عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    اهلي جدة الاهلي السعودي الأهلي    أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوية .. الجدل .. الصراع والإنتماء


مدخل :
ثمة جدل صاخب آخذ في التصاعد بشأن – الهوية - وتجلياتها، ورهاناتها منذ سنوات في كل مكان فى السودان قديما وحديثا ، بما جعلها تبدو كأحد الأسئلة الحيوية في الدراسات الإنسانية والاجتماعية والثقافية الراهنة لدى المهتمين والسياسيين وبعض القوى التى إستثمرت فى كل شئ حتى أصبح أمر الهوية شئ تعوزه القيمة الإنسانية والإجتماعية ، ورغم ازدهار خطاب الهوية في مختلف الدوائر الثقافية ، والإعلامية ، والأكاديمية وفى دوائر الطلاب منذ سنوات ، لا سيما بعد إستعار الصراعات المسلحة فى مناطق التماس كأنها الأمر الحاسم فى مسألة الصراعات والإحترابات القبلية , إلا أن مفهوم الهوية مازال محاطاً بظلال كثيفة ، وسوء فهم بالغ ، وذلك بسبب الخلط المضطرب بين الأبعاد ، والمستويات ، والعناصر، والعلاقات ، والأنماط ، والصور المتعددة المتنوعة للهوية ، وتمثيلاتها ، وتأويلات معانيها ودلالاتها المختلفة ، فهي مفهوم شديد التعقيد بما ينطوي عليه من عناصر، وأنساق، وأبعاد متشابكة، ودلالات متعددة، وقد عبَّر كثير من العلماء والدارسين عن ذلك بطرق ، وصيغ عديدة ، فهذا جان فرانسوا بيار، يرى في كتابه «أوهام الهوية» أنه: «ليس هناك من داعٍ من دواعي القلق المعاصر إلا وتثيره قضية أوهام الهوية ». ويذهب أمين معلوف في كتابه «الهويات القاتلة» إلى أن «التصدي لمفهوم الهوية ، يتطلب كفاءة عالية ، وجسارة فائقة ، وحذراً شديدا ً، لما ينطوي عليه من طبيعة زائقة وخادعة ، إذ إنه يشبه الأصدقاء المزيفين ، الذين يبدون في ظاهر الأمر أكثر شفافية ، وبساطة ، بينما هم في الواقع أكثر مكراً وخيانة . ويذهب المؤرخ ألفرد كروسر إلى أن مسألة الهوية تداولتها الدراسات والنقاشات فيما يشبه والتضخيم ، إلى أن صار شعاراً طوطميا . ً
فما هي الهوية ، ولماذا لاقت فى الآونة الأخيرة كل هذا الإهتمام ؟ ولماذا أفرد لها مؤتمر الحوار الوطنى التى تجرى فعالياته حاليا باليلاد محورا قائما لذاته ؟ ومالفرق بين الهوية التعريفية والهوية العامة " الوطنية " والهوية الثقافية والهوية السياسية والهوية الإقتصادية ؟
تمثل الأسئلة المطروحة عاليةإشكالية الورقة والتى ستعمل على إيجاد فك لطلاسمها ليقترب معنى الهوية الحقيقية من أذهان الناس .. تقوم هذه الدراسة على المحاور الأساسية التالية والتى تشكل العمود الفقرى لمناقشاتها :
المحور الأول :
" 1 " معنى الهوية لغويا
" 2 " معنى الهوية إصطلاحا وقانونا
" 3 " الهوية التعريفية
" 4 " الهوية العامة
المحور الثانى :
الفلسفات التى تناولت مسالة الهوية :
- الفلسفات الغربية :
أ – فلسفة العقل
ب – الهوية الذهنية
- السلوكية
- الفلسفات العربية
- أين تتموقع الهوية السودانية من هذه الفلسفات
المحور الثالث :
" 1 " إرتباط الهوية بالفلسفة العقلية :
مدخل فلسفى :
جدل الهوية :
هناك فارق كبير بين جدل الهوية وصراعها، فالجدل يعني وجود اختلافات وخصوصيات وتمايزات، يمكن أن تتعايش وتتفاعل مع تأكيد احترامها لبعضها البعض وفي إطار المشترك الإنساني، الذي يمكن أن يشكل الهوية الجامعة، مع احترام الهويات الفرعية والخاصة، وتأكيد كيانيتها في إطار الهوية العامة، لا باعتبارها فوقها أو متسيّدة عليها، كما ليس بمقدور الهوية العامة أن تحتوي الهوية الخاصة أو الفرعية، لكونها تمثل إطاراً أكبر أو أعلى على النطاق الوطني، ليس في السودان وحده بل ربما في عموم دول المنطقة، فهناك نقص فادح في ثقافة المواطنة وعلاقته بالهوية والدولة.
