امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام صَاحبتها الكثير من المشاكل المُتمثلة في عمليات التزوير والغش من قِبل بعض الطلاب الأجانب والتي وضعتها على المحك وهي الشهادة المُميّزة التي عرفت في المُحيط العربي بقوتها مما فتح الباب أمام الشائعات التي تناقلها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي أقلقت مَضاجع كل الشعب السوداني الذي لا ينقصه التحسر على الشهادة السودانية. تلك الشّائعات استمرت حتى قبيل المؤتمر الصحفي لوزارة التربية، ولسنا بمجال أن نحكي عن تلك الظروف التي رَافقت الشّهادة السُّودانية منذ أن بدأت وحتى المُؤتمر فكل بيت تَابعها بدقة ويَعرف التّفاصيل. الحقيقية ليست هي المرة الأولى التي تتعرّض فيها الشهادة السودانية لهزّة، فخلال ال 27 سنة الماضية واجهت الكثير من المَطَبّات العالقة بالأذهان، ولكن الأمر في مُجمله يعكس عن المَصير المُخيف الذي تتجه نحوه، فالظرف الذي يعيشه السُّودان نتيجة سياسات الحكومة جعل كل مُؤسّسات الدولة تعيش حَالة فَوضى، ولكن يَصبح الأمر أكثر خُطورةً حين يتعلّق بوزارة التربية والتعليم المناط بها صناعة العقول. الشّهادة السُّودانية لهذا العام كَشَفَت تماماً فشل الحكومة في ضَمان تَعليم أسَاسِي قَادر على تأهُّل الطلاب لمُستوى يمنحهم القُدرة على مُواجهة الحياة بعقل مُتفَتِّح حتى وإن لم يُواصلوا تعليهم الجامعي، فالقراءة الكلية هذا العام أكّدت تَمَاماً أنّه انهار. جَلسَ للشهادة السُّودانية هذا العام 459995 ألف طالب وطالبة بنسبة نجاح بلغت 73.7%، الوزيرة سعاد عبد الرازق قرأت هذا النسبة باعتبار أنها نجاح يُحسب لها والسلام، ولم تخبرنا عن تفاصيله والتي إن غُصنا فيها سنجدها مُؤلمة ولا تستحق أن تُسمى نجاحٌ وإن افترضنا ذلك فهو نجاحٌ بلون وطعم الفشل، فالنجاح الذي يجعل الطالب يحرز مجرد نسبة لن تسمح له إلاّ بالذهاب الى الشارع لا يُمكن أن يُسمى نجاحٌ. الحقيقية أثبتت أن الغالبية العُظمى من الطلاب لن يكون بمقدورهم دخول الجامعات وأقل من سبعين ألف طالب فقط شهاداتهم تستوفي شروط القبول للبكالوريوس حسب قوانين الوزارة التي لا تقبل ترشيح طالب ساقط في أي من المواد، وحتى من استوفوا الشروط فأغلبهم ستقف نسبهم عائقاً أمام رغباتهم ونضع بين أيديكم تفاصيل ذلك النجاح المُر: من جملة العدد الكلي للطلاب المذكور أعلاه هناك 92032 رسبوا في اللغة العربية و24207 في اللغة الإنجليزية 44619 في الإسلامية و64841 في الرياضيات الأساسية و35839 في الرياضيات المتخصصة و23599 في الفيزياء و29156 في الكيمياء و20140 في الأحياء و4052 في الحاسوب و58880 في التاريخ، أي أنّ هناك 397365 ألف طالب سقطوا في مادة أو أكثر. تبقى من العدد الكلي 67755 طالباً وهؤلاء إذا خصمنا منهم حالات الغش البالغ عددها 811 يصبح عدد النجاحين فعلاً 66944 ألف طالب، هذا هو إنجاز الوزيرة التي قالت إنّ نتيجة الشهادة السودانية هذه تؤكد وعي وفهم الطالب السوداني، وإن الطلاب في هذا العام قد أبرزوا إمكانيات ومهارات عالية من خلال هذه النتيجة، نعم أبرزوا إمكانات ومهارات عالية تثبت أن الحكومة (خلتهم معلقين) على قولهم لا طالوا السماء ولا هبطوا الأرض. السيدة سعاد وحكومتها ينظران الى ذلك الجُزء البسيط الملىء من الكوب أما الباقي فلا، ولذلك ستستمر الشهادة السُّودانية في التدهور، وإن كان هذا حصاد العام الحالي فَتوقّعوا الأسوأ العام القادم إن لم تقف الحكومة بأكملها ألف مرة على نتيجة هذا العام. التيار