أنهت اللجنة الطارئة للنظر في التعديلات الدستورية بالبرلمان الجدل الكثيف الذي دار حول مقترح (الزواج بالتراضي)، بإسقاطه في مرحلة العرض الثالث، والاستعاضة عنه بالمادة (15) من دستور السودان لسنة 2005م، والذي دفع به المؤتمر الشعبي من خلال الحوار الوطني ضمن عدد من التعديلات، وتمسك بإجازتها دون إضافة أو تعديل، بل ربط الشعبي مشاركته في حكومة الوفاق الوطني المرتقبه بتمرير التعديلات، مما يضع قرار اللجنة الطارئة للشعبي في عقدة المنشار . أصل الحكاية في وقت سابق وقع خلاف بين رئيسة اللجنة بدرية سليمان والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر في اجتماع لجنة التعديلات الدستورية مع اللجنة التنسيقية العليا للحوار الوطني، واتهم الأخير بدرية بتزوير مسودة التعديلات، وتحفظت بدرية على الرد على تلك الاتهامات، إلا أن كمال استمر في هجومه على بدرية، وقال إنها تسعى للفت الأنظار . بالمقابل استمرت لجنة التعديلات الدستورية في عقد اجتماعاتها إلى أن وصلت أمس الأول على اجتماعها رقم خمسة الذي من خلاله أسقطت المادة المقترحة للتعديل الزواج بالتراضي، وكانت اللجنة في اجتماع سابق قد ناقشت التعديلات مع جهاز الأمن والمخابرات، وخبراء في مجال الأمن الذين رفضوا التعديلات، وخصوصاً فيما يتعلق بصلاحيات جهاز الأمن، بالإضافة إلى اجتماع ثاني مع مجمع الفقة الاسلامي، وأنصار السنة والصوفية، وهم أيضاً مضوا في ذات الاتجاه الذي سلكه الأمن الرافض للتعديلات . ومضت مسيرة اللجنة إلى أن منعت التصريح للصحفيين عقب الاجتماع بداعي أن ما يدور داخل أعمال اللجنة شأن داخلي ليس قابل للنشر، وكان ذلك مدعوم من رئيسة اللجنة بدرية التي أمرت إعضاءها بعدم التصريح للصحفيين عقب الفراغ من اجتماعهإ، إلا أن الصحفيين في الاجتماع الخامس والأخير للجنة استطاعوا أن يزيحوا الستار حول ما دار في الاجتماع الذي توصل إلى إسقاط مقترح المادة والبقاء على المادة الموجودة في الدستور الحالي التي تخص الزواج . تهديد بنسف الحوار الثابت أن التعديلات التي على منضدة اللجنة الطارئة تمر بعدد من المراحل، ومن ثم ترفع كتوصيات للجمعية العمومية للمجلس الوطني لاتخاذ قرار نهائي بشأنها، وهذا ما أكده القيادي بالمؤتمر الشعبي عمار السجاد بقوله إن البرلمان لم يسقط (زواج التراضي) إنما تم إسقاطه من جانب اللجنة التي كونها البرلمان، وهي مكلفة برفع توصيات فقط، وما حدث أنها أجرت تصويتاً وجاءت الغلبة فيه بإسقاط المادة، وتمسك السجاد في حديثه ل(آخرلحظة) بالنص الوارد في الحوار باعتباره يمثل إجماع أهل السودان، وقال ليس من حق البرلمان تعديل شولة، واعتبر ما يحدث من اللجنة "ونسة وطق حنك" ووصفه بالسيناريو المفضوح، وقطع بأن اللجنة والبرلمان ليس لديهم الحق في تغيير أو إضافة شولة للتعديلات، وأوضح عمار أن التعديلات ملزمة لكل الأطراف، وأن رئيس الجمهورية ملتزم بها ووافق عليها وأودعها بنفسه للبرلمان، وقال السجاد إن إسقاط زواج التراضي مدخل لتعديل الحريات المتعلقة بجهاز الأمن الوطني وبقية التعديلات، وهدد بنسف الحوار في حال عدم إجازتها، وأبان أن التعديلات خط أحمر لا تقبل المساومة، تيقن الشعبيين مصادر استبعدت أن يعصف إسقاط مادة زواج التراضي بالحوار، وخروج المؤتمر الشعبي باعتبار أنه وافق على المشاركة في الحكومة المقبلة، رغم الحديث السابق بأن مشاركتهم مرهونة بإجازة مخرجات الحوار، وخاصة فيما يتعلق بورقة الحريات، من قبل تيار عريض كان رافضاً للمشاركة، وحتى الذين كانت لديهم الرغبة في المشاركة كانوا يناورون ويرهنونه بإجازة ورقة الحريات لما تمثله من رمزية للشعبيين خاصة، وأنها آخر مخطوطة خطها زعيم الحزب الراحل حسن الترابي، لكن يبدو أن الشعبي قد تيقن من عدم إجازة ورقة الحريات، كما كان يحلم بعد أن علم بنوايا الوطني الذي أكد في أكثر من مناسبة عدم تمرير المواد موضع الخلاف بحالتها الراهنة . اخر لحظة