بعض الشوفينيين والمتشبثين بالأغلبيات يستنكرون على أصحاب الهويات الفرعية والخاصة التمسك بهوياتهم، بل إنهم يعتبرون أي هوية خارج الهوية العامة انفصالية أو إضعافاً للهوية الوطنية الجامعة ، أو تفكيكاً لصورة الدولة الموحدة ، ومن جهة أخرى يبالغ بعض أصحاب الهويات الخاصة الفرعية لإعلاء هويتهم فوق الهوية العامة والمشترك الإنساني ، الأمر الذي يؤدي إلى الانعزالية وضيق الأفق ، سواء كان قومياً أو دينياً أو مذهبياً أحياناً، وبالمقابل فإن من يريد تذويب الهويات الفرعية ، يقود إلى الاستعلائية والشوفينية والتمييزية .
إن ضعف ثقافة المواطنة لاسيما من الناحية القانونية وعدم وجود قوانين ناظمة ترسم العلاقة الصحيحة بين الهوية العامة والهويات الفرعية، ناهيكم عن الممارسة التمييزية ، أدى إلى حدوث اختلالات وتجاوزات على حقوق الإنسان ، وهو الذي طبع مسيرة الدولة السودانية منذ تأسيسها وبخاصة في ظل التى تعاقبت على خكم السودان والتى كانت تصور مسألة الهوية السودانية وفق ما يمليه عليها خطاب السياسى والذى كان يمألى الطائفية تارة والقبلية تارت أخر والجهوية فى مرات عديدة مما أدى إلى تذبذب مفهوم الهوية لدى كثير من المجتمعات فى السودان التى شهدت احتدامات كثيرة جراءها ، لاسيما خلال الحرب بين الشمال والجنوب التى إنطلقت منذ مطالع الخمسينات وما ترتب على ذلك من تداعيات فوضوية بعدها مما أثر كثيرا فى التخطيط الإستراتيجى لإنتاج هوية جامعة يوسم بها كل سودانى . كما أن الإجراءات التى القسرية والقمعية التى صاحبت بقاء تلك الأنظمة فى تأليب قبيلة على حساب أخرى وتهيئة مجنمعات ورفعها من الحضيض دون رؤية شمولية للمكونات الأخرى أدى أيضا إلى هز مفهوم المواطنة وبالتالى أخر مسألة الهوية السودانية الجامعة , خصوصا تلك الإجراءات التى كانت تصب وبشكل مباشر فى نسف الأساس الذى تقوم عليه الهوية السودانية الجامعة منها ً نزع جنسيات عشرات الآلاف من المواطنين السودانيين ، والإجرارت التى عملت على تفريغ العاصمة من الوافدين إلى العاصمة بينما كان البوجود الإقليمى يحتل المساحة الكبرى من هموم العاصمة وهو الأمر الذي تكرس وإستقر على نحو شديد فى ذهنيات الكثرين الذى قصدوا العاصمة بليل إنتقاما وتشفيا .
وحسب التقسيمات الأنثربولوجية والإحصاءات السكانبة التى تمت فى السودان تشير إلى أنه لا توجد أغلبية من ناحية تعداد لقبيلة على الأخرى بل هناك ما يشبه التوازن العددى بين مكونات السودان القبلية وإنما تمركز مناطق الزراعة والإنتاج خلق نوع من التكدس السكانى الذى تصاهر وتمازج هناك معطيا بعدا إجتماعيا جديدا لتلك المناطق المختلفة فى السودان ، والجميع على هذا يخضعون إلى قانون الأقليات .
