هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الانهيار المتواصل لقيمة الجنيه ..البنك المركزي : سنحاكم تجار العملة والمهربين بالخيانة العظمى
نشر في الراكوبة يوم 30 - 11 - 2015

سؤالنا الأول جاء متعلقاً بقطاع التصدير ووضع الصادرات السودانية حالياً، بحسبان أن البنك المركزي هو الجهة التي تستقبل عوائد تلك الصادرات.. وفي خاتمة الجلسة دفعنا على طاولته باتهام يلاحق بنك السودان على الدوام؛ بأنه منقاد وتابع للمالية.. بين قوسي السؤالين شعرنا بأن الوقت مضى بسرعة، وعلى الرغم من زهاء ساعة ونصف أنفقها السيد عبد الرحمن حسن للإجابة بكل طيب خاطر على تساؤلات "اليوم التالي" والشارع العام، إلا أنه من الواضح أن الكثير من الاستفهامات الأخرى ما زالت بنهاية الحوار تعتمل في الأفق، فيما تعج حقيبة الأسئلة بالكثير الكثير الذي تنتظر الإجابة من مسؤول المركزي الأول، وخازن أموال البلاد، محافظ بنك السودان.
على كل، لا يمنعنا التقديم عاليه من القول إن محاورنا قد وضع النقاط على الحروف في ما يلي الكثير من الهموم العالقة، فقد طوفنا معه خلال اللقاء في فرندات العربي وسط تجار العملة ثم وجهنا أبصاره تلقاء (الخلا) حيث الذهب؛ إنتاجاً وتهريباً.. لم نغادر الكثير من التفاصيل التي تقض مضجع المواطنين عندما يتعلق الأمر بهموم الخبز الذي يحيا به الإنسان، فكانت تساؤلاتنا حول الدقيق والمطاحن التي قطع فيها بالقول إنهم لا يحاربون أسامة داود، بل بالعكس؛ يمنحون مطاحن "سيقا" تمييزاً بسبب حجم إنتاجها. خلال المقابلة يشير عبد الرحمن إلى أن سياسة استيراد الدقيق أكدت أن حجم الاستهلاك لا يتجاوز مليوناً وثمانمائة ألف طن وليس ثلاثة ملايين.
مسألة عائدات الصادر كان لنا معها وقفات ووقفات، مثلما أن العديد من الأزمات أيضاً كان لها من المقابلة نصيب؛ يلقي محدثي باللائمة في مسألة البنزين على الإصرار على تخزين السلعة في بورتسودان، بينما تحدث عن فئات تضارب في الغاز وتتعمد إخفاءه من الأسواق لرفع أسعاره. لن نطيل عليكم ونسهب في التقديم، فإلى إفادات محافظ المركزي، عبد الرحمن حسن.
* سؤالنا الأول يتعلق بقطاع التصدير، ما هو وضع الصادرات السودانية حالياً باعتباركم الجهة التي تستقبل عوائد تلك الصادرات؟
- قيمة صادرتنا في حدود أربعة مليارات ونصف المليار دولار سنويا، والرقم لا يرضينا ونعمل على زيادته لتقليص الفجوة مع حجم الواردات، لدينا مشاكل تتعلق بمدى التزام بعض المصدرين بتوريد عوائد الصادر، مثلاً، هناك مصدرون للماشية لا يلتزمون بتوريد عوائد التصدير بعد استلامها، لذلك قررنا مراجعة قوائم المصدرين لإلزام هؤلاء بالعمل وفقاً للضوابط، المصدرون الحقيقيون لو أنذرت أحدهم بالحظر يفقد القدرة على النوم، هؤلاء لا يتلاعبون أما من أعنيهم فقد أهدروا علينا 85 مليون دولار من عوائد التصدير..
هناك أنشطة غير مهمة يتم تمكين الأجانب في العمل بها كمستثمرين، مثل مصانع (البلوكات).. الأسمنت المستخدم فيها سوداني، والقالب الذي يتم تصنيع البلوك به يصنع في المنطقة الصناعية، ومع ذلك يأتي المستثمر ويطلب السماح له بتحويل دولاراته إلى الخارج، ما القيمة المضافة التي يمكن أن تدرها مثل تلك الاستثمارات على الاقتصاد؟ مثل تلك الاستثمارات ينبغي أن تخصص للمعاشيين والمعاقين وليس للأجانب.
