تتوالي صدور التقارير الدولية للعام 2016 والتي تصنف الدول في شتى القضايا والمشاكل .. السودان كعادته في ظل حكم المؤتمر الوطني يتبوأ درجات متقدمة في كل ما هو سيء فيما يتعلق بمشاكل الشعوب ،فكان من أكثر الدول هشاشة وفشلا وفسادا في العالم و الأسوأ في حقوق الإنسان والحريات والتعليم والصحة وغيرها ولكن ، رغم ذلك، الحكومة لا تعلق رسميا على هذه التقارير إلا من بعض التبريرات التي ينبري لها بعض كوادرها . آخر التقارير صدر قبل أيام من وزارة الخارجية الأمريكية، عن حالة الاتجار بالبشر حول العالم للعام 2016 و وضع السودان في القائمة السوداء للاتجار بالبشر وتجنيد الأطفال ضمن (7) دول أخرى. ويرصد التقرير قضايا شبكات الدعارة، وتجارة الأعضاء البشرية، وزواج المتعة، واستعباد الأفراد نتيجة لفقرهم واستغلالهم في شبكات تسول وسرقة وتهريب والتشغيل القسري للأطفال وغيره من قضايا تتعلق بإذلال الكرامة الإنسانية . لا شك ان الظروف التى يعيشها السودان هذه الأيام تجعل التشكيك في مثل هذا التقرير مجرد مكابرة ليس إلا ، ولكن الغريب هذه المرة أن الحكومة انتقدت التقرير رسميا واعتبرته تحاملاً بيناً على السودان ويشوه مواقفه حيال هذه القضية المهمة عن قصد وترصد، مبررة ذلك بالجهود التى قامت بها . السؤال الذي يطرح نفسه لماذا انبرت الحكومة للرد على هذا التقرير رسميا في حين أنها لم تفعل ذلك مع القضايا المتعلقة بمشاكل الشعوب والتي دائما ما يتصدر فيها السودان قوائم سوداء كثيرة ؟ مع ان الأمر لا ينفصل عن بعضه بل تلك المشاكل أكثر خطورة من مشكلة الاتجار بالبشر ، فهذه المشكلة مرتبطة باستقرار البلد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني ونوعية الحكومة ، وبناء عليه مهما بذلت الحكومة من جهود فلن تنجح في محاربة المشكلة قبل ان يتحقق الاستقرار المطلوب وتلتزم هي بمواصفات الحكومات المحترمة ولن تكسب رضا المجتمع الدولي وستضيع عليها الحوافز القيمة التي وضعها للدول المتعاونة معه في هذه القضية (وكمان معاها فضيحة ) .الحكومة أوجعها التصنيف لأنها كانت (فاتحة خشمها ) لتلك الحوافز . عيب حكومة المؤتمر الوطني انها دائما تهتم بالقضايا التى تجد من خلفها حوافز ورضا المجتمع الدولي وهذا يفسر سر إهمالها لمشاكل الشعب التى تتكاثر وتنمو يوما بعد يوم فهي تنتظر تحفيز المجتمع الدولي لتقوم حتى بواجبها. لن تنتهي سلسلة التقارير التي تضع السودان في القوائم السوداء ما لم تتغير عقلية الحكومة تجاه التعامل مع مشاكل الشعب فهي إن لم تضع رفاهية الشعب هدفها الوحيد وتعمل من أجله بكل إخلاص ووفاء ،مثلما تفعل دول القوائم البيضاء ،فلن يخرج السودان من القوائم السود . التيار