الحق أن المقاربة المشار إليها فى عنوان المقال ليست جديدة و قد فسرت سورة التكاثر بنفس الطريقة لدى معظم المفسرين رغم الاضافة فى الشرح من عندى لكن الاصح أنها مقاربة متروكة أو مهملة. وهذه هي: أَلْهَاكُمُ ((التَّكَاثُر))ُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)التكاثر. المعنى الاول الذى ينقدح فى الذهن مختلف تماما عن المعنى الثانى الذى ينتج من الكلمات و المعانى المتشابهة, اقرأ قوله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ((تَكَاثُر))ٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)الحديد كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)النازعات.ِ أى إنشغلتم بالتكاثر و التنافس فى جمع ملذات الدنيا و نسيتم الايمان و العمل الصالح إلى أن توفيتم, و بقيتم فى البرزخ لمدة قصيرة (زمان نسبى) لا يتجاوز الساعتين(عشية أو ضحاها),أى بقاء أجسادكم فى المقابر و أرواحكم فى البرزخ لم يستغرق أكثر من مدة زيارة قصيرة, هذه كانت أول مرة يشار فيها للإنسان عن مفهوم نسبية الزمان قبل آينشتين!! البحث عن المعنى الاصطلاحى هنا أقرب فى عرف الرياضيات بالبحث عن القاسم المشترك الاعظم. وصلا للمقال السابق يبدو من تعليقات بعض القراء الكرام واضحا أثر الافكار المسبقة فى فهم سياق المقال, لا أنكر وجود المجاز فى القرآن الكريم لكن هذا ليس موضوعنا, لكن الموضوع الاساس هو العثور على المعنى الاصطلاحى فى القرآن الكريم لمعانى الكلمات حتى يمكن سبر غور بعض الآيات,من بعض الاعتراض هو جملة هن لباس لكم و أنتم لباس لهن,مما يؤكد المعنى الذى ذهبت إليه فى المقال السابق أن المقصود باللباس ليس أنهما يلبسان بعضهما عند العلاقة الحميمة أو يستران بعضهما بالحلال و المعنى الذى اقصده موجود فى ثنايا الآية نفسها ,قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ), كان الاصل فى الصيام أن يمنع النكاح فى رمضان مطلقا,لكن الكثيرين لم يستطيعوا الالتزام,فحلل الله سبحانه ذلك بأن الطرفين لا يستطيعان مقاومة سلطان الغريزة و هو حجاب على العقل المكلف(علاقة سببية تبين علة الاباحة), و الغريزة ليست شيئا ماديا بل هو شعور فى العقل يترجم للغة الجسد, مع إحترامى لمن علق و لكن لا يكون الاجتهاد إجتهادا و المجتهد يأتى بما قاله الآخرون. لنتأكد من معنى كتاب مكنون و الذى لم يستسغ بعض القراء المعنى المستنبط فلنتتبع كلمة كن و مشتقاتها: وَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ مَا يُعْلِنُونَ(74) النمل, وَ رَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ مَا يُعْلِنُونَ(69) القصص, و منهم من يستمع اليك و جعلنا علي قلوبهم اكنه ان يفقهوه و في اذانهم وقرا و ان يروا كل ايه لا يومنوا بها حتي اذا جاوك يجدلونك يقول الذين كفروا ان هذا الا اسطير الاولين(25) الانعام, و جعلنا علي قلوبهم اكنه ان يفقهوه و في اذانهم وقرا و اذا ذكرت ربك في القران وحده ولوا علي ادبرهم نفورا(46) الاسراء, و من اظلم ممن ذكر بايت ربه فاعرض عنها و نسي ما قدمت يداه انا جعلنا علي قلوبهم اكنه ان يفقهوه و في اذانهم وقرا و ان تدعهم الي الهدي فلن يهتدوا اذا ابدا(57) الكهف, و قالوا قلوبنا في اكنه مما تدعونا اليه و في اذاننا وقر و من بيننا و بينك حجاب فاعمل اننا عملون(5) فصلت, وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ(81) النحل. واضح جدا أن الكن بكسر الكاف هو الستر عن الاعين أو الاخفاء . كلمة جعل و مشتقاتها: هذه كلمة سحرية فى القرآن فبالرغم من أنها كلمة واحدة إلا أنها مفعمة بالمعانى و تحل كثيرا من الأسرار كما سنرى, قال تعالى : يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)ص , ۞ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة, وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) الاعراف, وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة, قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)يونس, وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)النبأ, فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ(82) هود. يتبدى لنا هنا هنا أن جعل سيدنا آدم خليفة لا يعنى خليفة الله فى الارض تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل سيدنا أدم يخلف بشرا آخرين قبله و الجعل يكون بشخص موجود أصلا فيصير خليفة لآخرين, أو سيدنا إبراهيم يصير إماما, الجعل يكون فى تغير نظرتك أو إستخدامك لشئ موجود فعلا فمثلا إن كان الخنزير حلالا فلا تغيير فيه و هو موجود و لكن الله يجعله حراما, قرية سيدنا لوط كانت موجودة كاملة لم يتغير فيها شئ و لكن جعل عاليها سافلها أى قلبت ثم أكمل عليها باقى العذاب,أما الشمس فأمرها عجيب كانت موجودة أصلا كسحابة غازية ضخمة ثم إستجابت لتفاعلات الاندماج النووى فتوهجت بالحرارة و لذا قالت الآية فجعلنا سراجا وهاجا. المعنى المشترك لجعل هو تغيير كنه شئ ما موجود أصلا إما تغييرا ماديا أو إعتباريا كلمة بدا و مشتقاتها: بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَ لَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(28) المائدة, ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ(35)يوسف, وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ بَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ(47) الزمر, وَ بَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَ حَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(48) الزمر, وَ بَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَ حَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(33) الجاثية, قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَ بَدَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَ الْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ مَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنَا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ(4) الممتحنة, يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَ مَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ(118) آل عمران, فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22) الاعراف, فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121) طه. يتبدى لنا أن الفعل بدا لا علاقة له بمجرد النظر بالعين و لكن معناه الاصطلاحى القرآنى هو إنكشاف فكرة أو إحساس لدى شخصين أو أكثر نتيجة لموقف محدد لا غير!! كلمة سوءة و مشتقاتها: فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31) المائدة, فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَ قَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ(20) الاعراف, فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22) الاعراف, يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشًا وَ لِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(26) الاعراف, يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27) الاعراف, فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121) طه. الناظر للآيات السابقة يظن أن السوءة هى العورة و لكن جثة هابيل التى بدأت فى التحلل ليست بعورة للجهاز التناسلى فما الحل؟ المعنى الاشمل هنا هى ما يشين ظهوره و المعنى هنا الطباع السيئة المركوزة فى باطن قلب الانسان و التى يكبتها الضبط الاجتماعى أو الدين و السيئة هى خروج هذا الطبع السئ فى شكل فعل إرادى أما السوآى فهى السيئة العظمى أو الكبرى أنظر قوله تعالى: وَ الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(153) الاعراف, ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)الروم. الاستخدام القرآنى الاصطلاحى للسوءة هو ما يشين ظهوره و خارج القرآن كذلك مثال(إنكشفت سوءة النظام) و من النادر خارج القرآن أن يطلق على العورة سوءة . أهبطا و مشتقاتها: أَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) البقرة, قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) البقرة, وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة,قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)الاعراف, قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) الاعراف, قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) هود, قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) طه, ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) البقرة. نري هنا خمس إستخدامات للهبوط بحسب السياق:- 1-هبوط الاحجار من اعلا إلى أسفل بقدرة الله و هذا أمر لا خلاف فيه. 2- هبوط إبليس و هذا يفسر بخروجه من رحمة الله أى القرب منه مثال : ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)مريم, فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف, و القرآن نفسه يفسر ذات المعنى فى آية أخرى و من المعلوم أن أصفياء الله لا يتكبرون: قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ(13) الاعراف. 3-هبوط آدم و زوجه من الجنة و قد فسره معظم المفسرين المتأثرين بالروايات و الافكار المسبقة بأن آدم هو أول البشر,فسروه بأنه هبوط من أعلا إلى أسفل و لكن الحق هو خروج من الجنة الارضية و إرتداد فى المنزلة و عودة إلى حياة التنقل و الحرمان و العداوة و القتال( بعضكم لبعض عدو). 4-هبوط قوم موسي المفترض عندما أعترضوا على حياة التيه فقال لهم موبخا (أهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) و هو بهذا المعنى سيكون إرتدادا فى المنزلة. 5- هبوط سيدنا نوح عليه السلام وهذا قد دعم المعنى الاصطلاحى القرآنى للهبوط فى المنزلة حيث قال تعالى : قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)هود. لولم يقل سبحانه و تعالى هنا (بسلام) لكان معنى الهبوط سيكون مختلفا و لكن جاءت هذه الكلمة لتبين أن هبوطه كان من أعلا إلى أسفل و كان قدرا حسنا. بالاشارة لما تقدم ذكره من تحليل لغوى بإستخدام الترتيل(الصف) و المتشابه فلا مجال لاعتبار الهبوط فى قصة سيدنا آدم أنه من الجنة للأرض و فى المقال القادم سنحاول قراءة القصة المثانية و ستكون مختلفة تماما عما يظن العقل الجمعى,لآ أدعى معرفة الحقيقة فلربما أكون على خطأ و لكن أرجو من القراء الجادين إن أرادوا التعليق أن يقرأوا المقالين السابق و الحالى سطرا سطرا بعقولهم هم لا بعقل الطبرى أو إبن كثير أو المعتزلة ووو,و إن فعلوا فعليهم ألا يسلموا بكل شئ عرفوه من قبل إلا أن إقتنعوا به.