من عنيتهم بالحديث عن عدم الالتزام بتوريد عوائد الصادر فقدوا ثقة المستورد الأجنبي لذلك اشترطنا الدفع المقدم لصادر المواشي، والحديث نفسه كان يتم في تصدير الذرة عبر الدفع المقدم إلى أريتريا.. عوائدها لا تأتينا.. لذلك اضطر البنك المركزي إلى حظر أولئك المصدرين، وتحويلهم إلى الأمن الاقتصادي.
هناك إشكالية أخرى تتعلق بالتهريب، فهناك تهريب كان يتم عبر المعابر إلى مصر وغيرها، وأنا أخشى أن يأتي علينا يوم نتحدث فيه عن الاقتصاد السوداني قبل افتتاح المعابر، وبعد افتتاحها، لأنها استخدمت في التهريب بكثافة، خاصة في الأيام التي تلت افتتاحها، حيث كانت تورد إلينا بضائع هامشية، وتؤخذ منا بضائع استراتيجية مهمة مثل السمسم وحتى الذهب، الذي كان يهرب داخل شحنات موز.
* ماذا فعلتم للقضاء على التهريب؟
- معظم المنتجات السودانية المهمة يتم تهريبها، وإذا أردنا لاقتصادنا أن يتعافى فعلينا محاربة التهريب بصرامة، وقد وضعنا شروطاً مهمة لتصدير المواشي والسمسم واللحوم والجلود والكركدي، باعتمادات مستندية، فساهمت تلك الإجراءات في تقليص التهريب.
* سعر صرف الدولار وصل أحد عشر جنيهاً والبنك المركزي بلا حول ولا قوة، يتفرج على الأمر وكأنه لا يعينه؟
- نحن منزعجون للتصاعد المتوالي في أسعار الدولار، ولدينا إجراءات مهمة وصارمة للحد منه، أولها ضمان عدم مشاركة المصارف في تغذية تجارة العملة، لذلك سهلنا الإجراءات للمصدرين، لنضمن وصول قيمة الصادرات، وأمهلناهم شهرين لتوريد عائداتهم، هناك مساع مع وزارة العدل لتقوية القوانين وسن تشريعات أقوى وأشد صرامة لتعزيز العقوبات، ومساعينا مع وزير العدل مستمرة، لدينا قانونان، قانون النقد الأجنبي، وقانون محاربة التزوير، لابد من مضاعفة العقوبات، من يعملون في التهريب وتجارة العملة والتزوير يجب أن يحاكموا بتهمة الخيانة العظمى، وأي تاجر عملة يتم ضبطه يجب أن تصادر الأموال المضبوطة معه فوراً، لو تمت المصادرة فستتلاشى تجارة العملة أو تتقلص، هناك إشكالية أخرى تتعلق بالتزوير، قبل فترة ضبطنا مزورين يحملون مليوناً وثمانمائة ألف دولار مزيفة في حادثة واحدة، وزارة العدل حدثت بها صحوة كبيرة، وهي متجاوبة معنا بشدة في محاربة التهريب، وبعد فترة وجيزة ستعلن تشريعات جديدة تحد من تجارة العملة والتهريب.
* لماذا تتوالى الأزمات في السلع المهمة؟ هل يتعلق ذلك بقصور في عمل البنك المركزي؟
- البنك المركزي ظل يوفر كل الاحتياجات الأساسية للبلد، من غاز وجازولين ومبيدات وكل احتياجات الصناعة والزراعة من بذور وأسمدة ومبيدات وقمح ودقيق، وكل احتياجات الدولة الأخرى، وفرناها برغم كل الصعوبات التي تواجهنا في التحويلات، أزمة البنزين مثلاً غير مبررة، نحن نصدر البنزين لإثويوبيا، فكيف نعاني من شحٍ فيه؟ الأمر يتعلق بسوء في الإدارة وعدم قدرة على إدارة مواعين الترحيل والتخزين، البنزين يتم تخزينه في بورتسودان حيث لا يوجد احتياج كبير ولا استهلاك عال، نحن نصدر البنزين لإثيوبيا فكيف نعاني من شح فيه؟
بخصوص الغاز والجازولين لم نفشل يوماً في توفير التمويل اللازم لاستيرادهما، بل إننا شرعنا في شراء السلعتين من الشركات الأجنبية العاملة في السودان بالعملة الحرة، وشرعنا في تسديد كل التزاماتنا المتعلقة بالمديونيات، ونحن حالياً نسدد لهم كل أسبوعين، الشيء الذي جعلنا نتمكن من تشغيل المصافي بطاقتها القصوى.
