الزراعة والري تصدر إنذاراً أحمر بخطورة قصوى لفيضانات متوقعة    البرهان يتفقد مدينتي بارا والأبيض    بعد الخماسية.. أصوات صراخ وبكاء في غرفة ريال مدريد    المريخ يسقط أمام لوبوبو بعد طرد مثير للجدل!    بالفيديو.. بعشرة لاعبين المريخ يخسر أمام سان لوبوبو في ذهاب الدوري التمهيدي لإبطال أفريقيا.. شاهد ملخص المباراة وفرص المريخ الضائعة    (الجاموس لن يكون عصياً على نجوم الأسياد)    كريستال بالاس يذيق ليفربول مرارة الأهداف القاتلة    السودان..وفاة وزير سابق    اشتباكات عنيفة داخل صفوف ميليشيا الدعم السريع وأنباء عن مقتل قائد بارز    رئيس الوزراء يلتقي وزير الخارجية الروسي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك    كوريا الشمالية تقترب من تطوير صاروخ نووي قادر على ضرب أمريكا    بعد عودة علاقاته مع ترامب.. ماسك يفوز بعقد حكومي لتوريد «غروك»    بسبب خلاف بين كلب وقطة.. أغرب قصة طلاق زوجين في الهند    جبريل يزور القائد/ شيبة ضرار    وزير الشباب والرياضة يمهّد لشراكات استراتيجية لدعم اقتصاديات الشباب ومعالجة قضاياهم    القبض على 3 أصحاب مخابز استولوا على أموال الدعم    حقيقة إعفاء المصريين من الرسوم الجمركية للهواتف المحمولة    الحدث الأكبر في الشرق الأوسط.. قطر تفوز باستضافة بطولة العالم للكرة الطائرة للرجال 2029    رئيس إتحاد المهن الموسيقية يعلق على قرار فصل الفنانة عشة الجبل: (فقدت عضويتها بسبب عدم الالتزام باللوائح)    والي سنار يصدر قراراً بتكليف صلاح قلاديمة مديراً لمنشأة سنار عاصمة الثقافة الإسلامية    النجمة العالمية ريانا تستقبل مولودها الثالث    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    والي نهر النيل يطلع على ترتيبات دخول خمسة آلاف فدان للموسم الشتوي في محلية البحيرة    الاهلي مدني في مواجهة حاسمة أمام النجم الساحلي في سوسة    أشاد بوقفة الشرفاء من القانونيين والاعلاميين ..دكتور برقو: طريق الخلاص شاق وصعب وسنمضي فيه حتى ينبلج الفجر    شاهد بالصورة والفيديو.. برئاسة "حميدتي".. اجتماع لحكومة تأسيس فوق "البرش" وأمام "كفتيرة الشاي" في غياب "الحلو" وساخرون: (سبحان الله من القصور للبروش)    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تهدي نفسها آيفون 17 وتقول: (هديتي لعيد ميلادي اشبكوني مبروك دسيس)    الطاهر ساتي يكتب: حمى الصراع ..(2)    شاهد بالفيديو.. "عندكم أولاد وأمهات".. الفنانة ندى القلعة تحسم الصراع الدائر والحرب المشتعلة بين المطربتين عشة الجبل وهبة جبرة    شرحبيل أحمد... ملك الجاز السوداني الذي حوّل الجيتار إلى جواز سفر موسيقي    الرواية... الفن والدور السياسي    تلاعب أوكراني بملف القمح.. وعود علنية بتوسيع تصديره لأفريقيا.. وقرارات سريّة بإيقاف التصدير    بعد تسجيل حالات..السلطات الصحية في الشمالية تطلق صافرة الإنذار    إغلاق مقر أمانة حكومة جنوب دارفور بنيالا بعد غارات جوية    حسين خوجلي يكتب: بعد جرح الدوحة أليس من حقنا أن نتسائل أين اليمين العربي؟    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلايب بين أماني المواطنين والواقع المفروض
نشر في الراكوبة يوم 25 - 03 - 2017

تثار قضية حلايب من وقتٍ لآخر وفي المواسم السياسية كشعار يتبناه القادة السياسيون استجابةً لمشاعر مواطنيهم الذين ظلوا يحلمون بحسم هذه القضية. ويتنازع الشقيقان السودان ومصر حول تبعية (المثلث) والصراع حول حلايب هل هو تنازع حول (الأرض) أم المواطن المقيم على تلك الأرض؟
فحلايب هي أرض (البشاريين والعبابدة) ويقول المؤرخون إن (البجا) وهنا نعني (البشاريين) تتوغل حدودهم داخل الأراضي المصرية حتى (أسوان), حتى أن الإخوة في مصر يطلقون على اللون الأسمر (أسواني).
