تعد أغاني الأطفال من أهم وسائل التنشئة الاجتماعية، لأنها تساهم في تكوين شخصية الصغار، التي بدورها تندمج مع المجتمع بصورة تربوية مبنية على قيم عليا في ما يتعلق بالأدب والتربية السوية. كتب عدد من الشعراء السودانيين الروائع لأجيال المستقبل وبرع بعض الفنانين في تقديمها بصوتهم الموشى بالحنين والشجن ونشروها للصغار، فاحتلت القلوب إلى الأبد، وتميز الراحل محمود عبد العزيز والنور الجيلاني وصفوت الجيلي، بجانب عدد من الفرق الموسيقية في تقديم هذه الجماليات ليتفاعل الأطفال مع هذا المنتوج الأدبي، الأمر الذي ترك أثرا بالغاً في وجدانهم وسلوكهم ونمط تفكيرهم. صوت وإيقاع ووزن وفي السياق، تقول المشرفة التربوية تهاني أحمد ل (اليوم التالي): تعد كلمات أغاني الأطفال من أروع ما كتب من قصائد كقيمة ثقافية وتربوية هي الانتماء والخصوصية، وتصنف أيضاً ضمن أفضل الأجناس الأدبية في التراث الشعبي باعتبارها صوتا له إيقاع ووزن ومعنى يستجيب لمواقف معينة. وتضيف: أغنيات الصغار لا تقوم بوظيفة جمالية ولا تستجيب إلى مقتضيات التعبير الفني فحسب، ولكنها تقوم بدور تربوي وتثقيفي بل وتعليمي إلى جانب العمل على زرع المبادئ الدينية والأخلاقية والاستجابة للوجدان الجماعي سواء أكان أسرياً أو مجتمعياً. خارج الخارطة الغنائية أما أستاذ علم الاجتماع النذير الفاتح فيقول: مع كل أسف تراجع هذا النوع من الأغنيات وبات خارج الخارطة الغنائية في السنوات الأخيرة بسبب عدم الاهتمام بهذا الأدب. وأضاف: أغنيات الأطفال ساهمت بشكل مباشر في تغيير سلوك الصغار عبر الرسائل التي تحتويها تلك الأغنيات على شاكلة (أوعك تقطع صفقة شجرة) التي تغنت بها فرقة (ألوان الطيف)، وهي تمضي في اتجاه التحذير من القطع الجائر في الغابات، علاوة على لفت انتباه الطفل لضرورة المحافظة على الأزهار المزروعة في المنازل. وأردف: هناك أغنية أخرى لذات الفرقة بعنوان (يلا نعمل للوطن)، وهي تحفز للعمل الوطني ورفع الهمة، إضافة إلى (اقتراح) التي تدعو إلى زراعة الاشجار حول المنازل والمدارس وجميع الشوارع. واستطرد: قدم محمود عبد العزيز (دنيتنا الجميلة) التي تدعو للتفكر في قدرة الخالق وذلك لتقوية إيمان الطفل فضلاً عن رائعة النور الجيلاني (خواطر فيل) التي توجه رسالة للأطفال بضرورة الاستماع إلى توجيهات الكبار خاصة الوالدين وعدم الابتعاد عن محيط الأسرة إضافة إلى أغنية صفوت الجيلي (يا طالع الشجرة)، وهي تحتوي على حُكم قيمة رفقة رائعة الأردنية كارولين ماضي (بدري صحيت من نومي) التي تجسد شخصية الطالبة المجتهدة، بجانب (مشكرين ومقدرين يا معلمات ويا معلمين). منهج تربوي من جهتها، تقول فاطمة الفاتح (ربة منزل): هذا النوع من الأدب ساهم بشكل مباشر في نهوض المجتمعات وازدهارها لأنه عمل على توفير التربية الصالحة والقيم والمفاهيم الواعية القائمة على الأسس السليمة التي تصقل شخصيات الأطفال، وتربي نفسياتهم وتهذبها، وتوفر لهم روافد العلم والمعرفة والثقافة، وتحملهم على الكشف عن مواطن الذوق والجمال وتنمي في ذواتهم أواصر العلاقات الإنسانية والاجتماعية وتبعث الأمل في نفوس الكبار وتنبئ بمظاهر المستقبل الذي سيصنعه هؤلاء الصغار. وتضيف: هذه الأغاني في مجملها مبنية على منهج تربوي تثقيفي، أما أهم أشخاصها فهم الأم والأب والأخ والعمة والخالة، وأهم مفرداتها الحيوانات والطيور والأشجار والظواهر الطبيعية. واستطردت: مؤخراً اختفت أغنيات الأطفال من المشهد بصورة لافتة اليوم التالي