* ماذا عن أزمة الغاز.. ما هي مسبباتها؟
- بخصوص الغاز حدثت أزمة وسنحتاج إلى بعض الوقت للعودة إلى الوضع الطبيعي فيه، مصفاة الخرطوم تكفي احتياجات العاصمة وتفيض، وذلك يعني أن الغاز المستورد يذهب إلى الولايات، غير متوفر في العاصمة لسبب رئيس يتعلق بمشاكل في كيفية توصيل التحويل في وقته، ما حدث في الغاز مفاده أن بعض التجار يضاربون فيه ويتعمدون إخفاء السلعة كي تحدث ندرة وترتفع الأسعار، وبمجرد أن تكتب الصحف عن وصول بواخر غاز تظهر الأنابيب تدريجيا وتنخفض الأسعار.
* أين الدولة من هذا كله؟
- الأسعار الموجودة لكل السلع لو حسبتها بأسعار السوق الموازية فستجد أن بها فوضى، هناك (كارتيلات) تعمل في مجال المضاربات.. كارتيل للغاز، وكارتيل للجازولين، وكارتيل للزيوت وكارتيل حتى للشاي، يتجمعون مع بعضهم البعض في أوقات معينة ليحدثوا ندرة في بعض السلع، ويستفيدوا من المضاربة فيها، هذه الممارسة غير الراشدة تحدث حتى في سوق الدواء الذي نخصص عشرة في المائة من عائدات الصادر له، بخصوص الصناديق العربية التي تمول بعض مشاريع التنمية فهي لا تعرف المجاملة، إذا حل عليك قسط ولم تسدده يتم إيقاف التمويل مباشرة، لذلك نحن في البنك المركزي لا نمنحها أولوية كي لا يتوقف التمويل وتتعطل مشاريع التنمية التي تعتمد في تمويلها على تلك الصناديق.
* ماذا فعلتم لمحاربة تلك العصابات؟
- اسمح لي أن أحيي قطاع مصنعي الأدوية في السودان، هؤلاء وفروا على البلد مواردها، وخففوا علينا، هناك فوضى في سوق الدواء، وحتى في الصيدليات.. بعض شركات الأدوية تمنح الصيدليات حوافز تصل إلى عشرين وثلاثين في المائة من قيمة الدواء الذي تسلمه لها، كم تبلغ قيمة أرباحها لتمنح الصيدليات كل تلك النسبة؟
هذا يعني أن الرقابة غائبة، نحن نخوض معركة كل يوم لتوفير احتياجات البلد والتغلب على مشاكل التحويل الناتجة عن الحصار الاقتصادي، والتنسيق مستمر مع وزارة العدل، لولا الإجراءات الأخيرة لما احتفظنا بقيراط واحد من الذهب، الذهب السوداني يتم تهريبه بطريقة منظمة، ويتسرب عبر الحدود.. الذهب المنتج في دارفور وجنوب كردفان لا تصلنا منه ولا أوقية، لأنه يهرب عبر غرب أفريقيا، ويخرج عن طريق مالي بعصابات منظمة تعمل في ذلك المجال.. لعلك سمعت بضبط معدنين سودانيين في دولة عربية بعيدة عنا، هؤلاء خرجوا وهم يحملون ذهباً بكل تأكيد، إذا لم نتشدد في محاربة التهريب ومعاقبتهم بتهم الخيانة العظمى فلن يتعافى الاقتصاد السوداني، ولن يختفي التهريب المنظم، قبل فترة أنشأنا إدارة قومية للمعابر، كي تسيطر على التهريب.
* هناك قوانين موجودة وبها عقوبات صارمة مثل قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، لماذا لا تطبق؟
- هي مطبقة، ولكن التطبيق يفتقر إلى الصرامة، يجب أن تتم مصادرة أي أموال أو بضائع مهربة بلا تأخير.
* لماذا فرضتم على المغتربين شراء التذاكر بالعملات الصعبة؟
- اضطررنا إلى فرض سياسة جديدة تتعلق بإلزام المغتربين والأجانب بشراء التذاكر بالعملة الحرة، لا يوجد بنك مركزي يمول سفر الناس في أي دولة في العالم، لماذا ندعم سفر الناس ونحن نعاني من أزمة في التحويلات وشح في الموارد؟.
