حينما كانت الأخبار تأتي من شرق السودان عن إنجازات الرجل، لم يكن وارد المعلومات نقياً، فقد شابته شوائب كثيرة، وخاصة بعدما أشيع على نطاقٍ واسع، أن محمد طاهر إيلا، الذي تمكّن من تحويل بورتسودان إلى مدينةٍ بمواصفات عالمية، يُراهن على "ميكانيزمات" محددة و"آليات" بعينها، ويستعين برجال محددين. وتلك كانت مذّمة كبيرة تنتقص من إنجازات الرجل..! الثابت، أن وارد أخبار الشرق، لم يتوقف عند هذا الحد، فقد فشا بصورة واسعة، أن والي البحر الأحمر محمد طاهر إيلا، يغطي يديه ب"جورب ناعم". في إشارة إلى أن الرجل يخفي في خصيصة نفسه، سماتٍ تميل إلى خوض المعارك مع خصومه من وراء حجاب أو جُدر..! لكن هذا الوضع لم يستمر كثيراً، فقد طفا إلى السطح، النزاع الشهير بينه والقيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني "محمد طاهر أحمد حسين"، الملقب بالبلدوزر، والذي انتهى بالأخير مُبعداً من كابينة القيادة، تُشيّعه اتهامات مُزعجة. ويبدو أن "إيلا" الذي تمت تسميته والياً على ولاية الجزيرة، لا يزال مسكوناً بالإحساس بالمؤامرة. فقد طفق يعيد ذات السيناريو الذي كان حادثاً في ولاية البحر الأحمر. فقبل سنوات من الآن غادر الرجل إلى السعودية، وهناك مكث أياماً طويلة، وأشيع – حينها – أنه في رحلة علاجية، قبل أن تتكشف الحقيقة لاحقاً، ويتأكد الناس من أن محبوب مواطني الشرق، خرج مغاضباً. الآن، يوشك التاريخُ أن يعيد نفسه، بعد أن حزم والي ولاية الجزيرة محمد طاهر إيلا، حقائبه وحطّ رحاله في البلاد، عائداً من القاهرة، التي أشيع أنه ذهب إليها مستشفياً. وهي المعلومة التي ثبت أنها غير صحيحة، أو أنها غير دقيقة..! فقد برهن "إيلا" على أنه ذهب إلى مصر مغاضباً وغير راضٍ. وهو ما يدلل على تكرار سيناريو البحر الأحمر، خاصة أن الرجل خاض – فور عودته - معركة كسر العظم، مع خصومه داخل المؤتمر الوطني، الذين نعتهم ب"الخفافيش"..! الراجح، أن "إيلا" سينزع عن يده "الجورب الناعم" مرة أخرى، وسيبتدر مرحلة جديدة من الصراع المعلن، مع إخوانه في الحزب الحاكم. وظني أن الرجل بذلك سيكون قد وقع في "فخ الديكتاتور"، الذي نصبه له غرماؤه بعناية، ذلك أن "إيلا" سيجد نفسه مُضطراً لإبعاد بعض الوجوه من دائرة اتخاذ القرار، وهو ما يجعله مُصنّفاً عند كثيرين بأنه رجل إقصائي، لا يحتمل الرأي الآخر. وهنا سيُعاب على الرجل، أنه وقع في أُحْبُولة الصراعات سريعاً، وبذلك يكون قد حقق مرامي وأهداف من نصبوا له تلك الأُحْبُولة. وظني، أن ذلك يمكن أن يعوق مسيرة الرجل، ويمكن أن يبدّد أحلام أهل الجزيرة، الذين راهنوا على "إيلا"، لانتشال ولايتهم من الوهدة العميقة، التي تموضعت فيها، جراء السياسات المتخبطة. قناعتي، أن مستقبل "إيلا" سيكون غامضاً، وأن طريقه في الجزيرة، لن يكون مفروشاً بالورود، بعد أن خرجت الصراعات إلى العلن..! وهو ما يعني مزيداً من الضرر، على إنسان الجزيرة ومشروع الجزيرة، الذي وصفه "إيلا" بأنه يترنّح ويحتضر..! ولكن مع ذلك، فلا بأس من الربت على كتف "إيلا"، ذلك أنه قطع على نفسه عهداً، بأن يضرب أوكار الفساد والمفسدين، لأن تلك أمنية تتوافق مع المزاج العام لأهل الجزيرة. شريطة أن تكون يد الوالي باطشة وطويلة وغير انتقائية، بحيث تطال كل مفسد وكل متجاوز، بمن في ذلك المرأة المخزومية، وبما في ذلك ناقة "ابن" الأكرمين، حتى تتوفر العدالة الاجتماعية في أبهى صورها..! (الصيحة)