يديك العافية عبارة سودانية ماركة مسجلة.. وكل ما سمعتها ترى بين حروفها الملامح السودانية العتيقة.. وتعني الدعاء لك بالعافية, أي أن الشخص يتمنى من الله أن يمنحك العافية. وإذا حاولت أن تعزز هذه العبارة أكثر فإن كلمة (يديك) وهي بالعامية تعني (يعطيك أو يمنحك).. ومن الذي يعطي؟ الذي يعطي هو الله ويرجع العطاء هنا لله وذلك لماهية العطاء وهي العافية فالعافية لا يمنحها غير الله. أما تاريخ هذه العبارة لم يذكر في أي من قواميس اللغة العامية أو العربية, إذ أنها وجدت مع وجود الثقافة أو اللغة العامية في السودان, فهذه العبارة لم تأت بقرار أو مكتوب شرعي من قبل هيئات أو مصالح حكومية, بل أتت منسابة بانسياب التفاعل اللغوي الاجتماعي. تحمل هذه العبارة في طياتها كل الأماني الطيبة والنبيلة فلا يوجد في الدنيا أمنية أغلى في العافية.. وعند أي حديث يدور بين شخصين أو أكثر لكي يعكس مشاعر الحب والاحترام والوفاء بطبيعته هذه العبارة في ما بينهم : يديك العافية. حقيقة لم نلاحظ هذه اللغة العامية الجميلة إلا في حالة الشقاء والفكر وصفاء الذهن.. إذ أننا نطلق هذه العبارة في حديثنا اليومي دون انتباهنا لتكرارها ومراقبة تغلغلها في أعماق حديثنا اليومي. بنظرة تحليلية أعمق للغتنا العامية السودانية نجد أنها لغة جميلة ذات مذاق طيب ممزوج بمشاعر الحب والوفاء ومتأصلة في احترام الآخرين عبر الأماني الطيبة. كما تكشف لنا ما يحمله المواطن السوداني للآخرين وعبر اللغة والتفاعل الدائر بين الأفراد في ما بينها. يا لجمال هذه الثقافة السودانية القائمة على احترام الآخرين وإشاعة روح الأمنيات الطيبة لكل الناس.. ويديك العافية.... معتز عصام