ولعل مشكلة من هذا النوع جعلت الأمر أقرب إلى الصراع في إطار دستور 2005 الإنتقلى الحالي، لاسيما عندما منح صلاحيات أكبر للأقاليم على حساب الدولة الاتحادية فى غياب تام لهوية جمعية سودانية غير تلك التى تسند النظام القائم الأمر الذى عطل أيضا بروز ملامح كاملة لهوية سودانية جامعة . ولعل هذه تجربة غير مسبوقة للحكم اللامركزى الذى إختارته حكومة الإنقاذ كإطار للحكم فى السودان , ورغم ثناءنا للحكم اللامركزى فى البلاد إلا أننا رفضنا إلباس القبلية والجهوية والطائفية التقليدية ثوب الحداثة وإبرازها كأنها تحترم الديمقراطية ودعاتها وتحترم حقوق الإنسان التى تنتجها الهوية الجمعية التى تسم البلاد بثوب دولة المواطنيين والقانون .
المحور الأول :
" 1 " معنى الهوية لغويا
" 2 " معنى الهوية إصطلاحا وقانونا
" 3 " الهوية التعريفية
" 4 " الهوية العامة
المحور الأول :
مطلب رقم " 1 "
" 1 " معنى الهوية لغويا :
لقد جاء في المعجم العربي الحديث "لاروس".. "الهوية = البئر البعيدة القعر، ج: هوايا "العوامل التي تثبت أن شخصا مسمى هو عينه"... وبما أن الاستدلال في المنطق الصوري الأرسطي، بنى على وجود الأشياء أو الموجودات.. القائمة بذاتها أو في ذاتها، والبرهنة عليها.. يتم بواسطة الاعتماد على "مبدأ الهوية أو الذاتية ، الذي يعني أن الشيء .. "هو هو". وكذلك على المبادئ الأخرى المعروفة في المنطق الصوري.. مثل: "مبدأ عدم التناقض، ومبدأ المنتصف المستثنى ، ومبدأ السببية.. إلخ". ويكفينى هذا التعريف الذى يوضح مدى تشعب وتعقد مسألة الهوية , وعلينا إذ أردنا أن نكتب لشعب ما هوية تناسبه فى كل حركاته وسكناته علينا إنتشال ذلك من قاع بئرمعقدة التضاريس من الجزور الثابتة فيه مع دفع التفاعل مع متحركات الهوية العامة . كما جاء مصطلح الهوية في اللغة العربية من كلمة : هو .
على هذا فالهوية هي مجمل السمات التي تميز شيئا عن غيره أو شخصا عن غيره أو مجموعة عن غيرها. كل منها يحمل عدة عناصر في هويته. عناصر الهوية هي شيء متحرك ديناميكي يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى .
" 2 " معنى الهوية إصطلاحا وقانونا :
الهوية هو مصطلح يستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيرا عن فرديته وعلاقته مع الجماعات (كالهوية الوطنية أو الهوية الثقافية). يستخدم المصطلح خصوصا في علم الاجتماع وعلم النفس، وتلتفت إليه الأنظار بشكل كبير في علم النفس الاجتماعي .
" 3 " الهوية التعريفية : " الشخصية "
الهوية الشخصية تعرف شخصا ما بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده واضيف إليها مؤخرا فصيلة الدم والسكن والقبيلة إلخ .
" 4 " الهوية العامة : " الوطنية "
. الهوية الجمعية (وطنية أو قومية) تدل على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر، تميزهم عن مجموعات أخرى . أفراد المجموعة يتشابهون بالميزات الأساسية التي كونتهم كمجموعة ، وربما يختلفون في عناصر أخرى لكنها لا تؤثر على كونهم مجموعة. فما يجمع الشعب الهندي مثلا هو وجودهم في وطن واحد ولهم تاريخ طويل مشترك، وفي العصر الحديث لهم أيضا دولة واحدة ومواطنة واحدة، كل هذا يجعل منهم شعبا هنديا متمايزا رغم أنهم يختلفون فيما بينهم في الأديان واللغات وأمور أخرى .
مؤثرات الهوية الجمعية " الوطنية " :
العناصر التي يمكنها بلورة هوية جمعية هي كثيرة، أهمها :
اشتراك الشعب أو المجموعة في :
الأرض، اللغة ، التاريخ ، الحضارة ، الثقافة ، الطموح وغيرها .
عدد من الهويات القومية أو الوطنية تطور بشكل طبيعي عبر التاريخ وعدد منها نشأ بسبب أحداث أو صراعات أو تغيرات تاريخية سرعت في تبلور المجموعة. قسم من الهويات تبلور على أساس النقيض لهوية أخرى. هناك تيارات عصرية تنادي بنظرة حداثية إلى الهوية وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو الهوية القومية .
