عرف السودان استخراج واستغلال الذهب منذ العهد الفرعوني والتركي وذلك على الطريقة التقليدية بمناطق نهر النيل والنيل الأزرق وشمال السودان. وأثبتت الدراسات والأبحاث الجيولوجية وجود الذهب في مناطق عديدة من البلاد تشمل جبال البحر الأحمر وجنوب النيل الأزرق وشمال السودان وشمال وجنوب كردفان وجنوب دارفور وفي مناطق متفرقة من البلاد. واقتصاديا يتمتع هذا المعدن النفيس بأهمية اقتصادية وسياسية فاقت جميع أنواع المعادن الثمينة واكتسبت البلدان المختزنة لهذه الثروة مواقع إستراتيجية في الدائرة السياسية والاقتصادية في العالم. والذهب في السودان يتمعدن في ثلاثة أنواع من الصخور وهي صخور الشيست الناتجة من تحول الصخور البركانية والرسوبية التي ترجع إلى العصر البروتوزوي المتأخر في شكل عروق المرو بمصاحبة بعض المعادن مثل النحاس والزنك والحديد ويوجد بهذه الطريقة في شرق وشمال وجنوب السودان. كما تم اكتشاف الذهب في منطقة الأرياب بجبال البحر الأحمر وبتركيزات عالية تصل في بعض الأماكن إلى 100 غم/طن وفى طبقات السليكابارايت وكذلك الذهب الرسوبي ،حيث يتم استغلال هذا النوع على امتداد نهر النيل وروافده خاصة النيل الأزرق وفي شمال السودان من قبل الأهالي الذين يستعملون في استخراجه طرقا تقليدية. ويعتبر الذهب من أكثر المعادن تواجداً واستغلالاً، حيث توجد مشاريع للتعدين ومعالجة الذهب في منطقة (منجم الدويشات) بارض الحجر بوادى حلفا بطاقة تعدين ومعالجة (810) كغم سنوياً ومشروع ومعالجة الذهب في (منجم ام نياردي) شمال وادي حلفا بالولاية الشمالية بطاقة تعدينية ومعالجة (700) كغم سنوياً. وهناك 200 ألف باحث عن الذهب ينقبون عنه في مناطق متفرقة من السودان، مقارنة بأكثر من (100) مليون يمارسون هذا النشاط على مستوى العالم. وقد قامت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية في السنوات العشر الأخيرة بالتركيز على التنقيب عن الذهب بالإضافة إلى معادن أخرى إستراتيجية. ووفق مدير عام الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية الدكتور يوسف السماني فان الوزارة فور إنشائها عملت على استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية في الاستكشاف والمسح وقد تم اخيرا اكتشاف مواقع جديدة لتمعدن الذهب في ولايات نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وجبال النوبة والنيل الأزرق. يتم التنقيب عن الذهب في السودان بعدة طرق مثل استخدام الآليات الثقيلة للحفر في أعماق الأرض، أو غربلة الرمال المحتوية على عنصر الذهب وتكسير الصخور وفصل الذهب منها بطرق بدائية أو متقدمة. وفي ضوء المعلومات المتوفرة لدى الهيئة عن أماكن تمعدن الذهب ،قامت بتقسيم المنطقة المحصورة بين البحر الأحمر والنيل إلى مربعات امتياز والتي تبين مناطق الامتياز التي منحت بالفعل والأخرى التي في طور المفاوضات. ويرى المراقبون ان الذهب برز كبديل أمثل لتعويض فاقد البلاد من النفط بعد الانفصال ،حيث فقد الاقتصاد السوداني نسبة (59%) من نصيبه من بترول الجنوب وأيضا قلة تكاليفه في التنقيب مقارنة بتكاليف البترول. يشار الى ان تعدين الذهب اتسع وازدادت عائداته، وترتفع أسعاره يوماً بعد يوم حيث بلغت عائداته بنحو(16%) من حجم الصادرات غير البترولية، وقفزت العائدات إلى مليار دولار بنهاية العام الماضي. كما سجل مستويات قياسية مرتفعة هذا العام فوق 1476 دولارا للأوقية (الاونصة) مقارنة ب 300 دولار سابقا وانه إذا بلغ إنتاج السودان 74 طنا من الذهب فسيصبح عاشر أكبر منتج للمعدن في العالم وثالث أكبر منتج إفريقي بعد جنوب إفريقيا وغانا. وتوفر معدن الذهب بهذه الكمية لفت أنظار العديد من الشركات العربية والعالمية الأمر الذي جعل الهيئة العامة للأبحاث والدارسات الجيولوجية تهتم بإجراء دراسات جدوى في هذا المضمار في عدد من ولايات السودان شملت ولايات الشمالية، نهر النيل والبحر الأحمر وقامت بتقسيمها إلى مربعات. وسيشهد هذا العام توقيع خمسين اتفاقية مع شركات عالمية للذهب والمعادن الأخرى ،علما انه تم توقيع 48 اتفاقية العام الماضي . وتشير التقارير الى ان الاستثمار في هذا المجال تتم بسهولة وان إجراءات منح التراخيص للاستثمار تتم في وقت وجيز. واتجهت الحكومة السودانية في اطار تسهيل تلك المهام إلى انشاء شركة (سودانيل ) وهي شركة مساهمة عامة من القطاع الخاص لتسويق الذهب وتصديره برأسمال مبدئي يبلغ (100) مليون دولار وسط توقعات بارتفاعه الى (500) مليون دولار.