائي فقير يعزز تطور الاكتئاب. كما أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن هناك علاقة بين الأطعمة الجاهزة، مثل وجبات اللحوم الحمراء أو الحلويات، والالتهابات التي يصاب بها الجسم. فهذا النظام الغذائي يفتقر بالأساس إلى المواد الغذائية الأساسية ويضعف بالتالي وظائف الدماغ. ما يمكن أن يؤدي في الأخير إلى إصابة الشخص بالاكتئاب. من ناحية أخرى، توصلت دراسة بريطانية سابقة إلى إمكانية وجود صلة بين الإصابة بالاكتئاب وتناول الأغذية المصنعة، حيث أكدوا أن الأشخاص الذين يتناولون كمية أكبر من الخضروات والفواكه والسمك هم أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب. وقد قسمت الدراسة الأشخاص الذين شملهم البحث إلى فئتين: فئة يعتمد نظامها الغذائي على الخضروات والفواكه والأسماك، وأخرى تتناول الأغذية المصنعة والمحتوية على نسبة عالية من الدهون. وتبين من خلال هذه الدراسة أن نسبة الاكتئاب لدى الأشخاص الذين تناولوا كمية أكبر من الأغذية الطبيعية، أقل ب26 بالمئة من الأشخاص الذين تناولوا أغذية مصنعة مثل المرتديلا والهمبرغر والوجبات السريعة، وبالمقابل كانت نسبة الإصابة بالاكتئاب في أوساط الذين تناولوا كمية كبيرة من الأغذية المصنعة تزيد بمقدار 58 بالمئة عن نسبة إصابة أولئك الذين تناولوا كمية قليلة من تلك الأغذية. وأوضحت نتائج دراسة أخرى نشرت في مجلة غاما للطب الباطني، أن تناول أطعمة معينة يسهم في الشعور بالسعادة ومحاربة الحزن، حيث اكتشف الباحثون أن النساء اللاتي يتناولن كوبين إلى 3 أكواب من القهوة يوميا، هن أقل استعدادا للمعاناة من الاكتئاب بنسبة 15 بالمئة، كما أن تناول الفواكه والخضروات يعزز أيضا من الشعور بالسعادة ويحسن من الحالة المزاجية بشكل كبير. وأكد باحثون أن الشيكولاتة الداكنة تشتهر بقدرتها على رسم الابتسامة على الوجه، حيث تقلل من مستويات التوتر وتخفض الشعور بالإرهاق والحزن، كما أن تناول خمسة أكواب من الشاي الأخضر يوميا يقلل من التوتر ويساعد على الشعور بالسعادة. ويؤكد أخصائي التغذية والسمنة والنحافة، د. بهاء ناجي، أن للطعام دورا مهما في التأثير على الحالة المزاجية للشخص، فهناك أطعمة تسهم بشكل مباشر في التقليل من الشعور بالقلق والاكتئاب وتمنح شعور بالسعادة، وهناك أطعمة أخرى على العكس تزيد من الشعور بالتوتر وربما قد تتسبب في الشعور بالاكتئاب، وهي ما يجب العمل على التقليل منها. ويوضح ناجي أن من الأطعمة التي تزيد من الشعور بالتوتر وربما قد تصيب بالاكتئاب، الوجبات السريعة والتي تأتي على رأس قائمة هذه الأطعمة على الرغم من أنها تعد من الخيارات السهلة والسريعة بالنسبة للكثيرين، حيث يلجأ إليها الكثيرون اعتقادا منهم أنها تحسن حالتهم المزاجية ولكنها في الحقيقية تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة وهو ما يحفز الجسم بشعور بالضيق والقلق والتوتر، إضافة إلى أنها تعمل على زيادة الوزن وتراكم الدهون في الجسم. ويستطرد "أيضا المشروبات المنبهة وتلك التي تحتوي على نسب عالية من الكافيين، على الرغم من أن الكثيرين يلجأون إليها وقت شعورهم بالتوتر معتقدين أنها تساعد في التخفيف من الشعور ولكنها لا تعطي إلا شعورا وهميا. فالكافيين من شأنه أن يمنع الجسم من امتصاص العديد من العناصر الغذائية ويرفع هرمون الكورتيزول وبالتالي يسبب سوء المزاج والاكتئاب". ويتابع ناجي: كذلك زيادة مستويات السكر في الدم من خلال تناول الحلوى والبسكويت والكيك من شأنه أن يعطي شعورا مؤقتا بالراحة لكن سرعان ما ينخفض بعد فترة قصيرة ثم يعطي شعورا بالجوع والتوتر والقلق. كما أنه لابد من تجنب تناول البروتين الحيواني والمقليات والأطعمة المشبعة بالدهون ليلا والتي تعمل على إصابة المعدة باضطرابات تنعكس بشكل مباشر على الحالة المزاجية وتسبب الشعور بالتوتر في الصباح.