في خطوة مفاجئة أفتى الشيخ عبدالحي يوسف بعدم جواز التحلل الذي نص عليه قانون الثراء الحرام والمشبوه، واعتبره مدعاةً لسرقة المال العام واستنكر الصمت الرسمي على ما يرد في الصحف ووسائط التواصل الاجتماعي بشأن الاعتداء على الأموال العامة، ثم لا يجد الناس أي خبرٍ يفيد بمحاكمة الجناة. وقال الشيخ عبدالحي وهو خطيب مجمع خاتم المرسلين بالخرطوم في خطبة الجمعة، "إن ما يشاع عن فقه التحلل إنما هو في حق من تاب من قبل أن يعرف ويقبض عليه فيرد المال من غير أن يفضح نفسه". وتابع "أما من ثبتت عليه الجريمة فلا يوجد في حقه تحلل، والتحلل في حقه إنما هو إعانة لغيره على السرقة فإن كشف تحلل وإن لم يعرف تمتع بماله وهو ما لا يقول به أحد من أهل العلم". وقطع عبدالحي بأن التحلل لا أصل له في الدين، وزاد "تجد أحدهم يأكل المال العام ثم يحج ويتصدق ويتكبر عن النصيحة ويعتقد أنه يعمل صالحاً.. والله لن يقبل منه"، قائلاً "من يأكل المال العام من أجل أن يبني عمارة ويركب سيارة ويأكل أطيب الطعام فهو يسمن بدنه للنار". وأضاف "أنسان سرق وأكل المال العام وثبتت عليه البينة وأخذ بجرمة كيف نقول له تحلل من هذا المال لا لك وﻻ عليك.. كأننا نقول للناس اسرقوا واختلسوا فإن لم يعلم بكم أحد فهو حلالٌ لكم وأن علم بكم وانكشفتم ردوا ما أخذتم وأنتم أحرار في أمن وأمان حتى تتحينوا فرصة أخرى للسرقة". جرى ترويج واسع منذ يوم الخميس لخطبة الجمعة الماضية التي سيتحدث فيها الشيخ عبدالحي يوسف، أحد أبزر رجال الدين السلفيين بالسودان، عن الفساد والاعتداء على المال العام والذي وأوضح أن الله قسم لكل إنسان رزقه، وشرع في تبيان المال الحرام، وأحصى منه السرقة من الناس واغتصاب أموالهم والتعدي على حقوقهم، واستغلال بعض الناس القضاء ﻷكل أموال الناس بالباطل مستفيدين من ضعف حجتهم أو القوانين ووجوهها.. وأشار إلى أن التعدي على المال العام الذي هو ملك لعامة الناس، ورد فيه وعيد شديد في القرآن الكريم، مستدلاً بالآية الكريمة: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة". وبذات وقع المفاجأة تفاجأ الناشطون والمراقبون باعتلاء والي شمال دارفور السابق محمد عثمان كبر منبر مسجد الشهيد بعد أن غاب عن الأضواء منذ عدم تعيينه في الحكومة الأخيرة والياً، وسخر رواد الأسافير من خطبة كبر التي حضت المسلمين على التمسك بالقرآن، ومن التعليقات الساخرة أن كبر أكثر من الاستشهاد بالشاعر الفرذدق أكثر من الآيات القرآنية نفسها وأن الخطبة كانت مرتجلة واستعان بقصصات ورق صغيرة، وهناك من كان أكثر غلظة على كبر واعتبر أن أداءه الصلاة إماماً ربما يشير إلى قرب الساعة بيد أن الرجل كان قد صلى إماماً بذات المسجد عندما كان والياً. وتبقى المفارقة واضحة بين خطبة عبدالحي التي وجدت رواجاً واسعاً وبين خطبة كبر التي وجدت استهجاناً من البعض وقبول من الآخر، ولكن السؤال لماذا صمت عبدالحي عن التحلل وأفتى بحرمته الآن؟ ولماذا يريد كبر أن يصبح إماماً الآن؟ مجرد سؤال. الجريدة