تلقي الولاياتالمتحدة، الوسيط الرئيس في اتفاق السلام الشامل الموقع العام 2005، ثقلا دبلوماسيا واقتصاديا ضخما خلف تدشين جمهورية السودان الجنوبيالجديدة في التاسع من يوليو، حسبما يرى المحللون. فالمسؤولون الاميركيون يشيرون إلى اعتزام الوكالة الاميركية للتنمية الدولية (يو.اس.ايد) مواصلة مستوى دعمها للجهود التنموية في الجنوب عندما يتراوح بين 250 مليونا و300 مليون دولار سنويا، وذلك رغم الصعوبات المالية التي يمر بها الاقتصاد الاميركي. وقال مسؤول بالحكومة الاميركية لوكالة «فرانس برس» إن الحكومة الاميركية «ستواصل التزامها بدعم تنمية هذا البلد الجديد على نفس مستواها السابق، مشيرا الى ان الجنوب، الذي يعاني من افتقار هائل الى التنمية، لن يسقط من الحسابات الدولية بعد استقلاله. وبعد ان انهى اتفاق السلام الشامل لعام 2005، 22 عاما من الحرب الاهلية، بدأت واشنطن برامج لدعم الصحة والتعليم والزراعة ومد الطرق وشبكات المياه والكهرباء في المنطقة التي كانت تتبع الخرطوم حتى عهد قريب. كما بدأت الولاياتالمتحدة برامج اخرى لتدريب المسؤولين في جنوب السودان الذي تمتع بحكم ذاتي منذ ست سنوات قبل ان يختار باغلبية ساحقة الاستقلال الكامل في استفتاء تقرير المصير في يناير. كما مولت هيئة المعونة الاميركية برامج لحل الصراعات من قبيل تشجيع الشباب في الجنوب على ايجاد وظائف بدلا من السطو على الماشية. وتسعى واشنطن لدعم الزراعة لما يتمتع به الجنوب من امكانات اقتصادية هائلة قابلة للتحقق على هذا الصعيد، كما تساعد في تنويع النشاط الاقتصادي بحيث لا يقتصر على الصناعة النفطية التي تمثل زهاء 98 في المئة من العائدات الحكومية. ويقول محلل الشؤون السودانية جون تيمين انه رغم ما تتعرض له الموازنة الاميركية من ضغوط ما يشير إلى احتمال تأثر برامجها الخارجية لدعم التنمية، إلا أن «جنوب السودان يبقى أولوية حقيقية بالنسبة للحكومة الاميركية على الصعيد الإفريقي وحتى العالمي». ويقول تيمين الذي يرأس برنامج السودان بالمعهد الأميركي للسلام: «من ثم أتوقع أن تستثمر الولاياتالمتحدة الكثير في الجنوب على المدى الطويل». ويضيف أن الولاياتالمتحدة "تبنت تبنيا حقيقيا عملية السلام» في الجنوب، كما انها «عملت على تعزيز صداقة حقيقية» مع جنوب السودان لأسباب انسانية ودينية. ويضيف ان الشركات الاميركية قد تستثمر على المدى الطويل في الصناعة النفطية للجنوب. ويتفق تيمين مع غيره من المحللين في توقعهم ان تواجه واشنطن وغيرها من اللاعبين الدبلوماسيين مثل بريطانيا والنرويج والبلدان الافريقية تحديات مستمرة في مسعاها لتسوية النزاعات العالقة في فترة ما بعد الاستقلال في التاسع من يوليو. ومن بين تلك النزاعات ما يتعلق بترسيم الحدود بين الشمال والجنوب فضلا عن تقاسم الثروة النفطية والمواطنة بالنسبة للجنوبيين المقيمين في الشمال والشماليين في الجنوب، وتخفيف عبء الدين السوداني الذي يناهز 38 مليار دولار. تحذير من ضياع الجهود إلى ذلك، تحذر المحللة في معهد كارنيغي للسلام الدولي مارينا اوتاواي من ضياع الجهود الاميركية المبذولة مع تجدد العنف الحدودي في ابيي وجنوب كردفان. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن اوتاواي قولها إن «المشكلة انه مهما كان حجم الجهد الذي تبذله الولاياتالمتحدة، إلا أن الآفاق لا تبدو جيدة في الوقت الراهن»، مشيرة إلى مخاوفها من دعم احد الجانبين لميليشيا تنشط في الجانب الآخر من الحدود لإثارة التوترات.