* لكن القرار شمل مواطنين سودانيين.
- لم يشمل إلا المغتربين، لكنه سيشمل الجميع قريباً.
* حتى المواطنين العاديين سيدفعون تذاكرهم بالدولار؟
- نعم ولكن ليس بالدولار، بل بسعر السوق الحر.
* ذلك الأمر سيفرض عليكم أن توفروا العملات الأجنبية للمواطنين بالسعر الرسمي؟
- نحن متجهون إلى تحرير الأسعار الخاصة بتذاكر السفر، هناك أجانب وسودانيون يقيمون في الخليج ويأتون إلى الخرطوم ليقيموا فيها يوماً واحداً كي يتمكنوا من قطع تذاكرهم بالجنيه السوداني لرخص سعرها.
منظمة الإياتا تسمح لكل شركة طيران أن تحدد أسعارها بحرية كاملة، 90 في المائة من الشركات تسعر تذاكرها بسعر السوق الموازية، وتأتيني لتطلب مني دولاراً بالسعر الرسمي (ستة جنيهات وثلاثة من عشرة)، إذا كان لديه مليون دولار بطرفنا يطلب مليوناً ونصف المليون دولار، وجدنا أن كل الأجانب المقيمين في السودان يشترون التذاكر بالجنيه السوداني، حتى المغتربين المقيمين في الخارج يرسلون أموالهم لشراء التذاكر بالسوداني بعد أن يغيروا دولاراتهم إلى الجنيه السوداني في السوق السوداء، الممارسة المذكورة تتم حتى عند المغتربين في دول الخليج، سألنا عن نسبتهم فقالوا من (60 إلى 65%)، وأوقفنا نزيف العملات الحرة على التذاكر، كذلك اتبعنا سياسة لمراجعة حسابات شركات الطيران في البنوك لنعرف استحقاقاتها الحقيقية، لأن حساباتها يفترض أن تغذى من بيع التذاكر فقط، وعندما تنقص قيمة تلك الحسابات فذلك يعني أنها تصرفت واشترت من السوق الموازية.. شركات الطيران تحسب سعر التذكرة بسعر السوق الموازية، فلماذا يمنحها البنك المركزي دولاراً بالسعر الرسمي؟
* ألا تشعر بالإشفاق على حال الاقتصاد السوداني في ظل الوضع الحالي؟
- سأكذب لو قلت إنني غير مشفق، لأن كل مشكلتنا تنحصر في ضعف الإنتاج، إذا لم نضاعف إنتاجنا فستستمر معاناتنا، حجم صادرتنا لا يتجاوز أربعة مليارات ونصف المليار دولار، هناك فارق كبير بين حجم الصادرت والواردات، صحيح أننا نستطيع أن نغطي حاجتنا بموارد من داخل النظام المصرفي، لكن حاجتنا إلى زيادة الإنتاج تظل ماسة واستراتيجية، لو أحكمنا القبضة على التهريب فستزداد عوائدنا، خاصةً وأننا أتحنا لكل مصدر الاستفادة من عائد الصادر كما يريد، نسعى كذلك إلى استخدام حزم تقنية لزيادة حجم الصادرات، ورفع عدد سلع الصادر وتقوية ميزاتها التنافسية في الأسواق العالمية، في القمح هناك مجهودات كبيرة تسعى إلى دعم المزارع المحلي، بتحفيز المزارعين بأسعار مشجعة، لتوطين زراعة القمح، الدولة استثمرت في كهرباء مشاريع وواجهت مشاكل في الأراضي وتم حسمها.
* لماذا تصر الدولة على استيراد الدقيق على الرغم من توفر عدد كبير من المطاحن المحلية برغم المخاطر المحيطة باستيراد الدقيق؟
- هذا جزء من سياسة الدولة، لو لم نستورد الدقيق لما عرفنا حاجتنا بالكامل، بعد استيراد الدقيق عرفنا أن حاجتنا لا تتعدى مليوناً وثمانمائة ألف طن، وليس ثلاثة ملايين، الهامش المذكور يتم تهريبه إلى دول الجوار، ويستخدم في إنتاج سلع لها علاقة بالدقيق وتستفيد منه الشركات المستوردة وبعض المطاحن ولا يعود علينا بأي نفع.