المحور الثانى :
الفلسفات التى تناولت مسالة الهوية :
مطلب رقم " 2 "
- الفلسفات الغربية :
" أ " فلسفة العقل
" ب " نظرية الهوية
" ج " السلوكية
- الفلسفات العربية
- أين تتموقع الهوية السودانية من هذه الفلسفات
- الفلسفات الغربية :
فلسفة العقل :
فلسفة العقل (أو فلسفة الذهن) هي أحد فروع الفلسفة التي تهتم بدراسة طبيعة العقل، والأحداث الذهنية، والوظائف الذهنية، والخصائص الذهنية بالإضافة إلى الوعي وعلاقتهم بالحالة الجسدية وخاصة الدماغ. تعد مسألة العقل - الجسد، والتي تتناول دراسة العلاقة بين العقل والحالة الجسدية، إحدى القضايا الأساسية المتناولة في فلسفة العقل، على الرغم من وجود قضايا أخرى تهتم بطبيعة العقل مجردة من أي علاقة بالجسم، مثل الإجابة عن كيفية الإدراك وطبيعة الحالات العقلية الخاصة.
تمثّل الأحادية والمثنوية المدرستان الفكريتان الأساسيتان اللتان حاولتا حل مسألة (معضلة) العقل- الجسد. تعود الأصول الفكرية لمدرسة المثنوية إلى أفلاطون،ومدارس السامخيا واليوغا في الفلسفة الهندوسية ؛ إلا أن الشكل النهائي للمسألة صيغ بشكل دقيق من قبل رينيه ديكارت في القرن السابع عشر. ناقشت المثنوية الجوهرية (ثنائية المواد) أن العقل هو جوهر متواجد بشكل مستقل، بينما حافظت مثنوية الخصائص على أن العقل هو مجموعة من الخصائص المستقلة المنبثقة عن الدماغ والتي لا يمكن حصرها به ، مؤكدة بأن العقل ليس جوهر منفصل بالمقابل، فإن الأحادية تتبنى الرأي الذي يقول بأن العقل والجسد ليسا كيانين وجوديين منفصلين، إنما هما جوهر واحد. لقى هذا الرأي تأييداً لأول مرة في الفلسفة الغربية من قبل بارمنيدس في القرن الخامس قبل الميلاد، ثم تبني العقلاني باروخ سبينوزا هذا الرأي في القرن السابع عشر.
يستدل أتباع المدرسة الفيزيائية بأن الكيانات المفترضة في النظرية الفيزيائية هي الموجودة فقط ، وأن العمليات العقلية ستفسر بالنهاية في ضوء هذه الكيانات وذلك مع استمرار تطور النظرية الفيزيائية ، وذلك بشكل يختزل الخصائص العقلية إلى خصائص فيزيائية ، (وذلك بشكل متوافق مع مثنوية الخصائص) ، وأن الحالة الوجودية للخصائص العقلية لا تزال غير واضحة يذهب الأحاديون المحايدون مثل إرنست ماخ ووليام جيمس إلى أن الأحداث في العالم يمكن تفسيرها إما عقلياً (نفسياً) أو فيزيائياً اعتماداً على شبكة الأحداث التي يتم بها استقبالها، أما الأحاديون ثنائيو الجانب من أمثال سبينوزا فيؤمنون بالرأي القائل بأن هناك مادة محايدة، وأن العقل والجسد هما إحدى خواص هذه المادة المحايدة. إن أشهر الأحاديات في القرن العشرين والحادي والعشرين هي كلها أشكال للمدرسة الفيزيائية وتتضمن السلوكيات والفيزيائية النموذجية والأحادية الشاذة والوظائفية.
