لو أن النور الذي إدعى ملكية الجزء الشمالي من مستشفي أمدرمان،إدعي ملكية متر مربع واحد من أرض الأوقاف التي أصبحت في غفلة من الزمن مستوصف الزيتونة،لكان اليوم في غرفة مظلمة بلا أي نور،إسمها حراسة أو سجن أو بيت أشباح،ولتم تقديمه لمحكمة الإرهاب بتهمة الإزعاج العام أو الحرابة،ولربما صدر القرار بنفيه في الأرض أو صلبه أو قطعه من خلاف كما حكمت محكمة مؤخراً على بعض متهمين رماهم الحظ العاثر في طريقها. ولكن سيناريو تجفيف المستشفيات الحكومة له وجوه متعددة تدخل من ضمنها شهادات البحث المضروبة،وإنشاء المستوصفات الخاصة داخل حرم المستشفيات العامة،مثلما كان الحال عليه في الجزء الجنوبي من مستشفي الخرطوم سابقاً،أو مستشفي البقعة الكائن في الجزء الشمالي الشرقي من مستشفي أمدرمان،أو المركز المتطور الكائن داخل مستشفي بحري،وهكذا يتم التخلص من القطاع العام في الصحة،لفائدة القطاع الخاص الإنتهازي الطفيلي،ولا تقف هذه المؤامرة الخبيثة عند هذا الحد،بل يتزامن معها التضييق على الأطباء في المستشفيات الحكومية،وبهدلتهم،وسلب حقوقهم،وفصلهم بمجالس محاسبة فورية متي ما اعتصموا أو أضربوا،وتقديمهم للمحكمة إذا عالجوا المرضي مجاناً،وجلدهم وضربهم وهم يؤدون واجبهم الإنساني،والهدف تطفيشهم من القطاع العام،إما هاجروا أو صاروا سماسرة علاج داخل المستوصفات الخاصة. وحجم المؤامرة علي القطاع العام في الصحة يتسق مع حجم الأموال الهائلة التي تجنيها المستوصفات الخاصة،من المال العام سواء أكان باسم التأمين الصحي،أو العلاج المدفوع بنسبة 100% لأصحاب المناصب الدستورية،وكلما أغلق مستشفي حكومي،كلما زاد تردد المرضي علي المستشفيات الخاصة،طالما كان المرض متفشي،وبالتالي تزداد أرباح ورساميل من جعلوا العلاج (بزنس). وإن كان الشئ بالشئ يذكر فاستنزاف المرضي في المستوصف الخاص حالة دائمة تشهد عليها الفحوصات المعملية الكثيرة (الوهمية)،حتي ولو كان المرض نزلة برد،والإصرار على تنويم المريض وإن كانت الحالة لا تستدعي،والإصرار على صور الأشعة بأنواعها المختلفة،والرنين المغنطيسي،حتي آخر مليم في جيب المريض ومرافقيه،وحالما يفلس(شقي الحال)فإنه ينصح بترك المستوصف والذهاب للحوادث في أي مستشفي عام،أو يموت بالإهمال داخل المستوصف الخاص،فيطلب من ذويه دفع المتبقي قبل تسليمهم(الجنازة). وتتشابك مصالح سماسرة الصحة،مع سماسرة الأدوية،والمعدات الطبية،وتوجيهات صندوق النقد الدولي،ولا هدف لهم إلا محو المستشفيات الحكومية من الوجود،فكم من مركز صحي حكومي صار مملوكاً لمتعهد خاص،وحتي الإمدادات الطبية صارت(صندوق)تجاري علي خطي صندوقي المعاشات والتأمينات. سيهزم الشعب المؤامرات التي يحيكها السدنة،وكل معركة تزيد من رصيد الإنتفاضة القادمة،التي لن تكنس مستوصفاتهم(القاتلة)،بل تكنس نظامهم الذي يركب في عربة(الفرملة)في القطار الإمبريالي،ولا تمييز للحربوية في طابور السحالي. [email protected]