* لماذا يتاجر المخزون الاستراتيجي في الدقيق؟
- المخزون الاستراتيجي ليس تاجراً يبيع للمخابز ومنافذ البيع الأخرى، لأنه يوفر القمح ولا يبيعه مباشرة للمخابز، بل يغذي به المطاحن الكبيرة، المخزون الاستراتيجي ليست له قنوات بيع في الأسواق، ويستورد الدقيق ليقلل حدة الاحتكار للسلعة، المواطن لم يتضرر من هيكلة الدعم التي أوصلت دولار القمح من (2.9) إلى ستة جنيهات، لو لم نستورد الدقيق لما تمكنا من هيكلة الدعم.
* تتحدث عن سياسة تحرير وعن دخول الدولة كبائع ومشتري في بعض السلع المهمة، ألا يعد ذلك تناقضاً في السياسات؟
- عندما نتحدث عن استيراد الدقيق فإننا نشير إلى أننا اضطررنا إلى ذلك لأن الدعم كان يذهب إلى الشركات، وليس للمواطن الذي لم يتضرر من هيكلة الدعم.
* هل تضمن لنا أن سعر الخبز لن يتأثر بالسياسات الجديدة؟
- أضمن لكم ذلك، لأننا نحسب كل الكلفة بدقة ونحدد السعر وفقاً لذلك، استوردنا الدقيق كي لا نتأثر بأي ضغوط، الآن كل الدقيق يتم توجيهه للمواطن وليس لاستخدامات أخرى، فوق ذلك ساهمت السياسة الجديدة في ضبط معدلات الاستخلاص، لأنها كانت تتم بنسب ضعيفة كي يتم تحويل الباقي إلى ردة وتباع في السوق السوداء.. الدقيق المدعوم كان يستخدم في إنتاج المخبوزات وغيرها من المنتجات الأخرى.
* الحديث عن استيراد الدقيق يقودنا مباشرة إلى الحديث عن النزاع الذي تم بين البنك المركزي ووزارة المالية مع أسامة داود.. الذي تحدث عن محاربتكم له صراحةً؟
- لا نحارب أسامة داود، بالعكس، في كل الاجتماعات التي عقدناها معه اعترفنا أنه استثمر أموالا طائلة في مجال المطاحن، لا علاقة للأمر بحرب على أسامة داود أو سواه، تلك سياسة دولة، أسامة نال أفضلية بالعطاء الذي رسا عليه مؤخراً، نحن نمنح مطاحن دال أولوية لحجمها الكبير، ليس صحيحاً أننا نستهدفه أو نحاربه، البنك المركزي ليس فيه تمييز، هناك لجنة في المالية ممثلة فيها كل الجهات، التمييز نالته سيقا لحجمها وطاقتها.
* أسامة داود ذكر في حواره مع (اليوم التالي) أنه تعرض إلى خسائر قيمتها أكثر من ستة ملايين دولار لأن البنك المركزي تأخر في فتح الاعتمادات الخاصة بالقمح، ومنح أولوية لمطاحن أخرى وأنه اضطر إلى التوقف مرتين خلال العام الحالي للسبب نفسه؟
- قلنا لأسامة داود وسواه إن السياسة تغيرت ومن لديه شكوى فعليه أن يقدمها، حالياً نحن نتابع كل الاعتمادات ونتابع القمح حتى لحظة وصوله إلى المطاحن، الاعتمادات التي فتحناها أرسينا آلية لمتابعتها، نحن نتابع إلى حين وصول القمح إلى المطاحن أو المخزون الاستراتيجي، لم نؤخر أي اعتمادات ولا يوما واحدا.
* قال إنه اضطر إلى التوقف مرتين بسبب تأخركم في فتح الاعتمادات؟
- أؤكد لكم أن التوقف تم لأسباب أخرى، قبل فترة توقف طوعاً لأكثر من أسبوعين، هل تم ذلك بسبب البنك المركزي؟، نحن ننفذ أي طلب يأتينا عبر وزارة المالية كي لا يتأثر توريد القمح والدقيق.