يتبنى معظم فلاسفة العقل الحداثيون الرأي الفيزيائي سواءً بشكل اختزالي أو لااختزالي، محافظين بطرقهم المختلفة بأن العقل ليس شيئاً منفصلاً عن الجسد هذه المناهج أثرت بشكل خاص على العلوم، وخصوصاً في علم الأحياء الاجتماعي، وعلم الحاسوب، وعلم النفس التطوري، بالإضافة إلى مختلف مجالات العلوم العصبية. تؤكد الفيزيائية الاختزالية أن الحالات والخصائص العقلية يمكن تفسيرها دائماً عن تقديرات علمية للحالات والعمليات الفيزيولوجية. أما الفيزيائية اللااختزالية فهي تناقش أنه على الرغم من أن العقل ليس جوهراً منفصلاً، إلا أن الخصائص العقلية تابعة للخصائص الفيزيائية، أو أن الإسنادات والألفاظ المستخدمة في التفسيرات والأوصاف العقلية تكون متلازمة، ولا يمكن اختزالها في اللغة والتفسيرات الدنيا لتفسير العلوم الفيزئيائية. ساعد تطور العلوم العصبية المستمر على توضيح بعض هذه المشاكل، إلا أنه على الرغم من ذلك تظل تلك المشكلات بعيدة عن الحلول. بالتالي لا تزال قضية فلسفة العقل إحدى القضايا التي يستمر فلاسفة العقل الحداثيون في إلقاء الأسئلة من أجل تفسير كل من الإمكانيات الذاتية والخصائص والحالات العقلية القصدية وذلك بمصطلحات المذهب الطبيعي.
محتويات :
1 مسألة العقل - الجسد
نظرية الهوية :
تطورت بواسطة نظرية هوية العقل أو الفيزيائية النوعية، أو نظرية الهوية النوعية جون سمارت ويولين بليس كرد فعل مباشر لفشل السلوكية. جادل هذان الفيلسوفان أنه إذا كانت الحالات العقلية مادية وليست سلوكية، فمن المحتمل أن تكون الحالات العقلية مطابقة للحالات الداخلية للدماغ. بعبارات أبسط: الحالة العقلية (ع) ليست سوى الحالة حالة (د) للدماغ. الحالة العقلية التي مفادها "هناك رغبة في فنجان قهوة" ليست سوى شارات من خلايا عصبية من مناطق معينة في الدماغ
نظرية الهوية التقليدية مقابل الأحدية الشاذة. بالنسبة لنظرية الهوية، فكل تجسيد رمزي لنوع عقلي واحد , يوافق رمز فيزيائي لنوع فيزيائي واحد. أما بالنسبة للأحادية الشاذة، فإن توافقات رمز- رمز يمكن أن يقع خارج توافقات نوع- نوع. والنتيجة هي هوية رمزية.
بالرغم من المعقولية المبدئية لنظرية الهوية إلا أنها تواجه تحدياً قوياً متمثلاً في أطروحة التحقيقية المتعددة التي شكلها أولاً الفيلسوف هيلاري بوتنام. إذ من الواضح أن ليس فقط البشر هم من يستطيعون تجربة الألم، بل عدة أنواع من الحيوانات تستطيع ذلك أيضاً. ومع ذلك يبدو أنه من غير المحتمل أن كل هذه المخلوقات المتنوعة التي تمر بنفس تجربة الألم تكون في حالة دماغية متطابقة. حتى لو كانت هذه هي الحالة، فإن الألم لا يمكن أن يكون مطابقاً لحالة معينة للدماغ. ولذلك فإن نظرية هوية العقل لا أساس لها تجريبياً.
على الجانب الأخر، حتى مع موافقة ما ذكر أعلاه، فإن ذلك لا يوجب تجاهل جميع أنواع نظريات الهوية. وفقاً لنظريات الهوية الرمزية، فإن حقيقة حالة معينة للدماغ والتي تكون متصلة بحالة عقلية واحدة فقط لشخص ما لا يعني بالضرورة أن هناك ارتباط مطلق بين أنواع الحالات العقلية وأنواع حالات الدماغ. التمييز بين النوع والرمز يمكن توضيحه بمثال بسيط: كلمة green تحتوي على أربع أنواع من الحروف g, r, e, n ورمزين (حدثين) للحرف e بمقابل واحد من كل من الأحرف الأخرى. إن فكرة هوية الرمز هي أن هناك أحداث معينة من حوادث عقلية تكون متطابقة مع أحداث أو ترميزات معينة لحوادث فيزيائية محسوسة. تعتبر نظرية الأحادية الشاذة ومعظم غيرها من النظريات الفيزيائية غير الاختزالية هي نظريات هوية رمزية. على الرغم من تلك المسائل، فإن هناك اهتمام متجدد بنظرية الهوية النوعية اليوم، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تأثير الفيلسوف جايغون كيم. الوظائفية
صيغت وجهة النظر القائمة على الوظائفية من قبل هيلاري بوتنام وجيري فودور، وذلك كرد فعل للقصور الذي أبدته نظرية هوية العقل (الفيزيائية النموذجية). ، والتي رأى فيها كل من بوتنام وفودور أن الحالات العقلية (الذهنية) من منظور تجريبي على شكل نظرية حاسوبية للعقل. وفي نفس الوقت تقريباً أو بعده بقليل، قدم كل من ديفيد أرمسترونغ وديفيد لويس صياغة أخرى من الوظائفية، والتي حللت المفاهيم العقلية في علم النفس الشعبي في إطار أدوراها الوظيفية. بالإضافة إلى ذلك، فإن فكرة فيتغنشتاين عن المعنى كاستخدام أدت إلى ظهور نسخة من الوظائفية على شكل نظرية للمعنى، والتي طوّرت لاحقاً من قبل ولفريد سيلارز وجيلبرت هارمان؛ كما ظهرت نسخة من الوظائفية على شكل وظائفية نفسانية من قبل فلاسفة المذهب الطبيعي.
