اشتكى مصوّرون صحافيون من المعاملة التي يجدونها أثناء عملهم، خاصة أثناء الأحداث الساخنة، مؤكدين أنهم توقعوا أن ترحمهم ثورة 25 يناير من القمع والتضييق الأمني، وهو ما حدث بالفعل، لكنهم فوجئوا بأنهم أصبحوا مطاردين من قبل المواطنين في كل أماكن الأحداث، مع اتهام جاهز ب"العمالة". وبحسب طارق الجباس، رئيس قسم التصوير بصحيفة الدستور، فإن: "وضع المصور الصحفي في مصر قبل الثورة اختلف عما بعدها، حيث إن ثقافة "المنع" التي كانت لدى الأمن في النظام السابق كانت هي المتحكمة في عمل المصور، فكان يتعرض للضرب والإهانة من قبل الجهات الأمنية، بخلاف مصادرة المواد الفيلمية وتحطيم الكاميرات وربما الاعتقال باعتبار أن الصورة الموثقة للخبر هي خير شاهد عيان". وتابع قائلا: "المفارقة في الأمر أننا كنا وقتها نجد الترحيب والتشجيع من قبل المواطنين، خاصة عند القيام بتصوير المظاهرات والاعتصامات الفئوية والتي كان يفترش أصحابها أرصفة مجلس الشعب والشورى، إلا أن الوضع تغيّر بعد الثورة، فأصبح المصور الصحفي يتعرض للضرب والإهانة من قبل المواطنين أنفسهم، وهو ما حدث معي بشكل شخصي عند قيامي بتصوير اعتصام أهالي مدينة العياط جنوبالجيزة على خط السكك الحديدية لاعتراضهم على بناء شبكة محمول في قريتهم، وعبثا حاولت إقناعهم بأنني أنقل معاناتهم إلى المسؤولين، لكنهم اعتبروني عميلاً للسلطة أسعى لإظهارهم أنهم معطلو المرافق العامة". ويقول الجباس إنه عرّض حياته للخطر يوم جمعة الغضب الأول، وكاد يتعرض للموت وهو يصور المواجهات على كوبري قصر النيل بين المواطنين وقوات الشرطة. وأشار إلى أنه لا توجد آليات واضحة لعمله، ولا تمتلك شعبة المصورين الصحفيين بنقابة الصحفيين صلاحيات تمكنها من حماية أعضائها الذين يبلغ عددهم 130 مصورًا صحفيًا بجميع المؤسسات المختلفة. وأكد أنه يجب على الشعبة التنسيق مع الجهات الأمنية لتسهيل مهمة المصور الصحفي، كذلك العمل على توعية بعض الجهات المهنية كمراكز المؤتمرات والأندية الرياضية والقائمين على تنظيم الأمور الأمنية للاعتصامات بأحقية المصور الصحفي في أداء عمله دون انتهاك لحقه أو إهانته أو إيذائه. واستطرد قائلا: يجب أيضًا تعويض المصور الصحفي الذي يصاب أثناء علمه أو يفقد كاميراته، خاصة أن العرف السائد في جميع المؤسسات الصحفية أن الكاميرا شرط من شروط التحاق المصور بأي من تلك المؤسسات، حيث إنه لا يتم توفير كاميرا للمصور الصحفي بأي مؤسسة إلا بعد التعيين. خط ساخن وبدوره، طالب أحمد المصري، المصور بصحيفة "المصري اليوم"، بتوفير خط ساخن بين المصورين وشعبتهم النقابية للتواصل عبره عند التعرض لأي خطر، موضحاً أنه تعرّض والعديد من زملائه للاعتداء في موقعة "الجمل"، ولم تقم أي جهة بالتحقق في ذلك بالرغم من أن إصابات بعضهم كانت بالغة الخطورة. وتابع: "مهنة المصور الصحافي تستلزم أن يكون لديه عدة مواهب منها الذكاء وسرعة البديهة ومتابعة الأحداث التي تجري على الساحة السياسية والثقافية والفنية بعمق، كذلك السرعة في الأداء، فالصورة يجب أن تلتقط للمرة الأولى والأخيرة، وهناك أحداث لابد أن تلتقط صورها في لحظة واحدة، لأنه لا يمكن إعادتها". عملاء وجبناء وأوضح عمرو نبيل، رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحافيين المصرية، أن الشعبة تقوم بتعليم المصورين كيفية التعامل بشكل "آمن" مع المواقف الصعبة كالمظاهرات أو الاشتباكات من خلال خبرات كبار المصورين، وتعليمهم كيفية الحفاظ على أمنهم الشخصي وأمن الكاميرات والمعدات الخاصة بهم أثناء التصوير. وأضاف أن الشعبة تقوم أيضًا بالمساهمة في علاج أي مصور يتعرض للإصابة والوقوف بجوار من يتعرض للمساءلة القانونية، وتعمل على التركيز على محورين مهمين: الأول هو تثقيف المصور من خلال الدورات التدريبية وعقد الندوات ونقل الخبرات سواء المصرية أو الدولية للمصورين، والمحور الثاني هو العمل على تغيير صورة المصور الصحافي في المجتمع وإظهار قيمته عن طريق عمل معارض، لعل أهمها المعرض السنوي لساقية الصاوي، والذي يحرص على حضوره سنويًا كبار الشخصيات السياسية والثقافية والدولية. ويتفق عمرو نبيل مع زملائه على أن التصوير الصحافي قبل الثورة كان يشهد العديد من المخاطر في التعامل في الشارع المصري، لاسيما المظاهرات، وقد سبق أن تعرض في تغطيته للانتخابات البرلمانية عام 2005 لقذيفة من بلطجية الانتخابات كادت تفقده عينيه، إلا أنه يرى أن الأمر شهد انفراجة أمنية بعد الثورة، ويبقى أن تتغير ثقافة المجتمع. وأضاف أن النظام السابق نجح في وضع أسوار بين الجمهور والإعلام بشكل عام، وشبّه الإعلاميين والصحافيين والمصورين على أنهم عملاء وجبناء يجب على الجمهور محاربتهم.