* ماذا عن إشكالية التحويلات بسبب الحصار والعقوبات الأمريكية، ماذا عنها؟
- نحمد الله كثيراً أن سياسة السوق الحر وحرية النشاط التجاري والاقتصادي لها إيجابيات ويجب أن نصبر عليها، لدينا قطاع خاص متميز ونظام مصرفي تحمل الكثير من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد، لدينا جيلان من المصرفيين نشأوا وتعايشوا مع ظروف وأدبيات الحصار والعقوبات، كما أن وجود السودان في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية كان يصعب من مهمتنا، بحمد الله خرجنا من تلك القائمة في شهر أكتوبر الماضي بعد أن استوفينا كل مطلوباتها، وكان ذلك مكسباً كبيراً للسودان، لأن جزءا من الحصار الأمريكي كان يتم بادعاء أن السودان لديه قصور في القوانين الخاصة بمحاربة غسل الأموال ومحاربة الإرهاب.. عدلنا قانون غسل الأموال في 2014 وعبرنا وساهم ذلك في تعزيز ثقة الكثير من البنوك الخارجية التي باتت تمتلك ثقة كافية للتعامل مع السودان، الآن نحن نتعامل باليوان ومع دول خليجية ومصارف لبنانية وغيرها، وبحمد الله فتحنا نافذة للتعامل باليوان الصيني، وحالياً نسعى إلى فتح نوافذ أخرى مع البنوك الإثيوبية.. السودان لم يكن يمتلك تعاملات مباشرة مع إثيوبيا وكينيا ويوغندا منذ الستينيات، خلال زيارتنا الأخيرة لإثيوبيا فتحت منافذ تعاون مع الإثيوبيين لنتوسع في تجارتنا معهم ونصدر إليهم الوقود ونستورد منهم الكهرباء.
* هناك حديث كثير عن بقاء معظم الكتلة النقدية خارج الأوعية المصرفية في السودان.. ماذا فعلتم لاجتذاب تلك الكتلة؟
- النسبة تغيرت، هناك من كانوا يتحدثون عن أن 80% من الكتلة النقدية موجودة خارج النظام المصرفي، وهذا غير صحيح، لأن النسبة تغيرت بسبب توسعنا في استخدام التقنية المصرفية والصرافات الآلية.. معظم المؤسسات صارت تصرف مرتباتها عبر البنوك، الجامعات تلزم طلابها بسداد الرسوم عبر المصارف، وقطاع التعدين بات يستخدم البنوك بدلاً من حفظ الأموال في الحفر والخزائن، البنوك صارت أوفر جذباً للمدخرات، لا صحة لما يردده بعض من تطلق عليهم الصحف ألقاباً مفخمة مثل (خبير مصرفي) وغيرها، التعامل المصرفي ما عاد مرتبطاً بالذهاب إلى البنوك لفتح الحسابات، التعامل المبني على التقنية نسبته السنوية لا تقل عن 35%، بسبب تسهيل الإجراءات وتبسيطها، وإجراءات منح البطاقة المصرفية، حتى آليات الدعم الاجتماعي للمعاشيين والطلاب باتت تتم عبر المصارف.. شراء الكهرباء يتم عبر المصارف، وقطاع التعدين مثلاً وفر أكثر من مليون وظيفة بانفتاح على أمل الحصول على أموال طائلة وهو موجود داخل القطاع المصرفي.
* هذا القطاع لم تبذل فيه الدولة أي مجهود؟
- ليس صحيحاً، المصارف وصلت إلى القطاع المذكور في أماكن التعدين، ووفرت لهم حسابات وبطاقات مصرفية، أنا كنت مديراً لبنك تجاري، حتى 2004 لم تكن هناك صرافات آلية بالمعنى المفهوم، أتينا متأخرين لكننا استخدمنا أحدث استخدامات الصرافات الآلية، نحن ألزمنا البنوك بالتوسع في استخدام الصرافات الآلية.. الصرافات الآلية زادت مداخيل البنوك وخففت الضغط عليها، لأن التعامل بها يوفر على المواطن مشقة الذهاب إلى المصرف، علاوةً على أنها تستمر في العمل حتى أيام العطلات، ألزمنا البنوك بإخطار البنك المركزي بأي أعطال تلحق بالصرافات.
* هناك اتهام يلاحقكم بأنكم منقادون لوزارة المالية ولبدر الدين محمود على وجه التحديد.. ما ردك؟
- البنك المركزي يتمتع باستقلالية تامة، والرئيس المباشر للبنك المركزي هو رئيس الجمهورية، بدر الدين لا يتدخل في عملنا مطلقاً، الاتهام المذكور صدر بسبب ارتفاع معدل الانسجام بين السياسات النقدية والسياسات المصرفية، تجمعني ببدر الدين علاقة كبيرة بدأت منذ أيام الدراسة، لكنه لا يتدخل في عملنا بتاتاً، معدلات التضخم تراجعت بحمد الله
اليوم التالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.