أمّا ما تتشارك به هذه الأشكال المختلفة من الوظائفية فهو الأطروحة التي تقول أنه يمكن تمييز الحالات العقلية من خلال العلاقات السببية مع حالات عقلية أخرى ومع مدخلات حسية ومخرجات سلوكية. بمعنى أن الوظائفية تبتعد عن الدخول في تفاصيل الإجراء الفيزيائي للحالة العقلية وذلك بوصفها من منظور الخصائص الوظيفية اللاعقلية. على سبيل المثال، يمكن أن تميز الكلية علمياً بوظيفتها في تصفية الدم والمحافظة على توازنات كيميائية محددة داخل الجسم. تبعاً لوجهة النظر تلك، فإنه لايهم إذا كانت الكلية مصنوعة من أنسجة عضوية أو أنابيب نانوية بلاستيكية أو رقائق سيليكون؛ إنما المهم هو الدور الذي تقوم به وعلاقة ذلك العضو بالأعضاء الأخرى، وهو الذي يعرّفها على أنها كلية – المصدر : الويكبيديا الموسوعة العلمية
الأُُحادية الفيزيائية
السلوكيّة :
سيطرت السلوكية على فلسفة العقل على أغلب فترات القرن العشرين، وخاصة في النصف الأول منه. تطورت النظرية السلوكية في علم النفس كرد فعل على القصور في نظرية الاستبطان إذ أن تقارير الاستقراء على الحياة الخاصة داخل عقل إنسان ما لا تخضع لدراسة متأنية للتأكد من دقتها ولا يمكن استخدامها لتكوين التعميمات التنبؤية، ولهذا يحتج السلوكيّون بأنه دون القدرة على التعميم و دون إمكانية الفحص من قبل طرف ثالث خارجي فلا يمكن أن يكون علم النفس قائماً على أساسٍ علميّ. المخرج من هذه الجدلية كان بالقضاء تماماً على فكرة الحياة العقلية الداخلية (وبالتالي: العقل المستقل وجودياً) والتركيز بدلاً من ذلك على السلوك الذي يمكن وصفه.
بالتوازي مع هذه التطورات في علم النفس، ظهرت المدرسة السلوكية الفلسفية (التي تسمى أحيانا المدرسة السلوكية المنطقية). تتميز هذه المدرسة بدرجة عالية من التَّحقُّقِيّة، والتي تعتبر بشكل عام بيانات الحياة العقلية الداخلية التي لا يمكن التحقق منها أنها بلا معنى. فبالنسبة للسلوكيين تكون الحالات الذهنية ليست حالات داخلية يمكن لشخص ما أن يُعد تقارير استبطانية عنها، بل هي مجرد أوصاف للتصرفات (السلوك) أو قواعد للتصرف بطرق معينة والتي وضعها طرف ثالث خارجي لشرح و للتنبؤ بسلوك الآخرين.
في النصف الأخير من القرن العشرين انهارت السلوكية الفلسفية بالتزامن مع صعود المدرسة المعرفية حيث رفض المعرفيّون المدرسة السلوكية بسبب العديد من المشاكل المتصورة. على سبيل المثال، يمكن أن يقال إن المدرسة السلوكية غير بديهية عندما ترى أن هناك من يتحدث عن السلوك في حال كان الشخص يعاني من صداع مؤلم .
فى المبحث القادم : كيفية الإستفادة من الفلسفة العقلية لتوائم الحالة السلوكية والجسدية فى بناء هوية ذهنية مشتركة للشعب السودانى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.