جامعة الزعيم الازهري جامعة سودانية حكومية . سميت بهذا الاسم تيمنا باسم الرئيس السوداني الاول اسماعيل الازهري الذي كان زعيم حزب الاشقاء قبل الاستقلال ثم تولى فيما بعد رئاسة الحزب الوطني الاتحادي (الحزب الاتحادي الديمقراطي حاليا) . و في 1954 انتخب رئيسا للوزراء من داخل البرلمان . و بعد قيام ثورة اكتوبر 1964 تولى منصب رئاسة مجلس السيادة . هذه السيرة الناصعة لمن تسمت الجامعة باسمه على وشك ان تنهار و تتبدد من بوابة واحدة من كليات جامعة الزعيم الازهري و هي كلية علوم الحاسوب . ان ارتباط الجامعة بهذا الاسم العملاق كان يجب ان يجعل من قادتها منابع للحكمة و التعقل و مرجعية في التغلب على الازمات . و لكن الذي حدث كان على العكس من ذلك تماما . (( ثمانية من طلاب الكلية لم يتمكنوا من سداد الرسوم الجامعية حتى موعد الامتحانات . منعت الكلية الطلاب من الجلوس للامتحان . تضامن زملاؤهم معهم بالامتناع عن دخول الامتحانات . )) هذه هي العناصر الثلاثة المكونة للازمة . اما تداعيات الازمة فتتمثل في اصرار الكلية على موقفها و اعتبار الذين لم يجلسوا للامتحان راسبين فيه . و من تداعيات الازمة اصرار الطلاب على موقفهم بفتح باب سداد الرسوم لمن لم يسدد و باعادة الامتحان . اما اهم تداعيات الازمة فقد تمثل في اتصال الكلية باولياء الامور للتنبيه الى خطورة ان ينساق ابناؤهم وراء معركة في غير معترك . فهل هي فعلا معركة في غير معترك . و من المسؤول عن جعلها معركة في غير معترك . من المعلوم بالضرورة لدي التربويين بمختلف مستوياتهم عدم الخلط بين الدراسة و الرسوم . فالمبدأ التربوي هنا يقول بان لا تتعطل دراسة الطالب بسبب عدم سداد الرسوم . فالمسؤول عن الرسوم هو ولي الامر . و ليس صحيحا ان يقال ان الطالب لم يسدد الرسوم .. بل ان ولي الامر هو من لم يسدد الرسوم . و بناء على ذلك كان المتوقع من الكلية مخاطبة اولياء الامور بان المواعيد الاخيرة لسداد الرسوم قد حانت و بان نتائج و شهادات ابنائهم ستكون محظورة عليهم لحين السداد . و في مرحلة لاحقة يمكن للكلية فتح بلاغ في مواجهة اولياء الامور العاجزين عن السداد . اما الطالب , فيستمر في تلقي الدراسة بحسب الجداول المرصودة للمحاضرات النظرية و العملية او الامتحانات و غيرها من مناشط الدراسة كاملة غير منقوصة . هذا فيما يتعلق باولياء الامور العاجزين عن السداد .. اما بالنسبة لاولياء الامور المسددين للرسوم نقول بان الكلية قد تسببت في عرقلة سير الدراسة بالنسبة لابنائهم حين قامت باجراء غير تربوي و غير قانوني بحرمان زملائهم من الجلوس للامتحان .. هل يرضي مدير الجامعة بان يتعرض احد اساتذته لمعاملة غير تربوية او غير قانونية ؟ لقد تسببت الكلية في زعزعة الاستقرار النفسي لعشرات الاسر حيث ان الكلية لم تبذل ما كان يمكن ان يبذل من جهد لعلاج الازمة قبل ان تتفاقم . فالواضح ان الكلية و من ورائها الجامعة قد خلقت معركة في غير معترك في حين كان بامكان أقرب صاحب بقالة مجاورة لمكتب العميد ان يجد الحل لمشكلة عدم السداد اما بان يدخل كضامن لاولئك الطلاب او ان يدفع الرسوم ذاتها . اما السؤال الاهم فهو .. ما هو مقدار العجز المالي المترتب على عدم سداد ثمانية من طلاب جامعة تضم المئات من الطلاب و يفترض انها تتبع للحكومة نفسها ؟ بسبب التصرفات غير الحكيمة للكلية تضرر اولياء الامور ضررا ماديا و نفسيا كبيرا حين وجدوا ابناءهم خارج قاعات الامتحانات و مهددين بالرسوب في تلك الامتحانات بسبب مشكلة رسوم كان بامكان الكلية و من ورائها الجامعة ان تجد لها الحل و المعالجة بعيدا عن اسلوب المصادمة و المعاندة .. و بعيدا عن اسلوب ( هذا .. او الطوفان) . في مرحلة من المراحل كان على الكلية معالجة ازمة قابلة للحل . و لكن الان صار على الكلية معالجة تلك الازمة و عليها ايضا معالجة كافة تداعياتها التي تتوالد و تتراكم مع صباح كل يوم جديد . فصباح هذا اليوم رفض الطلاب الدخول للامتحان الثاني في تاريخ هذه الازمة التي صنعتها ادارة جامعة الزعيم الازهري .. ذلك العملاق الذي لم يكن يوما من الايام جزءا من مشكلة .. بل كان دوما جزءا من الحل ليس فقط لنفسه او حزبه فقط و لكن لشعب بعشرات الملايين و وطن بملايين الكيلومترات . [email protected]