والبشاريون كانوا هنا قبل أن ترسم الحدود بين السودان ومصر. وكلمة (حلايب) تعني نوعاً من النباتات وهي ذات معنى في اللغة البجاوية, ولطالما كان (المثلث) هو موطن البشاريين قبل أن تفصل الحدود, علينا أن نأخذ برأي المواطنين المقيمين في تلك البقاع.
والبشاريون الآن يقطنون في السودان ومصر إلا أن معظمهم تميزهم عن مصر الثقافة البجاوية السودانية وتحكمهم أعراف البجا والتقاليد السودانية, وأذكر أنني زرت في العام (1984م) منطقة (شلاتين) المتنازع عليها في معية المرحوم حامد علي شاش الحاكم الأسبق للإقليم الشرقي, وقد كلفه السيد عبد الله خليل للذهاب لتلك المنطقة ممثلاً لحكومة السودان, أقلتنا طائرة (هليكوبتر) من بورتسودان إلى حلايب ثم انتقلنا إلى شلاتين بعربة (لاندروفر), ورغم أن العربة كانت تحمل علم الحاكم إلا أن الشرطة المصرية في النقاط المبعثرة على المنطقة من (أبو رماد) إلى (شلاتين) أوقفت عربة السيد الحاكم عدة مرات بقصد إفهامنا أن الأرض مصرية, وعند وصولنا إلى قرية (شلاتين) استقبلنا الأمن المصري وهو يتقدم زعماء قبيلة البشاريين الذين اصطفوا لمقابلتنا, وظل يعرف الزعماء بالسيد الحاكم كأننا أجانب أو كأن البشاريين مصريون. وكان الضابط يقول للزعماء البشاريين (سلموا عليهم ما فيهاش حاجة, إخوانكم يعني), كأننا لا نعرف زعماء البشاريين وأنهم لا يعرفوننا, وفي مكان الضيافة وقف شيخ البشاريين ليرحب بالسيد الحاكم وبدأ خطبته بلغة البجا إلا أن المخابرات المصرية التمست منه أن يتحدث باللغة العربية فاستجاب الزعيم لطلبهم إلا أنه في نهاية الخطب رطن باللغة البجاوية مخاطباً المرحوم شاش قائلاً: (بعدين نديك الخبر) أي بعد أن ننفرد بك بعيداً عن مسامع الاستخبارات المصرية.
كان الضيق من هيمنة المجتمع المصري بادياً في أحاديثهم, وكان المصريون قد سيطروا على سلوك المواطن وحددوا تحركه وصادروا حريته وذلك بالإغداق على المجتمع الفقير بالخدمات ومدهم بالغذاء والماء وتخصيص منح للطلاب بالقاهرة وتوفير الوجبات للتلاميذ في مراحل التعليم الأساس.
إذن قضية حلايب قديمة ومتجددة, وهي قبل مجيء مؤتمر البجا إلى سدة الحكم وقبل مجيء ثورة الإنقاذ الوطني, ولقد أهملت الحكومات السودانية المتعاقبة أهلنا البشاريين الذين تصدوا لغزوات الفراعنة
والرومان, ولكننا تركناهم للمجاعات والجفاف حتى أصبحوا في مهب الريح بعد أن جفت الأرض ونفقت الثروة الحيوانية, نسيناهم وأهملناهم حتى ظلت تسيطر على أعرافهم وثقافاتهم أعراف وثقافات (غريبة) على مجتمعنا البجاوي السوداني.
إننا في السودان نثور ونلهب المشاعر حتى نصل درجة الاشتعال, ثم فجأة يخمد الاشتعال ونغط في نوم عميق وكأنما لم تكن هناك قضية وكأنما لم تكن (حلايب) في خارطة العالم.
إن إهمال السنين يولد الاغتراب النفسي ويباعد النفوس ويذيب الشخصية, وليست هناك صراعات دموية ولا منازعات قبلية بين السودانيين والمصريين على نحو ما يجري في أنحاء أخرى من الوطن ورغم ذلك فإن اللجوء إلى المحاكم العالمية قد يرضي الأطراف المتنازعة ويحسم أمر تبعية الأرض, واللجوء إلى (لاهاي) يقفل الأبواب ويتيح للحكومتين تعمير المنطقة بمشروعات التكامل التي تعضد أواصر الإخاء بين الشعبين.
إن الإهمال يولد الأحقاد ويوسع شقة الخلافات بين الحاكم والمحكوم, ونحن في السودان بدلاً من أن نتباكى على مصير مواطنينا ونجتر الذكريات ونثير العواطف, علينا أن نشكل حضوراً مكثفاً وأن نتماهى ونتفاعل معهم وننثر العلم في ربوعهم ونمسح غبار النسيان من على وجوه الكادحين ونغذي عقولهم بجرعات من الدروس والعلوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.